لكل منا أن يُقــيّم عامه المنصرم بالطريقة التي يراها، وله أن يتصور عامه الجديد القادم بمنظاره المعتاد أيضاً، لأن المعايير والمقاييس تختلف من شخص لشخص، فمن الناس من يتشاءم دائماً، ومنهم من يتفاءل دائماً. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة رزقنا بحاكم يتفاءل دائماً، رأيناه يظهر بمظهر الجد دائماً إلا أن قراءته للأشياء خضراء، ولم نره وقــــّع بقلم يكتب بغير اللون الأخضر. ومن هنا فإننا نحن وفي مستهل عام جديد نرى سموه يقرأ عامنا الميلادي الجديد بمنظاره الخاص به قراءة خضراء، ألا وإنه هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله. فإعم بشيخ يعيش في قلوبنا وفي أعيننا دائماً، وسموه عندما ينظر أو يعبر، يعبر عن شعب دولة الإمارات بأكمله، فالجميل في عيوننا ما كان جميلاً في عين سموه أوّلاً، وكلنا ثقة بأن ما يراه لا نراه نحن. أجل فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو الشاعر الأول من غير منازع، يتميز بفكره الثاقب ووجدانه الحي وإحساسه المرهف ونظرته النافذة، واستشرافه اليقظ للمستقبل، وقدراته الإبداعية، وشجاعته، أقدر منا على التصدي لكل المواقف الصعبة والمشاريع العملاقة. إن شاعرنا الكبير يقف اليوم بين عام قد انصرم لتوه، وعام قد أشرقت شمسه لتوه، أو بعبارة أخرى فإن سموه يقارن بين خمسين عاماً قضاها الاتحاد في الإنجاز، وبين خمسين عاماً جديدة هي الطموح بين يدي القادة، والجنين في رحم الزمن ينتظر إشراقته على صفحات الكون. لذلك فإن سموه فاجأنا بقصيدة جديدة، يعبر من خلالها عن مسيرة الخمسين سنة القادمة التي تتبناها دولة الإمارات ابتداء من مطلع عام 2022 فيقول: الـفـيـنْ وإثـنـينٍ وعـشـرينْ عـــامْ الـتِّـمَيِّزْ والـصِّـدارَهْ بهْ نبتدي نسعىَ لخمسينْ ونـكَـمِّـلْ الـسِّـيـرْ بـجـدارَهْ يبشرنا سموه في البداية بأن عامنا الجديد هذا ليس عام تجربة، بل عام جني الثمار، فبعد أن أقمنا البنية التحتية لدولة الاتحاد، ونفذنا خططنا ومشاريع زايد الطموحة عليها، وخضنا تجارب عدة، واطلعنا على تجارب الدول، ثم اخترنا لأنفسنا الأفضل والأجمل والأنفع من صور الجمال والكمال في العالم، وصارت الدولة وجهة العالم، و«إكسبو 2020 دبي» أقرب شاهد على صدق ما أقول، آن لنا أن نتطلع إلى عهد أكثر إشراقاً. نعم........ بعد أن وصلنا إلى مرحلة النضج والتباهي بقيادة رشيدة كالمحمدين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن خلفهما حكام الإمارات جميعاً، واستثمرنا إمكاناتنا البشرية والمادية والفكرية لمصلحة الإنسان، وأطلقنا مسبار الأمل إلى الفضاء إيذاناً ببداية عهد جديد، وصرنا نتطلع إلى إنجازات في الفضاء بعد إثبات نجاحات عدة على سطح الأرض. بعد كل هذا الاطمئنان يحق لنا أن نعد العدّة لإنجاح خمسين سنة أخرى قادمة التي يفترض أن نكثف فيها جهودنا، لنحصل على مكاسب جديدة مبتكرة أكثر، وتحمل إبداعات أكثر ملاءمة لحياة الأجيال القادمة، وإلا فإننا نكون قد اكتفينا بما حققناه وجلسنا، وهذا ليس من طبع دبي ولا من استراتيجية دولة الإمارات التي شعارها الأول دائماً. لذلك قال سموه إن العام الجديد هو عام التميز والصدارة، ثم قدم الشاعر الكبير لنا بعض الإضاءات والموجهات التي يجب أن نعمل في على ضوئها فقال: مـانختلِفْ مانخافْ مانلينْ ولانْـحَـسبْ لـلعليا خـسارَهْ عـلـى نَـهَـجْ لآبـاءْ مـاضينْ بـعـزومْ وإبــداعْ وشـطارَهْ إنـسـاهِـمْ بــكـلِّ الـمـيادينْ عـلـمْ و صـناعهْ أوْ تـجارَهْ من هذه الموجهات: نبذ الخلاف، والابتعاد عن الخوف والتردد، والشعور بالإحباط والفتور لماذا؟ لأن الاختلاف في الرأي يضعف العمل الجماعي، ويؤدي إلى الانكسار والفوضوية في العمل، وفقدان بوصلة القوة والاقتدار. كما أن الخوف هو يولد فقدان الثقة بالنفس، والتقاعس عن العمل الجاد والرجوع إلى الوراء، ويسبب ضياع الفرص والوقت، وكذلك التنازل عن الأدوار المتقدمة للآخرين، بسبب بعض الإحباطات التي يستشعرها الإنسان المنهزم في داخله. إن كثيراً من المواقف تحتم عليك أن لا تلتفت إلى الوراء، وأن لا تتراجع قهقرى أو ترجع عن قرارك، هذا إذا أردت أن لا تخسر موقعك الأول والمتقدم، فاثبت مكانك وابحث عن البدائل التي تعينك على الخروج من المأزق، ثم واصل السير ليعوضك عما فات. ومن يحب أن يحقق القيادة والريادة لا يضيع وقته وجهده في مجال واحد، بل يدخل ميادين كثيرة، ولا يكتفي بصديق واحد بل ينتقي له أصدقاء للشدائد، ويشغل فكره وذهنه في مجالات مختلفة. وهكذا نرى بعض الدول اليوم دخلت في مجالات عدة، وأنتجت في أكثر من مجال، في حين أن بعضها متقوقعة على نفسها، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى محتارة خائفة بل لا تزال واقفة في مكانها حذرة من المستقبل لماذا ؟ لأنها لا تحب المغامرة والمغامرة الذكية صفة من صفات الشجعان الذين ينظرون إلى أن القيادة الرشيدة لا بد أن تتجسد فيها صفة المغامرة أحياناً، والمثل يقول إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. المهم أن الشاعر الجسور الطموح الشيخ محمد بن راشد يحمّس شعبه قائلاً: نحن جادون كما كان آباؤنا جادين، ولقد أثبتنا وجود دولة الإمارات وحضورها المتميز في المنتديات العالمية والمنظمات الدولية ثم يقول: لــي هـمِّهم جَـمعْ الـملايينْ ايـهـمِّنا صِـنـعْ الـحَضارَهْ ولا يـهـزِّنا كـيـدْ الـمـعادينْ جـيـشٍ لـنا يـحمي ديـارَهْ تـاريـخنا حـافِلْ بـماضينْ عـطـاهُـمْ الـتَّـاريخ شــارَهْ وبهذه الأبيات يلفت سموه نظرنا إلى أن هدف الإنسان الإماراتي ليس جمع المال فقط، بل صنع الحضارة، ولو كنا نريد جمع المال وحده ما صرفنا كل هذه الملايين على التكنولوجيا، وإنشاء جامعات ومعاهد ومراكز تدريب، ومعامل ومصانع، ثم ما سعينا إلى المريخ وركوب الأخطار. وبالمناسبة فإن طموحنا الفكري والعلمي أثار ثائرة الكثيرين من حولنا، فمنهم من يقلد أفكارنا ومنهم من يحسد أدوارنا ويعادينا أحياناً، لكننا نحن مغاوير الحروب نتصدى لكل من يريد النيل من قدراتنا، ولو أردت أن تعرفنا أكثر بإمكانك أن تدرس تاريخنا الحافل بالإنجازات، وأجمل إنجازاتنا أننا بنينا دولة الاتحاد على حب الناس فلا نحمل تجاه الآخرين إلا النية الطيبة وشعار التسامح والسلام. ثم قال سموه: والحاضِرْ وورودْ ورياحينْ وقـلـوبِـنا فـيـهـا جــسـارَهْ بـأفـعالنا نـعـطي بـراهـينْ مَــبْ بـالـكلامْ وبـالـفِشارَهْ مـانسمَعْ أقـوالْ الـمواشينْ أهـــلِ الـفـشيلِهْ والـعـثارَهْ في هذه الأبيات يطمئننا شاعرنا الكبير بأن الحاضر جميل والقادم أجمل وأحلى طالما نوايانا طيبة ودليلنا أننا قدمنا الأفعال على الأقوال، وما عليك أنت من الخراصين ليلاً ونهاراً الذين يزيفون الحقائق بترهات وأباطيل، فهم لا يضرون إلا أنفسهم. فكثيراً ما تسمع في الخارج عن دولة الإمارات مثل كذا وكذا من الأمور التي تضلل الرأي العام العالمي، لكن لا يزال في العالم الكثير من الشرفاء لا يصدقون الشائعات المغرضة، بل عندما يأتون إلى الإمارات يجدون الحقائق ماثلة أمامهم، حتى في زمن كورونا يأتون إلينا ليجدوا أننا أكثر أمناً وأماناً وصحة منهم، وأكثر استعداداً من الدول الصانعة للدواء. وعندئذٍ يقولون بصوت واحد: خسأ المبطلون والمرجفون الذين حسبوا أنهم يحسنون صنعاً. وأخيراً يبشرنا الشاعر في البيتين الأخيرن: بأن شعب دولة الإمارات ملتفون حول قيادتهم، فخورون بالاتحاد وإنجازات زايد، ويعتزون بتوحد جهود أبنائه الكرام وإصرارهم على المضي قدماً على نهجه، نحو إنجاح حقبة الخمسين القادمة، وإلى ذلك الحين فلنردد مع الشاعر الملهم: متماسكينْ إشمالْ وإيمينْ بــالإتِّــحــادْ وبــإقــتــدارَهْ نـهـجِـهْ يـوَحـدِّنـا بـتَـمكينْ مـتـأكدِّينْ إمْــنِ إنـتصارَهْ وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، سيكون النصر والفوز والنجاح حليفنا بإذن الله، وسلم الله لنا قيادتنا الرشيدة، وأدام الأمن والأمان على دولة الإمارات وعلى كل من أحب لنا الخير، وحفظنا الله من شر الجوائح. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :