الرئيس الموريتاني في مهمة لحلحلة الأزمة بين الجزائر والمغرب |

  • 12/28/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حلّ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الاثنين بالجزائر في زيارة دولة تدوم ثلاثة أيام سيتم خلالها إبرام عقود شراكة اقتصادية وتجارية، وبحث ملفات سياسية ودبلوماسية ثنائية. وأمام جملة القواسم المشتركة التي تجمع الجزائر ونواكشوط، فإن الأهداف تبدو متباينة، ففيما تدفع الجزائر في اتجاه تعميق علاقاتها مع دول الجوار بغرض عزل المغرب، يلح الرئيس الموريتاني على ضرورة تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب واحتواء الأزمة القائمة بينهما. ويشكل ملف الأزمة الجزائرية – المغربية صدارة الأجندة التي يحملها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال زيارته إلى الجزائر، حيث يعتزم كسر الجمود المترسب بين البلدين خاصة خلال الأشهر الأخيرة، وتطبيع العلاقات بينهما من أجل فتح آفاق للتعاون في المنطقة المغاربية. وفيما عبرت الجزائر عن رفضها لأي مسعى أو وساطة للتقريب بينها وبين المغرب، حيث أدارت ظهرها لعدة محاولات بادرت بها خلال الصائفة الماضية دول خليجية، فإنها لم تبد أي موقف تجاه التصريح العلني الذي أدلى به الرئيس الموريتاني لمجلة الاقتصاد والأعمال قبل حلوله في الجزائر، والمتضمن عزمه القيام بوساطة لحلحلة الأزمة بين الجزائر والمغرب. وهو مؤشر قد يكون في صالح مقاربته، ولو أن زيارته التي تأخرت بيوم مقارنة بأجندتها المعلنة منذ أسبوع في نواكشوط، أعطت الانطباع بأن شيئا ما يكون قد طرأ في المسألة، غير أن تأكيدها مساء الأحد وتمديدها لثلاثة أيام ووصفها بـ”زيارة دولة” يوحي بأن البلدين عازمان على تحقيق تقارب شامل بينهما، وليس مستبعدا أن يتم طرح موضوع الأزمة مع المغرب. وذكر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأنه “لا يمكن تصور حجم الكلفة التي تدفعها شعوب المنطقة جراء عدم قيام اتحاد مغاربي قوي وفعال ومتكامل، وأن الأزمة بين البلدين هي مصدر للقلق البالغ في ظل عوامل التوتر التي تظهر من حين لآخر في الفضاء المغاربي”. وعبر الرئيس الموريتاني عن استعداد بلاده بشكل دائم “للقيام بدور رئيسي في استعادة اللحمة بين البلدان المغاربية، حيث ظلت مواقفها تصب في هذا الاتجاه دائما، وأملنا أن يأتي اليوم الذي تعود فيه اللحمة إلى اتحاد المغرب العربي، وهو أمل يعيش عليه كل مواطني هذه المنطقة بالإضافة إلى المسؤولين فيها، ولا شك أنه سيتحقق يوما ما بفضل إرادة قادة هذه البلدان وقدرتهم على تطويق الخلافات وتحقيق التكامل المنشود، تحقيقاً لإرادة الشعوب وتجسيدا لأحلام الآباء المؤسسين”. زيارة ولد الغزواني إلى الجزائر تحمل في أجندتها ملفات اقتصادية ودبلوماسية تتعلق بالأزمة الجزائرية – المغربية والاتحاد المغاربي وأضاف أن “موريتانيا تتألم لما وصلت إليه الأزمة بين الجزائر والمغرب، وأنه مهما كانت الأزمات، ومهما كان المستوى الذي وصلت إليه، سيوجد لها حل، ونحن على غرار جميع دول الجوار والشعوب، لا شك أننا متألمون من الوضع، ولم نكن نود حدوثه ولا نتمنى أن يتأزم أكثر”. وكشف ولد الشيخ الغزواني في تصريحه عن وساطة لبلاده بين الجزائر والمغرب، وقال “نحن نعمل بطريقة هادئة كما تتطلب ذلك الدبلوماسية، لأن ما يحدث يشغل بالنا ويهمنا كثيرا، لأنها قضية تتعلق بنا، ولأننا نعتبر أن كل ما يمس الشعب الليبي أو التونسي أو الجزائري أو المغربي يمس الشعب الموريتاني، وهذه قضية تتجاوز الحكام وتاريخها طويل، وأن طموحنا هو بناء المغرب العربي، وأن نتجاوز هذه الأزمة الحالية، وألا تتفاقم أكثر، ومتأكدون أنه مهما كانت الأزمات ومهما كان المستوى الذي وصلت إليه سيوجد لها حل”. ويظهر أن تصريح الرئيس الموريتاني صريح وواضح في مسألة كسر حواجز الأزمة القائمة بين الطرفين، عكس المبادرات السابقة التي أعربت عنها عدة حكومات عربية، ولذلك يرجح أن يكون الملف حاضرا بقوة في المباحثات التي ستجمعه بنظيره الجزائري عبدالمجيد تبون. وتوجهت الجزائر في الآونة الأخيرة إلى تفعيل نشاطها الدبلوماسي في المنطقة بشكل أعطى الانطباع بأن لديها رغبة في تحصين وتعزيز علاقاتها مع دول الجوار من أجل وضع جارتها الغربية في عزلة إقليمية، فبعد الزيارة التي قادت الرئيس تبون إلى تونس مؤخرا يجري استقبال الرئيس الموريتاني في زيارة دولة. وبدا واضحا أن القادة السياسيين في تونس وموريتانيا حريصون على البعد المغاربي للمنطقة وللعلاقات الثنائية والجماعية، بحسب ما ورد على لسان الرئيسين التونسي قيس سعيد خلال لقائه مع تبون، والموريتاني ولد الشيخ الغزواني في تصريحه الأخير الذي أدلى به لمجلة الاقتصاد والأعمال، الأمر الذي يحرج الجزائر التي تفيد بعض الدوائر الدبلوماسية بأنها تعمل على إطلاق كيان إقليمي جديد يتوسع ليشمل دول منطقة الساحل. وتعتبر زيارة ولد الشيخ الغزواني هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني خلال السنوات العشر الأخيرة، وتحمل في أجندتها العديد من الملفات الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية الثقيلة التي تتعلق بالأزمة الجزائرية – المغربية، والاتحاد المغاربي، والوضع في منطقة الساحل ومكافحة النشاط الإرهابي والأزمة الليبية، والقمة العربية المرتقبة شهر مارس القادم بالجزائر، فضلا عن العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون الثنائي بين البلدين. ورافق الرئيس الموريتاني العديد من الوزراء والمسؤولين السامين في الدولة على غرار وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، ووزير التشغيل والتكوين المهني، ووزير التجهيز والنقل، ووزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب وفد من رجال الأعمال برئاسة محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، ومدير ديوان رئيس الجمهورية، وسفيرها بالجزائر، ومسؤولين آخرين في الرئاسة الموريتانية.

مشاركة :