واشنطن تعاقب طالبان والأفغان يدفعون الثمن |

  • 1/3/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خرج العشرات من الأفغان إلى شوارع كابول الأحد مطالبين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن برفع العقوبات عن أفغانستان، فيما تتزايد حدة الأزمة الاقتصادية في كابول وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية ومن تأثير ذلك على الوضع الأمني في البلد والمنطقة. واشتكى المتظاهرون من أن العقوبات أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي للبلاد، مما تسبب في مشاكل للمواطنين. وشدد المتظاهرون على ضرورة أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات وتخفف من الضغط الاقتصادي عن أفغانستان التي تواجه وضعا إنسانيا كارثيا. وكان مئات من المتظاهرين قد خرجوا إلى شوارع العاصمة الأفغانية في الحادي والعشرين من ديسمبر الماضي متجهين إلى السفارة الأميركية ومطالبين بالإفراج عن الأموال الأفغانية المجمدة. وشهد الاقتصاد الأفغاني الهش بالفعل مزيدا من التدهور في أعقاب وقف المعونات الدولية إلى الدولة التي تمزقها الحرب. وبينما يعود السلام ببطء تتزايد الأزمة الاقتصادية بسرعة في أفغانستان الدولة غير الساحلية في جنوب آسيا، والغارقة في صراع مسلح منذ عقود. بابار بالوش: 23 مليون شخص يواجهون مستويات شديدة من الجوع وبعد انسحاب القوات الأميركية وسيطرة طالبان على العاصمة كابول في أغسطس 2021، أعلنت الحركة نهاية حربها المستمرة منذ 20 عاما ضد القوات الأجنبية. لكن الانهيار المفاجئ لإدارة الرئيس السابق أشرف غني بعد دخول مقاتلي طالبان إلى العاصمة ترك حكومة طالبان الجديدة في مواجهة العديد من التحديات، بما في ذلك بنك مركزي بلا سيولة نقدية. وتواجه أفغانستان حاليا أزمة اقتصادية هائلة، حيث لا تملك حكومة طالبان الموارد المالية الكافية لإدارة الدولة التي مزقتها الحرب. ويشعر التجار ورجال الأعمال الصغار في شوارع كابول بالقلق من الأزمة الاقتصادية المستمرة، ويتهمون واشنطن بدفع بلادهم نحو الانهيار الاقتصادي. وتحدث عبدالقيوم صاحب متجر في كابول “كنت أدير متجر السجاد الخاص بي على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية في كابول، لكنني لم أواجه مثل هذا الوضع حيث لا يمكنني بيع سجادة واحدة في اليوم”. وقال قيوم إن تحرك واشنطن منتصف أغسطس الماضي لتجميد أموال بلاده تسبب في هذه الأزمة. واحتجزت الحكومة الأميركية أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني، وأوقف العديد من المانحين والمنظمات بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المدفوعات منذ وصول طالبان إلى السلطة. ولكن العديد من الدول بما في ذلك الصين وروسيا وباكستان دعت الولايات المتحدة إلى السماح لأفغانستان بالوصول إلى احتياطاتها من العملات الأجنبية، لكن لا توجد مؤشرات إيجابية حتى الآن. ولم تجعل الأزمة الحالية من الصعب على حكومة طالبان إدارة البلاد بسلاسة فحسب، بل عرضت أيضا حياة الملايين من الأفغان الفقراء إلى الخطر. وقال توريال واسيل سائق سيارة أجرة والعائل الوحيد لعائلته المكونة من ثمانية أفراد، إن الأزمة جعلت الحياة صعبة للغاية. وأضاف “نفد الخشب والغاز من منزلي اليوم، وأنا أتساءل الآن كيف سأشتريه لأنني بالكاد أستطيع توفير 200 أفغاني (حوالي دولارين) في اليوم”. وأردف “كنا سعداء لأن الحرب انتهت، وأننا سنستمتع بحياة آمنة في كابول، لكن هذه الأزمة انتزعت منا تلك