لم يكن يمر يوم إلا وتتعرض المصرية مروة مجدي للأذى اللفظي من والدة زوجها، فهي لا تروق لأمه، ومنذ ارتباطها بزوجها كثيرا ما يتعرض لها بالضرب إرضاء لوالدته، حتى طفح الكيل بالزوجة ولم تعد قادرة على التحمل، فذهبت إلى منزل أهلها برفقة أولادها، طالبة أن تقيم مع زوجها بعيدا عن الأم وليس في بيت عائلته، على أمل أن تعيش حياة أسرية مستقرة. لجأ الزوج إلى تأديب شريكته بمكايدتها وسمع كلام أمه وتزوج عليها، كنوع من كسر شوكتها وإجبارها على العودة إلى منزله مرة ثانية، وقد حدث، حيث تزوج ابنة عمه ليس بدافع أن يعيش معها حياة سعيدة، بل لقهر شريكته الأولى، وبعد فترة قصيرة قام بتطليقها، فوقع الظلم على الاثنتين، وانهارت أسرتاه بعدما تمسكت كلاهما بالطلاق. رحاب العوضي: الزواج الكيدي يعكس انهيار قدسية العلاقة الزوجية وقالت الزوجة الأولى لـ”العرب” إن ابنة عم زوجها السابق اعترفت لها بعد طلاقها بأنه كان في كل مرة يصارحها بأنه تزوجها فقط لمكايدة زوجته الأولى لقهرها وإذلالها وجعلها تندم على تركها المنزل دون رجعة، وبلغ الأمر حد الاعتراف بأنه لا يحبها (زوجته الثانية) وزواجه منها كان على سبيل المصلحة ليس أكثر، وداوم على إساءة معاملتها، معتبرا أنه تسرع في الخطوة، حتى انهارت الأسرة على رأس الجميع. وتظهر ملامح الزواج الكيدي في مصر من معدلات الطلاق القياسية لأنه غالبا ما ينتهي إلى انفصال الشريكين، وتدفع الزوجة الثانية ثمنا غاليا لأنها لا تعلم في بادئ الأمر هل زواج الرجل منها عن قناعة أم أنه مجرد نزوة ونكاية في الزوجة الأولى، إلى أن تظهر الحقيقة بعد فترة قصيرة بعدما يشعر الزوج بأنه تورط مع امرأة لا يحبها ولا يستطيع استكمال علاقته معها فيلجأ إلى طلاقها. وقد يشعر الرجل بالحنين إلى الزوجة الأولى بعد زواجه كيديا من ثانية، فيظلمها معها ويقدم على طلاقها ليعود إلى أم أولاده الأولى، لكنه يترك وراءه امرأة مقهورة قبلت الزواج منه وهي تعتقد أنها ستبني أسرة وتنجب أبناء وتعيش حياة سعيدة، ثم تفاجأ بأنها مجرد وسيلة لقهر الزوجة الأولى وبعدها تحمل لقب مطلقة في وقت قياسي قصير، لتواجه نظرات قاسية من أسرتها ومحيطها وتحميلها مسؤولية الانفصال. وهناك زواج كيدي من نوعية أن يقوم الرجل والمرأة بعد انفصالهما رسميا بالزواج سريعا من شريك آخر، ليس بدافع الاستقرار الأسري أو الميل العاطفي لشخص بعينه، بل لمناكفة الطليق، وهنا يكون الشريك الجديد مخدوعا ويوهم نفسه بأنه يعيش حياة زوجية مستقرة، ويصطدم بعد فترة بسوء المعاملة وجفاء العلاقة من دون أسباب واضحة إلى أن يكتشف أنه كان وسيلة لقهر طرف آخر. ويعتقد متخصصون في العلاقات الأسرية بالقاهرة أن الزواج الكيدي إحدى صور الخيانة الزوجية، لأن الرجل أو المرأة عندما يتزوج أحدهما مرة ثانية في ظل عدم وجود قناعة أو شغف لمجرد تعويض خسائر الزواج الأول، فإنه بذلك يخون الشريك الجديد، لأنه يعيش معه دون عاطفة حقيقية أو غرض البحث عن حياة سعيدة معه، لكن لاستغلاله في مناكفة الشريك القديم. ونادرا ما تلجأ الزوجة نفسها إلى هذا السلوك غير الإنساني، لأنها عندما تتزوج بعد انفصالها عن شريكها