'أرسمكِ بالقهوة والقبلات' الغنائية الحالمة رحلة في ذات محب

  • 1/2/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أَرسمُكِ بالقهوةِ والقُبلات بالقهوةِ أَرسمُكِ كلَّكِ وماأَجمل أَنْ أَرسمَ وجهَكِ بالقهوةِ والشوكولاتا وبالمسكِ والكحلِ وبالوردِ الجوري والعسلِ الذهبي حيثُ حضورُك ضوءٌ وعطورٌ وقناديلْ وأَنتِ العاشقةُ الخضراءْ كما ( عَبْلَةُ ) البدويّةْ تُضئينَ وتَضوعين برائحةِ البُنِّ وعطرِ الهيلْ... وأَنا عنترُك العربيُّ والبدويُّ والعشقيُّ والشهويُّ أَتغزلُ فيكِ وأَتغنّى بمفاتنكِ كلَّ الليلْ فيغارُ الفرسانُ منكِ ومني ويغارُ العشاق وتغارُ الصحراء وتَجنُّ الغزلانُ والخيلْ ويغارُ كذلكَ قمرُ اللهِ وتغارُ الزهرة وعطارد يزعل ويغارُ كثيراً نجمٌ سهيلْ . ها إِني أُقبّلُكِ من أَقصاكِ الى أَقصاكِ وبوساتي ألَيْكْ ها تعصفُ وتثورُ كالبحرِ والنبعِ وتفيضُ عليكْ كالشلالِ والنهرِ وتهيجُ وتموجُ كالطوفانِ العاصف وكأَمواجِ السَيلْ تعالي أَرسمُك تعالي أُحممُكِ وتعالي أَرشفُكِ مثلَ نبيذٍ عسلي ومثلَ القهوةِ سمراءٍ وخُلاسية ومثلَ الشايِّ الهنديِّ بالنعنعِ والريحانْ ومثلَ الخَمْرةِ والعرقِ الريّان ومثلُ " الجن" والويسكي الاسكتلندي ومثلَ الماريوانا والدُخّانْ ومثل " الواين " و"التوما" الشامي ومثل ( إستلاتِ ) وبيراتِ فراتي ودجلتهِ و" الدلتا " والنيلْ وتعالي ننسى ( كوفيدَ وكورونا ) والموتَ الاسودَ والخوفَ وننسى القهرَ والأَحزانْ وتعالي ننزعُ عنّا الوحشةَ ونخلعُ كلَّ ثيابِ الغُربةِ والقمصانْ ونشربُ أَنخابَ البشرِ الاحياءْ والباقينَ والناجينَ من الطوفان ونسمعُ انغاماً وترانيماً وتراتيلْ تعالي لنُغني .... عشقاً وجنوناً شوقاً وشجوناً و" ابوذياتٍ ودارمياتٍ " ومواويلْ وآآآهِ يا عَينيْ وآآآهِ يا روحيْ وآآآخِ ياليلْ آهٍ آخٍ آهْ آخٍ آهْ آهْ آ هْ "إنّ خاصية الغنائية الحلمية لدى الشاعر سعد جاسم تتخذ مركزيّة هامة في بناء نصه الشعريّ. يتماشى ذلك مع النص الحداثيّ، فقوام الحداثة الشعريّة وجوهرها يكمن في الاستخدام الخاص للغة الغنائية. وستكون باعثة للحقيقة والحقيقة باعثة للمعنى، والمعنى باعث للكتابة. وحياة الشاعر تتجه دائما نحو الظفر بالمعنى في صراع مع الزمن..". المرأة التي كانت ولاتزال شريكة الرجل في البناء ومحفزة إياه، فهي حاضرة في شعر الشاعر وتحمل رمزية خاصة ودلالة عميقة، إذْ يسعى الشاعر إلى زرع روح التمرُّد في قصائده باعتبارها قدرا للإنسان.  