يخيم التساؤل الحائر والمكرر على المشهد السياسي اللبناني: متى يتم إطلاق سراح الحكومة لتعقد اجتماعاتها وتبحث الملفات الساخنة والمتراكمة على طاولة الحكومة اللبتاتية..وتشير الدوائر السياسية في بيروت، إلى أنه بينما تتسارع وتيرة الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي نحو الأسوأ، والدولار ينهك حياة اللبنانيين، يستمر الدوران حول مشكلة تعطيل جلسات مجلس الوزراء من دون جدوى، وفي ظل عجز مطبق من المسؤولين لاخراج البلد من دوامة التعطيل وحالة الجمود التي تؤشر لمزيد من الخراب والدمار. تساؤلات حول إطلاق سراح الحكومة إزاء هذا الواقع السياسي المتردي، بحسب المحلل السياسي اللبناني، معروف الداعوق، لم تعد المناشدات والنصائح وحدها تكفي لانهاء تعليق جلسات مجلس الوزراء واطلاق سراح الحكومة للقيام بالمهمات المطلوبة منها، واتخاذ القرارات المطلوبة سياسيا، للخروج من دوامة الانهيار الحاصل، فالمواقف التي يعلنها رئيس الجمهورية ميشال عون بالدعوة، لمعاودة جلسات مجلس الوزراء، لتسيير امور الدولة وشؤون المواطنين، هكذا من دون تحديد معطلي الجلسات، وتسميتهم، ولاسيما حليفه حزب الله، لم تعد تكفي، لوقف مسيرة انهيار الدولة وزيادة معاناة اللبنانيين. الهروب باتجاه عقد طاولة الحوار الوطني، لا يفيد في وقف مسيرة تعطيل جلسات الحكومة، بحسب تعبير الداعوق، وطمس مسؤولية «حزب الله» من خلال الاصرار على الهيمنة على القضاء وتحجيم دوره لطمس خفايا جريمة تفجير مرفأ بيروت. لا جدوى من الحوار الفاشل ويؤكد المحلل السياسي اللبناني، زهير الماجد، للغد ، أن المفاجآت باتت تحاصر لبنان، وفي ظل هذه الأجواء نحن نترقب قرارات مدوّية، سواء من جانب رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، أو من قبل القاضي البيطار في قضية انفجار المرفأ ، وهي قرارات سوف تكون تداعياتها «مدوّية» أيضا. وأضاف للغد : إن الدعوة للحوار في القصر الرئاسي، بعبدا، لا تلقى تجاوبا كبيرا، ولذلك سيكون الحوار بـ«من حضر»، حيث تعترض القوى السياسية على الفكرة التي تهدف لتأجيل البت في قضايا المواطن المعيشية وفي بلد على عتبىة الانهيار الشامل .. وقال: الوضع الراهن لا يتحمل المزيد من «الوقت الضائع» في حوار لا جدوى من ورائه، بينما الارتفاعات المطردة للدولار تُشعل جنون الأسعار في الغذاء والدواء، كما في البنزين والمازوت والغاز، وصولاً إلى رغيف الخبز، وهو ما عبرت عنه صحيفة «اللواء اللبنانية»، بـ«تلهى أهل القرار بالدعوة إلى طاولة حوار في بعبدا»، وكأن البلد مازال يتحمل ترف تضييع المزيد من الوقت في مناقشات سفسطائية، لا تُسمن ولا تُغني من جوع! لبنان، ليس بحاجة إلى مزيد من المزايدات والخلافات على طاولات الحوار، أو حتى خارجها، بحسب تقرير الصحيفة اللبنانية، بقدر ما هو بأمسّ الحاجة لعودة مجلس الوزراء إلى الإجتماعات الحكومية الدورية، ووضع قطار الإصلاح والإنقاذ على السكة الصحيحة، بما يساعد على بدء إستعادة الثقة الداخلية والخارجية، والتوصل إلى الإتفاقات اللازمة مع صندوق النقد الدولي. ترقب موقف جديد من ميقاتي وفي نفس السياق، هناك توجّه لموقف جديد لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على خلفية التّصعيد بين حزب الله والسعودية، وقد يكون قاسياً هذه المرّة، بحسب تعبير الباحث أنطوان غطاس صعب، وعلى هذا الأساس هناك إستحالة لعودة جلسات مجلس الوزراء قريباً، خصوصاً وأن «حزب الله» وحركة أمل يطالبان بإيجاد حلّ لموضوع المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي، طارق البيطار . تأجيل محتوم للانتخابات وتؤكد مصادر سياسية في بيروت، أن هناك أكثر من سيناريو يتمّ التّداول به على صعيد الانتخابات النيابية، فالأمور كما هي راهناً تذهب بإتجاه تأجيلها، فضلاً عن التأجيل المحتوم تقريباً للانتخابات البلدية والإختيارية ربطاً بأمور عدّة، ومنها جائحة «كورونا»، والانقسامات السياسية، والأوضاع في البلد. وتضيف المصادر السياسية إن القوى والأحزاب والتيارات باتت تترقب إصدار القاضي بيطار «قراره الظنّي» قريباً، ومن المتوقع أن يكون قراره «مدويا»، ولذلك يتحسب اللبنانيون ، أن يتجه البلد في الأسابيع المقبلة الى مرحلة شبيهة بحقبة تشكيل المحكمة الدولية، والتصعيد سيكون على مختلف المستويات السياسية والقضائية. نهج تعطيل تشكيل الحكومات المفارقة المحزنة أن أسلوب تعطيل المؤسسات الدستورية، والتسبب بالشلل الكامل في مواقع القرار، تحوَّلان إلى نهج سياسي، عبر تعطيل تشكيل الحكومات بعد إنتخابات ٢٠٠٥، إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية مرتين، الأولى لسنة وبضعة أشهر إثر إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عام ٢٠٠٧، والثانية لسنتين وستة أشهر بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في مايو/ أيار ٢٠١٤.
مشاركة :