أكد مختصون ماليون أن الترخيص للبنوك الرقمية بالمملكة يعد خطوة متقدمة في طريق التحول إلى النظام المالي الالكتروني، مدعوما بتقليص استخدام النقد في العمليات التجارية، لافتين إلى أن البنوك الرقمية لن تكون منافسا بشكل مباشر للبنوك التقليدية، باعتبار أن الأخيرة تستخدم الجانب الرقمي أصلا على نطاق واسع، إلا أن انتشار البنوك الرقمية مستقبلا سيدفع إلى تقليص أعداد الفروع لدى التقليدية بعد تحول غالب الخدمات إلى الجانب الالكتروني، الذي يمكن العميل من تنفيذ مختلف العمليات بعيدا عن مقر البنك، وبحيث لا يزور المقر إلا في الحالات التي تستدعي ذلك، وهي حالات نادرة.بدورهم أشار آخرون إلى أن البنوك الرقمية لن تكون منافسا للبنوك التقليدية على المدى القصير، وتوقعوا أن تعاني البنوك الجديدة من قلة العملاء قياسا بالتقليدية وبالتالي قلة السيولة خاصة في سنواتها الأولى وهو أمر طبيعي. لا رد من متحدثة البنوكولم تجب المتحدث الرسمي للبنوك رابعة الشميسي على استفسارات الصحيفة بخصوص مدى منافسة البنوك الرقمية للتقليدية مستقبلا، وهل ستؤدي إلى تقليص فروع التقليدية من أجل تخفيض التكاليف التشغيلية برغم التواصل معها بأكثر من وسيلة.مصاعب البدايةبدوره أفاد رئيس اللجنة المالية بغرفة الشرقية زيد اليعيش أن البنوك التقليدية وشركات التمويل توجهت أصلا للرقمة منذ أمد بعيد ولديها جميع الأدوات التي تستخدمها البنوك الرقمية، إلا أن سوق البنوك الرقمية مفتوح يواجه في البداية بعض المصاعب من حيث التشغيل والتمويل وقلة التفاعل معها باعتبارها مستجدة، حيث تعمل بترخيص جديد من مجلس الوزراء بعنوان «البنك الرقمي»، لافتا إلى أن تقييم تجربة البنوك الرقمية لا زال مبكرا لحداثة التجربة وعدم وجود فترة سابقة يمكن المقارنة على أساسها.تهديد مستقبليولفت اليعيش إلى أنه قد لا تكون هناك منافسة بين البنوك التقليدية والرقمية في الوقت الحاضر، حيث إن الأعمال الرقمية التي تقوم بها البنوك الرقمية موجودة أيضا في التقليدية، إلا أن زيادة أعداد الرقمية يمكن أن يمثل تهديدا مستقبليا، وفي ذات الوقت فإن شيوع الخدمات الرقمية سيسهم حتما في تقليص فروع البنوك التقليدية والصرافات التابعة لها، وهذا يحقق فائدة في خفض التكاليف، كما يقلص التوظيف.وتوقع اليعيش أن تعاني البنوك الرقمية من أزمة سيولة في البداية قبل أن يستقر وضعها فيما بعد، حيث لازالت خدمات هذه البنوك تحتاج إلى تعريف للجمهور.رفع الجودةوذكر نائب رئيس اللجنة الوطنية للقطاع المالي والتأمين باتحاد الغرف السعودية صالح العجاجي، أن الخدمات الرقمية جزء أساس من استراتيجية البنوك عموما والقطاع المالي خاصة في المستقبل، فيما يتعلق بتخفيض التكاليف ورفع جودة الخدمات، وهي ليست مقتصرة على البنوك الرقمية التي صدرت تراخيصها حديثا، فالبنوك التقليدية تستطيع أيضا المنافسة في الجانب الرقمي، وبما يقلل من الفروق بين الجانبين.