سجلت الأسهم السعودية عام 2021 أفضل أداء سنوي منذ 2007 مرتفعة 30 في المائة بنحو 2592 نقطة، لتغلق عند 11281 نقطة كسابع أفضل أداء للمؤشر في تاريخه. وارتفعت القيمة السوقية 907 مليارات ريال، لتصل إلى نحو عشرة تريليونات ريال محققة رقما قياسيا. بينما مؤشر "إم تي 30"، الذي يقيس أداء الأسهم القيادية ارتفع 402 نقطة 35 في المائة، ليغلق عند 1564 نقطة مسجلا أعلى مستوى وأفضل أداء. وافتتحت السوق السعودية عام 2021 بأداء باهت، حيث حققت ارتفاعا بنحو 0.15 في المائة، وعقب ذلك؛ حققت أطول سلسلة ارتفاع شهرية منذ 2004، حيث ارتفعت لعشرة أشهر متواصلة. وكان أفضل أداء قد تحقق في آذار (مارس) بارتفاعها 8 في المائة، بالتزامن مع تحقيق النفط أعلى مستوياته منذ أيار (مايو) 2019 مستعيدة أسعار ما قبل الجائحة. وتحركات النفط الإيجابية تعد دفعة قوية لرفع المعنويات وتحرك السوق في ظل توقعات بنمو ربحية الشركات، والذي تحقق بالفعل، حيث أظهرت الأرباح المجمعة للسوق في الربع الأول نموا 48 في المائة، ثم 413 في المائة في الربع الثاني، بينما ارتفعت الأرباح في الربع الثالث 122 في المائة. ودفع الأداء المالي القوي للشركات بالتقييمات إلى مستويات مرتفعة لم تشهدها السوق منذ 2006، ولا تزال مكررات الربحية مرتفعة نسبيا حيث بلغت 22.8 مرة في نهاية العام، وذلك عند استثناء أرامكو، ما يظهر بقاء المعنويات مرتفعة تجاه استمرارية نمو أرباح الشركات. ولعب الأفراد دورا مهما في تحقيق الأداء، حيث كانت نسبة المستثمر غير المؤسسي من التداولات قبل الجائحة 57 في المائة، ثم زادت إلى 73 في المائة في العام السابق، وخلال عام 2021 بلغت 83 في المائة مقابل 17 في المائة للمستثمر المؤسسي. وتلك النسب لم تتحقق من قبل بحسب بيانات تعود إلى 2015، حيث أسهم في ذلك اكتتاب أرامكو، الذي جذب 744 ألف مستثمر جديد للسوق ليبلغ الإجمالي 5.5 مليون في بداية الجائحة، ثم زادوا حتى الربع الثالث من العام بنحو ربع مليون مستثمر، ليصل عدد المستثمرين 5.7 مليون مستثمر. وتبدو شهية المخاطرة للمستثمرين الأفراد مرتفعة، وذلك بالتزامن مع سلسلة المكاسب الشهرية للسوق - الأطول منذ 17 عاما - ارتفاع نسب نمو القروض الاستهلاكية للأفراد برقم من خانتين حتى الربع الثالث، وهذا النمو لم نشهده منذ 2013. وخلال الجائحة زاد عدد عملاء التسهيلات لدى مؤسسات السوق المالية 4.5 ألف عميل، نصفهم كان خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2021. وشجع انخفاض معدلات الفائدة دون عوائد السوق المتعاملين للاقتراض للتداول في السوق، إلا أن هذا العامل قد يتم فقدانه في السوق خلال عام 2022 في ظل توقعات برفع البنك المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة ثلاث مرات لكبح جماح التضخم. أسعار الفائدة المرتفعة لا ينحصر أثرها على إقبال التداول على الرفع المالي، بل يمتد إلى الشركات بزيادة الأعباء المالية مع ارتفاع تكاليف الديون. وشهدت الديون على الشركات المدرجة في السوق السعودية خلال فترة الجائحة ارتفاعا بـ405 مليارات ريال 45 في المائة مقارنة بالعام السابق حتى الربع الثاني من عام 2021، بحسب بيانات هيئة السوق المالية. والمخاطر لا تنحصر على أسعار الفائدة، حيث إن تطورات الجائحة عامل مؤثر، خاصة عند ظهور متحورات جديدة تقاوم اللقاح، أو ارتفاع الحالات الحرجة، إذ يشهد العالم الآن تسجيل مستويات غير مسبوقة في نمو الحالات اليومية، ما قد يبطئ النشاط الصناعي والطلب على الطاقة، خاصة في الصين أكبر مستورد للنفط التي تنتهج استراتيجية "صفر كوفيد". ورغم تحسن أسعار النفط خلال الفترة الماضية بدعم من تطبيق قرارات "أوبك +"، إلا أنها شهدت أخيرا تقلبات حادة خاصة