أذكر أنني كتبت مقالاً انتقدت فيه أغلبية مجلس 2012 المبطل الأول، وذكرت أن الشارع هو من أجبر النواب على الانضمام لكتلة الأغلبية حتى إن كانوا خلاف ذلك، كما ذكرت عدم وجود بديل آخر لمن اضطر للدخول بهذه الأغلبية، ولأن المجلس لم يأخذ وقته الكافي لتنكشف حقيقة من أجبره الشارع على الانضمام لهذه الكتلة وبعد إبطال المجلس انكشفت الأقنعة، وتبين للشارع خداع من لبس قناع المعارضة والإصلاح بعد المشاركة الشعبية للانتخابات حين رفعت المعارضة شعار "نتركها لمن" تفاعل الشارع الكويتي لينتخب كل من رفع شعار المعارضة إلى أن وصلنا لشعار "رحيل الرئيسين" ليتفاعل الشارع بقوة فيسقط من تخاذل وكذب عليه، وينتخب أصحاب الشعار المذكور، ويوصل رسالته، واستمر ضغط الشارع ومراقبته لنوابه خاصة أولئك المترددين بين رغبتهم الخفية ليكونوا من الموالاة للحكومة وضغط الشارع عليه ليكونوا معارضين لها، إلا أن الحكومة وحلفاءها نجحت في فك الحصار عنهم، واستطاعت تفكيك كتلهم التي لم يكونوا يثقون ببعضهم فيها منذ تكوينها، ولنا في الباركود خير دليل. ما أردت قوله أن المسماة مجازاً "معارضة" لا يمكن سياسياً وصفها بذلك، فالمعارضة تعني الاختلاف مع الحكومة حول برنامجها أو سياستها، وعادة ما تحمل هذه المعارضة برنامجها الإصلاحي لتكسب به تأييد الشارع، كما أن المعارضة تجمعها أفكار ومبادئ لا تستطيع الحياد عنها لإيمانها بذلك، وهو الأمر الذي تفتقده معارضتنا التي تؤمن إيمانا مطلقا بالعملية الانتخابية أكثر من إيمانها بالعمل السياسي والوطني، لذلك لا نستغرب انقلابها أو تغير مواقفها عما كانت عليه أمام ناخبيها ومؤيديها. يعني بالعربي المشرمح: ليس من الحكمة أن نلوم الشارع على ثقته بالمعارضة، فمن انقلب وخدع وكذب هم من حمل شعار المعارضة والإصلاح، وحتماً سيكون حالهم حال من سبقهم في صناديق الاقتراع، كما لا يمكن لعاقل أن يضع اللوم على المؤسسة التشريعية ليصل به الأمر أن يقبل بحلها حلاً غير دستوري لمجرد أن هناك من خدعه وانقلب على مبادئه وشعاراته المعلنة، فالمواطن الصالح يؤدي دوره في الإصلاح وفقاً لما هو متاح له، ولا يجوز أن يكفر بمؤسساته الدستورية والمدنية وحقوقه، لأنه فقد الثقة بها نتيجة أفراد خانوا الأمانة وانقلبوا على شعاراتهم.
مشاركة :