مواقفنا في اتفاقية المناخ (عوداً على بدء) 1 - 2

  • 12/13/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الدافع لهذا المقال هو التقرير الذي نشرته مجلة New Internationalist بتاريخ 5 ديسمبر 2015 خلال اجتماعات مؤتمر المناخ في باريس COP21. يقول تقرير المجلة إن المملكة تعرقل (sabotage) الاقتراح الذي وافقت (أو على الأقل لم تعترض) عليه ولا حتى أمريكا وكندا وأستراليا (وهي الدول التي لديها احتياطيات ضخمة من الفحم والبترول الرديء) ناهيك عن تأييد بقية جميع دول العالم على رأسهم فرنسا (المضيفة للمؤتمر) وألمانيا إضافة الى أكثر من 110 دول في العالم. ثم تستطرد المجلة في سرد بعض التفاصيل المنتقاة بتحامل واضح ضد المملكة فهي تقول إن الدول المنتجة العملاقة للبترول (تعني المملكة) تحاول أن تنسف torpedo جهود ثلاث سنوات مضنية للجنة العلمية الحكومية للحث على الالتزام بخفض درجة الحرارة إلى 1.5 درجة (بدلاً من 2 درجة السابقة) فوق مستوى قبل الثورة الصناعية وتستطرد المجلة قائلة هذا يضع المملكة في موضع الاتهام بأنها تعطي الأولوية لاقتصادها المعتمد على البترول على حياة survival الأمم المعرّضة للانقراض. وتستعرض المجلة بعض العبارات المؤيدة للاقتراح على لسان عدد من مندوبي المناطق المعرّضة للخطر كمندوب المالديف طارق إبراهيم رئيس مجموعة الجزر الصغيرة AOSIS الذي يقول إن هدف 1.5 درجة هو بمثابة الحد الأخلاقي الأدنى moral threshold بالنسبة لبلاده. كذلك تقتبس المجلة وصفاً أطلقته شبكة النشاط المناخي على المملكة بتسميتها: Fossil of the day ثم تردد تصريحات متتالية مؤيدة للاقتراح من أبرزها تصريح رئيس بلدية مدينة نيويورك السابق بلومبيرق الذي يقول: لا أدري إذا كان هدف 2 درجة مناسباً بل يجب ان يكون معدل تركيز الانبعاث لغازات الاحتباس صفر أو حتى خفضها أقل من مستواها قبل الثورة الصناعية. من المواقف غير المتوقعة هو التحول المفاجئ (ولو بالكلام) في الموقف الأمريكي الذي كان من أشد المعارضين منذ بروتوكول كيوتو إلى حتى قبيل اجتماع باريس (كما جاء على لسان وزير الخارجية كيري) لتبني اتفاقية إلزامية لخفض الانبعاثات حيث يقول مندوب أمريكا في اتفاقية المناخ للصحفيين لقد كنا في حوار نشط دائم مع الجزر الصغيرة وغيرهم ونتفهم انه من حقهم الشرعي legitimate المطالبة بخفض الحرارة المستهدفة إلى مستوى 1.5 درجة. الشيء الذي يصعب هضمه (على الأقل بالنسبة لي) لماذا ينفرد وفد المملكة للتصدي للجزر الصغيرة ومن خلفها الدول المؤيدة (ولو تظاهرا لتحاشي الهجوم عليهم) بمعارضة مطلب يبدو أنه إنساني تنادي به الدول المتضررة من انبعاث الغازات ويؤيدها جميع دول العالم والمنظمات الدولية والرأي العام العالمي ووسائل الإعلام في الوقت الذي لسنا نحن المتضررون من الحد من انبعاث الغازات فنحن لسنا الدولة الوحيدة التي لديها البترول، والأهم ليس بترولنا هو المستهدف بل إذا كان هناك من يتضرر من خفض الانبعاثات هم الذين يملكون احتياطيات هائلة من الفحم والبترول الرملي والصخري التي يصدر منها حوالي ثلاثة أضعاف ما ينبعث من البترول التقليدي من نوع بترول حقل الغوار النبيل. اعتراض وفد المملكة على خفض انبعاثات الغازات يعني الاعتراض على خفض حرارة الأرض المؤدية إلى انقراض الحياة يتناقض مع الجهود الناجحة التي بذلتها المملكة مؤخراً لتصحيح الرأي العام العالمي الذي تراكم ضد المملكة من مواقفها منذ بروتوكول كيوتو. حيث لم يمضِ شهر على استضافة المملكة للمنتدى الريادي لفصل الكربون في شهر نوفمبر 2015 وأيضاً اتفاق أرامكو وثماني شركات بترول على مناصرة اتفاقية المناخ. كذلك ليس واضحاً لماذا الاعتراض وهو يتناقض مع خطاب معالي وزير البترول الذي ألقاه تواً يوم الافتتاح (الاثنين 30 نوفمبر) كما سنوضح -إن شاء الله- في مقال الأسبوع القادم.

مشاركة :