في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما تراجعت 16 في المائة وهي الأعلى منذ آذار (مارس) 2020. وأسعار النفط التي شكلت عاملا مؤثرا في تحركات السوق تواجه تحديات تعد أكثر من كورونا، أبرزها ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الدولار، حيث يشكلان تهديدا سلبيا على صعود النفط. وفي كل الأحوال لم يستطع خام برنت الوصول إلى 87 دولارا منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2014. وبحسب التوقعات، فإن العام الجديد من المرجح أن تشهد سوق الأسهم السعودية تقلبات في ظل ارتفاع حالة عدم اليقين خاصة مع انتشار متحور أوميكرون بقوة أخيرا. ومكررات الربحية للسوق المرتفعة تجعل السوق أكثر حساسية تجاه المتغيرات السلبية. وعدم السيطرة على الجائحة في العالم، وامتدادها إلى النشاط الاقتصادي يجعل السوق في حالة لا تمكنها من مواصلة الزخم. ويبدو على قطاع المصارف الذي أسهم بشكل جوهري في أداء السوق حيث وصل لمستويات سعرية مرتفعة، قد يواجه تحدي ارتفاع أسعار الفائدة، حيث سينعكس على ربحيته خاصة في ظل زيادة محفظة القروض، لكن تراجع النشاط الاقتصادي لن يشجع البنوك المركزية في تشديد السياسة النقدية. أما قطاع البتروكيماويات الذي أسهم في نمو ربحية السوق، استفاد من تحسن الأسعار مع عودة النشاط الاقتصادي في العالم مقابل تراجع الإنتاج خاصة في أوروبا مع أزمة ارتفاع أسعار الغاز، لكن تراجع النشاط الاقتصادي لا يعزز الطلب على منتجات القطاع. في حين أسهم قطاع الطاقة بقيادة أرامكو في تخفيف تداعيات الأزمات الاقتصادية مع التزامها بسياسة التوزيعات النقدية التي تنعكس على تقييم سهمها، حيث لا يسمح بسعر السهم أن يتراجع على نحو كبير. وفي كل الأحوال، فإن الاضطرابات التي قد تحدث بسبب الجائحة ستكون مؤقتة، حيث إن الإنفاق المتوقع خلال الأعوام حتى 2030 يصل إلى 27 تريليون ريال الأمر الذي يسهم في نمو الاقتصاد وربحية الشركات. من ناحية فنية، قد تواجه السوق السعودية تراجعا مطلع العام الجديد بعدما حققت أداء سلبيا خلال الربع الرابع من 2021 لأول مرة منذ مطلع 2020، ليظهر تحول في رغبة البيع لجني الأرباح. وستواجه دعما عند 10600 نقطة وكسرها يعرض السوق لتراجع قد يصل إلى 9630 نقطة. بينما المقاومة عند 11950 نقطة تليها 12847 نقطة. الأداء العام للسوق افتتحت السوق عام 2021 عند 8689 نقطة، حيث حققت أدنى نقطة عند 8464 نقطة فاقدة حينها 3 في المائة، بينما الأعلى عند 11954 نقطة رابحة 38 في المائة، وفي نهاية الجلسة آخر العام أغلقت عند 11281 نقطة رابحة 2592 نقطة 30 في المائة. وارتفعت قيم التداول 166 مليار ريال بنمو 8 في المائة، لتصل إلى 2.2 تريليون ريال، بينما الأسهم المتداولة تراجعت 14 في المائة بنحو 11.2 مليار سهم، لتصل إلى 66.8 مليار سهم متداول، أما الصفقات فارتفعت 21 في المائة بنحو 16 مليون صفقة، لتصل إلى 91.8 مليون صفقة. أداء القطاعات تراجعت ثلاثة قطاعات مقابل ارتفاع البقية، حيث تصدر المتراجعة "تجزئة الأغذية" 13 في المائة، يليه "إنتاج الأغذية" 11 في المائة، وحل ثالثا "التأمين" 0.57 في المائة. وتصدر المرتفعة "الإعلام والترفيه" 127 في المائة، يليه "التطبيقات وخدمات التقنية" 103 في المائة، وحل ثالثا "المصارف" 61 في المائة. أداء الأسهم تصدر المرتفعة "صدر" 183 في المائة، ليغلق عند 102.40 ريال، يليه "متطورة" 151 في المائة، ليغلق عند 47.50 ريال، وحل ثالثا "الأبحاث والإعلام" 149 في المائة، ليغلق عند 196.20 ريال. وتصدر المتراجعة "أمانة للتأمين" 49 في المائة، ليغلق عند 34.40 ريال، يليه "أسيج" 40 في المائة، ليغلق عند 23.60 ريال، وحل ثالثا "الكابلات" 34 في المائة، ليغلق عند 19.52 ريال. وحدة التقارير الاقتصادية
مشاركة :