لعلَّها لحظة اهتزاز وتر الذاكرة، التي يعلنها الشاعر، حين يبدأ الشعر كشيء خالص، كشيء يفوق النعوت والصفات. فكل شيء في القصيدة اراد له ان يتعرى ويُعلن عن نفسه وعن انبلاجه وتمرُّده. *أَرسمُكِ بالقهوةِ والقُبلاتْ * بالقهوةِ أَرسمُكِ من أَقصاكِ الى أَقصاكْ العنوان لوحة فنية تشد القارئ .الرسام/الشاعر محاولا ازاحة الستار عما هو خلف الكلمات والالوان وأين حلقت روح الشاعر وهو يمرر فرشاته على جسد امرأة.. سنتطرق بفهمي المتواضع لكل ما ورد في القصيدة وبالتتابع علني أكشف عن بعض خبايا النص الثري والموغل في الرمزية ..الممتع القراءة في لغة فنية توظف الصور الشعرية الرائعة بشكل جميل. . لنتأمل في قصيدة الشاعر سعد جاسم عبارة عن مصارحات رجل "شاعر" خيال جامح، تتدفق مشاعره كالينبوع -رغبة لحبيب ما، نسجها من كلمات شفيفة والتي تتصف بمراوغة المعنى ومراقصته بشكل يجعلنا نشعر أن تلك الكلمات تفصح وتخفي، تصرح وتنفي، تخلق صورا قمة في الاشتهاء. صورا يرسمها ببهجة وعفوية بعيدا عن الصناعة المتكلفة، وكلما أوغلنا في القصيدة، نشعر أننا في ورطة جمالية، في الصور محبوكة تنساب في نسق جمالي. وصفا للمراة للعاشقة تنتظر وبحفاوة حب رجل متيم، وأَنا أَرسمُكِ كُلَّكْ بالقهوةِ والقُبلاتْ وأَرسُمُكِ بالكُحْلِ والمِسْكِ وأُخربشُكِ في شهواتِ الليلْ والوردِ البلدي والعسلِ الذهبي حيثُ حضورُك ضوء وعطورٌ وقناديلْ الشاعر وما يتفاعل بداخله من أحاسيس ومشاعر من خلال الدفقة الشعرية وإشراقة اللحظة يظهره لنا على هيئة تعبير مخبوء عن مكنونات مخفية ربما لايريد البوح بها ، تظهر لنا جليا ومن خلال تجسيد المشاعر بصورة حقيقية على شكل لوحات مرسومة بريشة الكلمات، والشعر ."علاقة النورس بالبحر" وأَنتِ العاشقةُ البيضاء كما نورسة البحر تُضيئينَ وتَضوعينَ برائحةِ البُّنِ وعطرِ الجوري والهيلْ وأَنا معشوقك البابلي والكوني والشهويُّ وتبرز ظاهرة المديح للأنا في نصه حيث يتغنى بالمفاتن . وربما هذا لم يحدث سوى في الحلم نجد كما كبيرا من الحب - والألم .. حزن غزا القلب . .وهكذا نرى في القصيدة صراع نفسي يطغى عليه بين مشاعر الحزن والألم والوحدة والخوف، صراع بين الأنا والآخر، بين اشتداد الحنين للآخر لكي يقترب، وبين الرغبة العارمة أن يبتعد، فنرى صراع مع الذات ومع الاخر، بين الفقد والعيش على تذكر ما سبق، أَتغزَّلُ فيكِ وأَتغنّى بمفاتنكِ كلَّ الليلْ .  