بكين 31 ديسمبر 2021 (شينخوا) من المتوقع أن تدخل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيز التنفيذ في الأول من يناير 2022. وباعتبارها أكبر اتفاقية تجارية في العالم، فإنها تعتبر خطوة كبيرة تصب في صالح التكامل الاقتصادي الإقليمي وتعددية الأطراف والتجارة الحرة. فاتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي وقعتها 15 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2020، تغطي سوقا يضم 2.2 مليار نسمة، أو ما يقرب من 30 في المائة من سكان العالم، بإجمالي ناتج محلي إجمالي يبلغ 26.2 تريليون دولار أمريكي أو حوالي 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. -- الثقة تعزز العولمة في السنوات الأخيرة، ظهرت الحمائية التجارية بل وتكثفت في أعقاب جائحة كوفيد-19، ما شكَّل تحديات شديدة للعولمة الاقتصادية والانتعاش. وإن بدء السريان المزمع لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة لا يعد فقط إنجازا مهما للتعاون متعدد الأطراف، وإنما أيضا خطوة تاريخية إلى الأمام في العولمة الاقتصادية. فوفقا لتحليل صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن الحجم الاقتصادي لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة وديناميتها التجارية "سيجعلانها مركز ثِقَل للتجارة العالمية". إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ليست فقط أكبر اتفاقية للتجارة الحرة، وإنما أيضا اتفاقية شاملة وحديثة وعالية الجودة. فهي لا تغطي تجارة السلع فحسب، بل تتضمن أيضا تجارة الخدمات، والاستثمار، والتكنولوجيا، وحقوق الملكية الفكرية، والتجارة الإلكترونية. ويرى ستيفن بيري، رئيس مؤسسة ((نادي مجموعة الـ48)) البريطانية، أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة هي "حتمية تاريخية تتمثل في وجود ثلاث مناطق متعاونة في العالم": وهي آسيا والمحيط الهادئ، وأمريكا الشمالية، وأوروبا. بعد دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة حيز التنفيذ، ستحصل الاقتصادات النامية والأقل نموا في المنطقة على قدر أكبر من المساعدة الاقتصادية والتقنية، وهو ما سيسهم في تجسير الهوة التنموية بين أعضائها ودفع تحقيق تنمية أكثر شمولا. وقد قال ليو تسي يانغ، البروفيسور بجامعة كيونغ جي في كوريا الجنوبية، إن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ "سيدعم الثقة في التجارة الإقليمية والعالمية، ويعزز تكامل السلاسل الصناعية الإقليمية، ويحمي التجارة الحرة والآليات متعددة الأطراف". -- "دينامية نابضة بالحياة" في المنطقة بالنسبة لأعضاء اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، فإن سلسلة من الفوائد الجوهرية مثل تخفيض التعريفات الجمركية وتسهيل التجارة وتداول العناصر الاقتصادية، ستنشئ منصة أكثر تماسكا للتعاون الإقليمي. وفقا لتقديرات الحكومة اليابانية، فإن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة يمكن أن تجعل 91.5 في المائة من السلع الصناعية اليابانية معفاة من الرسوم الجمركية، وتعزز الناتج المحلي الإجمالي الياباني بنسبة 2.7 في المائة، وتخلق 570 ألف فرصة عمل، وهو ما سيحقق فوائد اقتصادية أكثر من تلك التي تحققها أي اتفاقية تجارية وقعتها اليابان حتى الآن. في اليوم الذي يبدأ فيه العمل باتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، ستتولى كمبوديا رسميا الرئاسة التناوبية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان). وقد ذكرت وزارة التجارة الكمبودية أن الاتفاقية الإقليمية يمكنها زيادة صادرات كمبوديا واستثماراتها بنسبة 7.3 في المائة و23.4 في المائة على التوالي، ناهيك عن تقديم تعريفات تفضيلية لمنتجاتها الزراعية والصناعية. وستتيح سلسلة من اللوائح والآليات الجديدة تدفقا أكثر كفاءة وسلاسة لموارد الإنتاج الإقليمية، وهو ما سيؤدي إلى تحسين سلسلة التوريد العالمية الحالية. من جانبه، أعرب ويليام جونز، رئيس مكتب مجلة ((إكزكتيف إنتلجنس ريفيو)) في واشنطن، عن اعتقاده بأن الزيادة في التجارة والاستثمار التي ستحدثها اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة "ستساعد في إصلاح سلاسل التوريد التي تعطلت بسبب جائحة كوفيد-19". وقد قال البروفيسور لورانس لوه مدير مركز الحوكمة والاستدامة بجامعة سنغافورة الوطنية "أرى وجود إمكانات بأن تصبح اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بمثابة سلسلة إمداد فائقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ". وسوف يستفيد العالم من "الدينامية النابضة بالحياة في المنطقة". -- آفاق مشتركة إن تنفيذ اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة يأتي تجسيدا لنداء العصر الداعي إلى بناء اقتصاد عالمي مفتوح، وإن انفتاح الصين الموسع لن يؤدي فقط إلى تعزيز تنميتها، بل سيعود أيضا بالفائدة على الدول الأخرى المشاركة في الاتفاقية. فقد قال ليانغ قوه يونغ، كبير الاقتصاديين في الأونكتاد، إنه بعد دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية حيز التنفيذ، سيحصل ما يقرب من 30 في المائة من صادرات الصين على معاملة تعريفية جمركية صفرية، كما سيتم تحسين شروط الوصول لتجارة الخدمات والاستثمار. ومن وجهة نظر البروفيسور تو شين تشيوان، عميد المعهد الصيني للدراسات المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية في جامعة الأعمال والاقتصاد الدوليين، فإن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للصين لبناء نموذج للتنمية يتمثل في "التداول المزدوج". وذكر تو أنه نظرا لكون العديد من أعضاء الاتفاقية جيران قريبين وشركاء اقتصاديين رئيسيين للصين، فمن الأهمية بمكان تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية معهم لتدعيم الطبقة الأولى من التداول الدولي.
مشاركة :