مقالة خاصة: أطفال غزة يأملون العيش بسلام رغم معاناتهم النفسية جراء موجة التوتر الأخيرة

  • 5/31/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما تزال دوي الانفجارات وهدير الطائرات الإسرائيلية تسيطر على مشاهد الأطفال في قطاع غزة الساحلي محدثة لأعراض نفسية لديهم رغم انتهاء موجة التوتر الأخيرة بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل قبل نحو أسبوعين. وظهر لدى بعض الأطفال الذين عاشوا لحظات صعبة خلال الموجة الأخيرة العديد من الأعراض أبرزها قلة النوم والقلق والتبول اللاإرادي والبقاء ملتصقين بوالديهم وتجنب الخروج من البيت وفقا لأطباء نفسيين محليين. وفي التاسع من مايو الجاري، اندلع توتر عسكري بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي استمر 5 أيام بعد غارات إسرائيلية جوية مفاجئة على القطاع قتلت 3 من كبار القادة العسكريين للحركة. ونتيجة لذلك تبادلت غرفة العمليات العسكرية المشتركة التابعة للفصائل الفلسطينية، القصف مع الجيش الإسرائيلي ما أسفر عن مقتل 33 فلسطينيا بينهم 5 أطفال و3 سيدات ومسنان و11 من قادة وعناصر الجهاد الإسلامي وإسرائيلي واحد، وفق إحصائيات رسمية. وبعد مفاوضات معقدة ومكثفة أثناء التوتر العسكري، نجحت مصر في التوصل لوقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي التي كان يتواجد وفدها في حينه بالقاهرة وإسرائيل لتجنب المزيد من الخسائر البشرية والمادية على الجانبين. وما إن توقف صوت الانفجارات وهدير الطائرات استأنف السكان في غزة تدريجيا طقوسهم اليومية المعتادة وحيث عادوا إلى أماكن عملهم ومدارسهم وجامعاتهم وفتحت المحلات التجارية أبوابها. لكن الأمر لا يبدو مشابها بالنسبة لحنين أبو عبيد (11 عاما) من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة التي فقدت منزل عائلتها في غارة من قبل الطائرات الإسرائيلية ما أدى لتدميره بالكامل. ومنذ ذلك الحين، تعيش عائلة حنين في منزل مستأجر بعيدا عن منزلهم المدمر، لكنها ما زالت تراودها كوابيس كل ليلة، مما يدفعها للشعور بأن "الحرب" الإسرائيلية على قطاع غزة لم تنته بعد. وتقول الفتاة الصغيرة صاحبة الجسد النحيف لوكالة أنباء ((شينخوا)) "عندما أستيقظ من نومي فإن الكوابيس لا تنتهي (..) عندما أسمع أي صوت مرتفع أعتقد أنه غارة إسرائيلية ستهاجم المكان". وتضيف حنين بينما يحاول أفراد عائلتها إخراجها من حالتها النفسية "لا يمكنني الخروج بمفردي من البيت أو حتى اللعب في الشارع مع أصدقائي من أبناء الحارة"، مشيرة إلى أن الناس في غزة لا يعيشون في مكان غير آمن. ولم تكن حنين على تلك الحالة إذ يعيش الطفل محمد الديراوي (10 أعوام) جارها نفس الشعور من القلق والخوف والاكتئاب، قائلا عن حياته انقلبت رأسا على عقب منذ أن دمر منزله في غارة إسرائيلية. ويقول الديراوي لـ((شينخوا)) إن التوتر الأخير وما صاحبه من غارات جوية أحدثت دوي انفجارات كبيرة جعلته منعزل وخائف على مدار الوقت ولا يستطيع فعل شيء أو الذهاب لشراء من المحل القريب من سكنه. ويعرب كل من حنين ومحمد عن أملهما في العيش بسلام في أسرع وقت ممكن دون مشاهدة المزيد من التوترات العسكرية التي من شأنها أن تقتل المزيد من الناس المدنيين وتدمر المزيد والمزيد من المنشآت السكنية. ومنذ العام 2007، فرضت إسرائيل حصارا مشددا على القطاع في أعقاب سيطرة حركة حماس عليه، بالإضافة إلى ذلك شنت إسرائيل أربع عمليات عسكرية واسعة النطاق وعشرات من التوترات العسكرية المحدودة. ويعاني تسعة من كل عشرة أطفال في غزة شكلا من أشكال الصدمات المرتبطة بالنزاع بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، وفقا لتقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وهو منظمة مستقلة غير ربحية تنشط في جنيف في العام 2021. ويحتاج أكثر من نصف الشباب في قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال، إلى دعم نفسي بعد التوتر الأخير في القطاع، وفقا لسامي عويضة الطبيب النفسي المقيم في غزة ورئيس برنامج غزة للصحة النفسية غير الحكومي. ويقول عويضة لـ((شينخوا)) إن الهجمات الإسرائيلية المتكررة تؤدي في الواقع إلى خلل واضح في السلوك البشري، سواء في البالغين أو الأطفال ونتيجة لهذا القصف يظهر ما يسمى بالصدمة النفسية، والتي لها استجابات مختلفة على المستويات السلوكية والمعرفية والعاطفية والجسدية. ويرى عويضة أن الحروب الإسرائيلية تسبب إجهادا واضحا على المستوى النفسي والسلوكي للسكان المحليين، مشيرا إلى أن أطفال غزة بحاجة إلى العيش بسلام وإيجاد حل نهائي للصراع مع إسرائيل ليجدوا طريقهم إلى الحياة الطبيعية وكذلك جميع الأشخاص الآخرين في جميع أنحاء العالم.

مشاركة :