البهجة”. وحذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأسبوع الماضي من حلول فصل الشتاء بينما يواجه الناس في أفغانستان أزمة في الغذاء والمأوى. وقال المتحدث باسم المفوضية بابار بالوش في بيان أثناء إطلاق حملة شتوية عالمية لجمع التبرعات للعائلات النازحة في أفغانستان إن “نحو 23 مليون شخص، أي 55 في المئة من السكان، يواجهون مستويات شديدة من الجوع، ما يقرب من تسعة ملايين منهم معرضون لخطر المجاعة” مع ازدياد برودة الشتاء. وأضاف بالوش “ليس لدى الناس ما يكفي من الطعام، وهو أمر واضح للغاية”، واصفا الوضع بأنه “أزمة جوع ومجاعة”. وفي نوفمبر الماضي دعا وزير خارجية طالبان أمير خان متقي في رسالة مفتوحة إلى الكونغرس الأميركي إلى اتخاذ “خطوات مسؤولة تجاه معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تتكشف في البلاد”. وذكر في الرسالة أنه “مع الاقتراب السريع لأشهر الشتاء الباردة في أفغانستان التي عانت من ويلات فايروس كورونا والجفاف والحرب والفقر، لم تكتف العقوبات الأميركية بالتأثير على التجارة والأعمال فحسب، بل أثرت أيضا على المساعدات الإنسانية”. وأفاد بأن العقوبات الأميركية تضر بالصحة والتعليم والخدمات المدنية الأخرى في البلاد، وتسبب مشكلة كبيرة للشعب. الحكومة الأميركية تحتجز أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني كما أوقف العديد من المانحين والمنظمات بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المدفوعات منذ وصول طالبان إلى السلطة وحذر من أن “الضرر الذي يلحق بهذه القطاعات لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالأفغان العاديين، وسيكون هذا بمثابة أسوأ ذكرى مترسخة لدى الأفغان على أيدي الولايات المتحدة”. ووسط هذه التحديات تقول طالبان إنها تكافح من أجل توفير الغذاء والمواد الأساسية الأخرى للمحتاجين في جميع أنحاء البلاد، لكن هناك أمل في أن تتغير الأمور. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة طالبان في تصريحات إعلامية مؤخرا “الآن لدينا حكومة قائمة، نحصل على إيراداتنا من خلال الضرائب والجمارك وما إلى ذلك، ونحن ننفق هذه المبالغ على شعبنا”. كما شكر مجاهد كل تلك الدول التي تساعد أفغانستان، متمنيا أن تنتهي هذه الأزمات قريبا. ومؤخرا اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يتيح إيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان طوال سنة، مرفقا بآليات تضمن عدم وصول هذه المعونات إلى أيدي عناصر حركة طالبان. ويأتي اعتماد هذا القرار بعد أشهر من المناقشات في مجلس الأمن والمجتمع الدولي الأوسع حول كيفية درء الانهيار الاقتصادي في أفغانستان، بعد سيطرة طالبان على زمام الأمور في البلاد، وما تلا ذلك من تجميد من قبل الدول الغربية للمليارات من الدولارات التي كانت تستخدمها الحكومة السابقة لضمان توفير الخدمات الأساسية. وليس من المؤكد أن يكون ذلك كافيا لاحتواء الأزمة الإنسانية التي تتكشّف فصولها ويبقى الأمر في نهاية المطاف رهن “مدى حيوية النظام المصرفي”، على حدّ قول هانا لوشنيكافا شورش عالمة الاقتصاد المتخصصة في منطقة آسيا المحيط الهادئ لدى “آي.إتش.إس ماركيت”. وحذّرت منظمات دولية من احتمال وفاة مليون طفل أفغاني هذا الشتاء. ويتساءل مراقبون “من سيُلام برأيكم، الولايات المتحدة أم حركة طالبان؟”. وتشترط الولايات المتحدة حكومة أفغانية جامعة وضمان حقوق النساء في التنقل والتعليم للأفراج عن الأموال الأفغانية، وهو ما لم تلتزم به طالبان حتى الآن.

مشاركة :