لساعات طويلة يوميا تجلس مجموعات من الطلاب والطالبات على مقاعد لتلقي دورات مختلفة في صنع وتقديم الطعام بشكل احترافي في أكاديمية "سمايل كتشن" أول أكاديمية متخصصة لتعليم فنون الطهي في قطاع غزة. ويلتحق المتدربون بالأكاديمية التي أنشئت في العام 2017 من قبل زوجين في غزة لتعلم فنون الطهي الشرقي والغربي في محاولة لفتح مشاريع خاصة بهم للتغلب على الظروف الصعبة التي يعيشونها في القطاع المحاصر من قبل إسرائيل منذ قرابة 15 عاما. ونجحت الأكاديمية التي كان يهدف القائمون عليها في البداية لتعليم الآخرين كيفية طهي أنواع مختلفة من الطعام داخل المنزل باستخدام مكونات طبيعية وعضوية على مدار الأعوام الماضية في تخريج آلاف من المنتسبين لها وأصبحت علامة تجارية في القطاع. وتتنوع الورش التعليمية داخل الأكاديمية الحائزة على اعتراف من قبل وزارة العمل الفلسطينية في غزة ومنظمة الصحة العالمية ما بين (ورشة عمل تستمر 6 ساعات مقابل 10 دولارات أمريكية، وورشة عمل ل3 شهور مقابل 150 دولارا، ودبلوم مهني سنوي 500 دولار). ويقول أحمد طه مؤسس الأكاديمية برفقة زوجته نور البطة بينما انتهى للتو من إلقاء محاضرة نظرية لعدد من الطالبات، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الأكاديمية تستقبل عشرات الطلاب والطالبات يوميا للالتحاق بها كونها تساعدهم في العثور على مهن مناسبة سواء في غزة أو الخارج. ويضيف طه، الذي يرتدي معطفا وطاقية بيضاء على رأسه، أن نحو 750 متدربا التحقوا في ورش العمل التي نفذتها الأكاديمية في عامها الأول، ولكن الآن ينضم أكثر من 3500 طالب وطالبة يتعلمون طهي أنواع مختلفة من الأطباق الشرقية والغربية والحلويات. ويتابع الرجل البالغ من العمر (45 عاما) بينما يلتف عدد من الطالبات حوله، أن المطابخ الفلسطينية والصينية والفرنسية والإيطالية والعربية وغيرها ضمن برامج الدورات التي يتم تنفيذها داخل الأكاديمية عبر دروس نظرية وعملية. ولا يقتصر عمل المدربين على تعليم الطلاب كيفية صنع الطعام بل طريقة تقديمه للآخرين أيضا بناء على آداب السلوك، وهذا يشجع بعض الطلبة على المشاركة في المسابقات المحلية والعربية والحصول على جوائز. وبمجرد تخرج الطلاب من المدرسة ينضم بعضهم إلى المطاعم المحلية ويفضل آخرون السفر من غزة للالتحاق بالمطاعم في الدول الأوروبية، بينما يبدأ البقية في إنشاء مشاريعهم الخاصة لكسب المال. ومن بين الطلبة الذين التحقوا بالأكاديمية لتحسين مهاراتها في الطبخ وتنمية موهبتها منذ أعوام أملا في عمل مشروع خاص بها لدر الدخل عليها، كانت الشابة الفلسطينية منال الخطيب. وتقول الخطيب وهي من غزة ل(شينخوا) بينما تقف بجوار زميلاتها لبدء تحضير وجبة طعام، إن التحاقها بالأكاديمية كان بهدف تنمية هوايتها في طهي الطعام والأنواع المختلفة خاصة الغربية منها كالحلويات. واعتادت الشابة التي بدت الابتسامة على وجهها على عمل أنواع مختلفة من الطعام في منزلها، خاصة الكعكة الإسفنجية لكن كافة محاولاتها باءت بالفشل، ما دفعها للالتحاق بالأكاديمية. وتأمل الخطيب التخرج من الأكاديمية بعد إتقان صنع كافة أنواع الطعام خاصة الحلويات من أجل تطبيقها في المنزل والتقاط صور لها ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) لجذب الزبائن، مشيرة إلى أن المشروع سيكسبها بعض المال لمساعدة زوجها في النفقات اليومية. أما الشاب علي المجايدة من مدينة خانيونس جنوب القطاع فالتحق ب "سمايل كتشن" لتعلم أساليب تحضير الطعام والشراب وتقديمه للزبائن بطريقة لبقة وضمن البروتوكولات المعترف بها. ويقول المجايدة البالغ من العمر (27 عاما) والذي يعمل مساعد طاه في مطعم محلي في مسقط رأسه ل(شينخوا) إن الالتحاق بالأكاديمية "شيء إيجابي ويكسب المتدرب خبرة كبيرة خاصة في حال أراد فتح مشروع خاص به". وبالإضافة إلى مساعدة الآخرين في توفير فرص عمل لهم، عملت الأكاديمية على مشاركة عدد من طلابها في المسابقات العربية المتخصصة في الطبخ. ويقول مؤسس الأكاديمية إن العام الماضي نجح أربعة من الطلاب في انتزاع خمس ميداليات، منها الفضية والذهبية في مسابقة أقيمت في دبي، مشيرا إلى أن كثيرين آخرين سيشاركون في مسابقات ستقام في الجزائر والمغرب وتركيا. ويعتقد طه وطلابه أن غزة ستتمتع يوما ما بحياة سلمية وآمنة، مما سيسمح باستعادة السياحة مرة أخرى إلى القطاع الساحلي، ما سيدفع إلى توفير عشرات الآلاف من فرص العمل للناس. ويشير طه إلى أن الأكاديمية تقوم بإعداد جيش من الطهاة والعاملين في هذا المجال الذين سيشاركون في أعمالهم بمطاعم غزة بالإضافة إلى أماكن ساحلية أخرى حول العالم. وكان القطاع الساحلي منذ العام 1993 حتى 2005 منطقة مفتوحة مما يسمح لسكان غزة والأجانب بالتنقل من وإلى القطاع بحرية إلا أن كل شيء تغير إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع في العام 2007 ما تسبب بفرض إسرائيل لحصار مشدد عليه. ومع ذلك يطمح طه إلى استعادة وقف إطلاق النار الحقيقي في القطاع قريبا وإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ قرابة 15 عاما من أجل السماح لسكان غزة بالعيش عند مستوى مستقر مرة أخرى.
مشاركة :