الأول تبحث عن الاستقرار والأمان وتعويض ما فاتها في حياتها، أو بمعنى أدق تشتري راحة البال، بعكس الرجل نفسه الذي قد يقدم على زيجات عديدة لإيهام طليقته بأن هناك نساء غيرها قبلن الزواج منه على حاله، أي أن المشكلة كانت فيها، أما هو فها هو مرغوب من السيدات. وقالت رحاب العوضي استشارية العلاقات الزوجية في مصر إن الزواج الكيدي يعكس انهيار قدسية العلاقة الزوجية عند بعض الفئات، فهو فعل غير إنساني ويخلف وراءه مقهورين ومظلومين ليس لهم ذنب أو جريرة في المشكلات النفسية والاجتماعية التي يتعرضون لها على أيدي أشخاص يحاولون إثبات أنهم الأصح، ومكايدة أزواجهم السابقين ولو بالتضحية بحياة إنسان آخر. وأضافت لـ”العرب” أن الزواج المبني على الكيدية لا يمكن أن يؤسس لحياة أسرية مستقرة متفاهمة تحيطها العاطفة والمشاعر، بل دائما ما يكون سببا رئيسيا في المشكلات والأزمات والصراعات لأن الذي يتزوج بغرض المكايدة يفقد أي نوع من الصفاء النفسي أو الميل ناحية الشريك الجديد، وغالبا ما يشعر بأنه تورط في الزيجة، فيناكفه ليدفعه نحو طلب الطلاق. وهناك من يخطب فتاة أو من ترتبط بشاب لمكايدة الخطيب السابق للرد على فشل العلاقة، بغرض استعادة الحب المفقود أو إظهار التحدي للشريك القديم، لكن العلاقة ستكون فاقدة أهم أسباب استقرارها، وهوالعاطفة التي تصبح منعدمة وتتحول الخطبة أو الزيجة إلى سجن للطرفين، فكلاهما لا يطيق الآخر، أو تتحول إلى حب من طرف واحد، فتنهار أيضا عند أول مطب تمر به. ملامح الزواج الكيدي في مصر تظهر من المعدلات القياسية للطلاق لأنه غالبا ما ينتهي إلى انفصال الشريكين ووفق الاستشاري النفسي محمد هاني، فإن الزيجات الكيدية غالبا ما يصاب أصحابها بالندم على قراراتهم بعد وقت قصير بسبب الأعباء المعنوية التي تكون واقعة عليهم، والتكاليف المرهقة التي يجدون أنفسهم أنهم تورطوا فيها بتصرف خاطئ ومتسرع، كما أن انعدام التوافق النفسي مع الشريك الجديد يحول حياة الرجل أو الزوجة إلى جحيم، الأمر الذي ينتهي بالطلاق. ولفت لـ”العرب” إلى أن خطورة زواج النكاية تتضاعف عندما ينتج عن العلاقة أبناء، لأنهم يتحملون النصيب الأكبر من الآثار المدمرة على الصعيد النفسي والسلوكي والاجتماعي، إذ يعيشون كل يوم في مشكلات بداع ودون سبب بين الأب والأم، لأن الشريك الذي تزوج لمناكفة الشريك القديم كل تركيزه ينصب على التشفي من الآخر، وبالتالي يتحول إلى شخص عديم المسؤولية تجاه أسرته الجديدة، ويسعى بشتى الطرق لإخضاع الشريك الجديد ومحاولة السيطرة عليه لإثبات أنه شريك ناجح وليس فاشلا كما يقول الشريك القديم عنه. ووفق علاقات كثيرة تأسست على المكايدة والتشفي، فإنها من النادر أن تتحول بعد فترة إلى علاقة قائمة على المودة والعاطفة بين الشريكين، طالما تحقق الهدف من قهر الشريك القديم لأن ما بُني على أسس واهية من السهل سقوطه فوق رأس أصحابه، فالعلاقة بعيدة عن التخطيط لتحقيق أهداف نبيلة ومن الطبيعي ألا يؤسس ذلك لحياة مستقرة، ما يجعل كل الأطراف خاسرة وتعيش في عالم مليء بالزيف وخال من العاطفة والمودة التي هي أساس العلاقة الزوجية الناجحة.
مشاركة :