فيغارُ الفرسانُ منكِ ومِنّي ويغارُ العشاقُ وتغارُ الصحراءُ وتَجنُّ الغزلانُ والخَيْلْ ويغارُ كذلكَ قمرُ اللهِ وتغارُ الزُهْرَة وعطاردُ يزعلُ ويغارُ كثيراً نجمُ سُهَيْلْ بنية النص متماسكة، لغة شاعرية قوية، عاطفة جياشة صادقة أمينة، نسق جميل متجانس متناسق في بنيته الموسيقية، مفردات بسيطة لكن موظفة بأمكنتها، وأبلت في توصيل المعنى. الحبيب الأول، على امتداد مساحة القصيدة ، هو الأول.. ولم يكتشف الشاعر حبيبا غيره.. ها اني أقبّلُكِ من أَقصاكِ الى اقصاكِ وبوساتي اليكِ هاتعصفُ وتثورُ كالبحرِ والنبعِ وتفيضُ عليكِ كالشلالِ والنهرِ وتَهيجُ وتموجُ كالطوفانِ العاصفْ وكأَمواجِ السيلْ هذا الحب يعيدنا إلى إنسانيتنا،ينقلنا من الحلم الشعري إلى الواقع الشعري. فما بين المجرد والمحسوس.  يظهر الجسد بحضوره المادي والرمزي. بينهما يتجلى المعنى المغيَّب الذي سيقودنا إليه الشاعر في فهم حقيقة الجسد القابع خلف المعنى، في مشاهد حميمية تسحبنا للامعنى وتجسد المفهوم المغيب للجسد، الجسد محط الإثارة والاغواء والجسد مجازا ولغة ورمزا.  متعة القراءة، جعلتنا في تناص كبير مع النص،سيما بتوثيق مجموعة صور تحرض فينا الخيال، وتقول بخصوبة الخيال لدى الشاعر. تعالي أَرسمُكِ تعالي أُحَمّمُكِ وتعالي أَرشفكِ مثلَ نبيذٍ عسليٍّ ومثلَ القهوةِ سمراءٍ وخُلاسيَّة ومثل الشاي الأخضرِ بالنعنعِ والريحانْ ومثلَ الخمرةِ والعَرقِ الريانْ ومثلَ " الجنِّ " والويسكي ومثلَ " الماريوانا " والدُّخانْ ومثلَ "الواين والتوما " ومثلَ ( البيرة ) ومياه فراتي ودجلته وكما " الدلتاء " والنيلْ لا بد أن نلاحظ السلسلة الكاملة للمفردات المترابطة منطقيا والتي شكَّلت هذا المشهد الشعري المهيب والضارب جذوره في البنية العميقة للنص على المستوى الدلالي وعلى المستوى السطحي أواللفظي . من هنا يمكن القول إن الألفاظ جاءت كتعبير صادر عن العقل الباطن للشاعر، فالألفاظ المجردة تحمل داخلها لهفة الشاعر، وما كانت لتأتي بهذه الشكل دون حضور حالة اللاوعي في الشاعر يتماهى الشاعر مع الشعر في مرحلة العزلة "الوباء" وتختلط تلك الكينونة معا إلى درجة أنه لم يعد من الممكن الفصل بينهما، لذلك ولأنه يصعب فصل الشاعر عن شعره، الشاعر عن عشقه.فقد أصبح مكتوبا لهما أن لا يفترقا بعد ذلك أبدا.  وتعالي ننسى (كوفيدَ وكورونا) والموتَ الاسودَ والخوفْ وننسى القهرَ والاحزانْ وتعالي ننزعُ عنّا الوحشةَ ونخلعُ كلَّ ثيابِ الغُربةِ والقمصانْ ونشربُ أَنخابَ البشرِ الاحياءِ والباقينَ والناجينَ من نيران الحرب والجوع الكافر والاوبءة المهلكة ونسمعُ انغاماً ساحرة وترانيماً وتراتيلْ تعالي لنغني عشقاً وجنوناً شوقاً وشجوناً و"ابوذيات ودارميات " ومواويلْ "استعارات" نزقة يفتتح الشاعر هذا المقطع على صور الجسد وقلقه، سفر إبداعي في عوالم الخيال.

مشاركة :