أعرب سكان قطاع غزة الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة عن رغبتهم في العيش بسلام مع حلول العام الجديد 2022 بعد أعوام طويلة من المعاناة بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة. وقال محمود أبو جبارة شاب من مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن العام 2021 الجاري مثل تحديا على صعيده الشخصي بسبب التوترات العسكرية بين فصائل المقاومة الفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي. وأضاف أبو جبارة الذي يدرس هندسة الكمبيوتر بالجامعة الإسلامية في غزة، أن الحياة تتوقف تماما خلال التوترات العسكرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي كان أخرها التي اندلعت في مايو الماضي. ويتابع الشاب أبوجبارة (28 عاما)، "عندما تنتهي التوترات العسكرية يشاهد السكان حجم الدمار الذي تحدثه الغارات الإسرائيلية العنيفة في المباني والمنازل ويصاحبه حالة غموض في المستقبل وعدم استقرار في العديد من المجالات". ويعد مخيم الشاطئ من أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في القطاع وأكثرها كثافة للسكان، حيث يعيش غالبية سكانه في منازل متلاصقة بينها العشرات مسقوفة بالصفيح في ظل نقص المرافق الترفيهية والاجتماعية. لكن أبو جبارة يأمل في أن يأتي العام 2022 بتغييرات جديدة نحو حياة أفضل، لاسيما تحقيق السلام مع إسرائيل، مما سيساعد الناس على تجاوز أزماتهم المستمرة جراء الحصار المفروض على القطاع منذ 14 عاما. كما أعرب الطفل كمال مهدي (10 أعوم) بينما يقف قبالة مبنى سكني دمرته غارات إسرائيلية غرب غزة في جولة التوتر الأخيرة عن أمله بالعيش حياة طبيعية داخل القطاع أسوة بباقي أطفال العالم بعيدا عن الحروب والدمار. ويقول الصبي بعد مرور 7 أشهر على وقف موجة التوتر " أنا سعيد لتوقف الحرب والعودة إلى الحياة الطبيعية التي تمكنني من الذهاب إلى المدرسة واللعب مع أشقائي وأصدقائي بعيدا عن أي خوف". ويخشى مهدي من عودة الحرب مرة أخرى، مطالبا الجميع بوضع حد للنزاع وإعادة بناء جميع المباني التي دمرت لعودة السكان إلى العيش في آمان. وتعتبر الجولة الأخيرة من التوتر في مايو الماضي هي الأكثر حدة منذ العام 2014، وفقا للعديد من سكان القطاع، حيث أدت إلى مقتل أكثر من 250 فلسطينيا و 13 إسرائيليا وتدمير عشرات المباني والمنازل والبنية التحتية في غزة. وأعلنت إسرائيل التي تفرض حصارا على القطاع منذ صيف 2007 وشنت أربع عمليات عسكرية واسعة النطاق، أخيرا عزمها تخفيف القيود المفروضة على غزة في محاولة للحفاظ على الهدوء، بما في ذلك السماح للعمال بدخول أراضيها للعمل داخل إسرائيل. وفي السياق ذاته، قالت سماحة هنا (29 عاما) وهي أم لثلاثة أطفال من مدينة رفح أقصى جنوب القطاع لـ ((شينخوا)) إن السكان يتطلعون لتحقيق سلام حقيقي مع إسرائيل ينهي الحصار المفروض عليهم. ودعت هنا الفصائل الفلسطينية إلى التعاون مع مصر وقطر والمجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، معتبرة أن العام الجاري لم يكن سهلاً على سكان غزة الذين ما زالوا يعانون من الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة. وبلغت خسائر القطاع المباشرة وغير المباشرة نتيجة الحصار الإسرائيلي خلال العام الجاري قرابة 2 مليار دولار، بحسب تقرير سنوي للجنة الشعبية الفلسطينية لمواجهة الحصار على غزة. وقال التقرير الذي صدر أمس (الثلاثاء) وتلقت ((شينخوا)) نسخة منه إن الخسائر تشمل انعكاسات الحصار الإسرائيلي على القطاعات التجارية والصناعية والزراعية وقطاع المقاولات والسياحة والعمل والبنى التحتية. وأكد التقرير ضرورة تدخل المجتمع الدولي للعمل في مسارين أولهما رفع الحصار بشكل كامل عن القطاع، وتوجيه دعم عاجل لإنقاذ الحالة الإنسانية المأساوية، داعيا إلى العمل المشترك وتوحيد الصف الفلسطيني ليكون العام 2022 لمواجهة التحديات وإنهاء الحصار والتطلع لتحقيق الحقوق المشروعة. وحذر من أن استمرار الحصار يهدد الأمن الغذائي لحوالي 70 في المائة من الأسر في وقت بلغ معدل دخل الفرد اليومي حوالي 2 دولار فيما يعيش أكثر من 80 في المائة تحت خطر الفقر. وأوضح التقرير أن معدلات البطالة في غزة تصل إلى ما نسبته 55 في المائة، بينما معدل البطالة بين النساء يفوق الـ 80 في المائة، بينما أكثر من 300 ألف عامل معطل عن العمل، و80 في المائة من المصانع في عداد المغلق منذ بداية الحصار. وأبرز أن 97 في المائة من مياه غزة غير صالحة للشرب، فيما تعرض 170 مرفقا للمياه و110 مرافق لمياه الصرف الصحي لأضرار كبيرة خلال موجة التوتر الأخيرة في مايو الماضي ما تسبب بانخفاض إمدادات المياه المحلية للسكان بنسبة 50 في المائة.
مشاركة :