مساندة للتقليديةوأكد المستشار المالي محمد العمرو أن تجربة البنوك الرقمية هي التطور الطبيعي والمساند للبنوك التقليدية فهي حقيقة فرضتها الحاجة والتقدم التقني المتسارع والكفاءة المالية والاقتصادية، لافتا إلى أن هذا التوجة نحو الرقمنة بدأ بالأساس من البنوك التقليدية لتقديم خدمات معينة وأحيانا جديدة تحتاجها شرائح واسعة من عملائها ما مكنها من تقديم خدمات أفضل وأشمل بتكاليف أقل، ما نقلنا للخطوة التالية الأكثر تخصصا بتقديم خدمات بعينها لشريحة محددة عن طريق البنوك الرقمية الجديدة، مشيرا إلى أن مثل أي خدمة أخرى مع دخول التقنية المتقدمة، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تقليص تدخل العامل البشري أو التعامل المباشر مع نضج التجربة للتحكم بالتكاليف.واعتبر العمرو أن هذا القطاع ما زال في البدايات عالميا ويمثل فرصة كبيرة للاستثمار، وقد تكون المملكة من الرواد مع الدول المتقدمة في هذه التقنية المالية الناشئة لوجود الانضباط الكبير في المجال البنكي والمالي السعودي وكذلك الطموح والدعم الحكومي التقني العالي، ولتوفر الديموغرافية الشابة ووجود الثروات الباحثة عن الفرص.وأشار العمرو إلى تسارع زيادة أعداد البنوك الرقمية سيتوافق مع استقطاب و دعم الشراكات والخبرات والاستثمارات الأجنبية ومع زيادة اعداد التصاريح الممنوحة و حتى خلق مسار وبيئة اكثر مرونة مع الوقت.تنشيط الاقتصادبدوره أفاد الدكتور عامر البشارات بأن تجربة البنوك الرقمية رغم حداثتها فإنها تسير بالاتجاه الصحيح، والتحول باتجاه البنوك الرقمية ورقمنة العمل المصرفي هو المستقبل الحقيقي للأعمال المصرفية بشكل عام، و قد كان قرار ترخيص البنوك المذكورة خطوة ذكية وسباقة ستزيد من تحريك السيولة النقدية بين القطاعات الاقتصادية وبالتالي تنشيط أفضل للاقتصاد الكلي .ولفت الى أن البنوك الرقمية ستزيد من كفاءة التجارة الإلكترونية مما ينعكس إيجابا على أسعار السلع والخدمات وتخفيض تكاليف التشغيل المصرفية وبدوره سينعكس على كلفة الاقتراض ناهيكم عن اعتمادها مستقبلا على عملات رقمية مربوطة بأصول مالية حقيقية تشبه ربط الدولار بالذهب سابقاً، حيث ستقوم البنوك المركزية باعتماد هذه العملات وبالتالي تكون البنوك الرقمية هي الأقدر على مواكبة هذه الأعمال.الترخيص والتكاملوذكر البشارات أن ترخيص البنوك الرقمية الجديدة سيعتمد على سياسات البنك المركزي السعودي وقدرة البنوك الأخرى على التكامل مع عمليات البنوك المرخصة حاليا، فكلما ازدادت قدرة البنوك المحلية على مواكبة المبادرات الحكومية ازداد معها نجاح هذا القطاع الرقمي الجديد.عملات رقميةمن جانبه أشار المحلل المالي محمد الفريحان إلى أنه ومع تحول الحكومات والمتاجر إلى الرقمنة واستخدام التقنية في تعاملاتها، وانتشار أجهزة التقنية الذكية جعل لزاما على البنوك التفكير في الانتقال إلى الرقمنة ومواكبة التطورات العالمية، ما يحقق الكثير في رفع الإيرادات وتخفيض تكاليف التشغيل، لافتا إلى أن تجربة البنوك الرقمية رغم حداثتها، إلا أنها أظهرت نجاحات ومن المتوقع ازدياد تراخيص البنوك الرقمية وخاصة في حال وضع تشريعات مستقبلا لاستخدام العملات الرقمية التي بدأت تنتشر بشكل كبير.
مشاركة :