عكست تصريحات المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز الأحد تقديمها ما يشبه خارطة طريق فشل الانتخابات؛ حيث بدت كأنها لا تملك أي خارطة لإنجاح العملية الانتخابية التي لم فشل إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، مرجحة أن تتم الاستحقاقات حتى في يونيو القادم وسط غياب أي مؤشر على توافق الأطراف الداخلية أو الخارجية بشأن ذلك. قدمت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز الأحد ما يشبه خارطة طريق فشل الانتخابات الليبية، حيث رجحت أن تُجرى حتى في يونيو المقبل دون وجود أي مؤشرات على توافق قريب بشأن الاستحقاقات الانتخابية، سواء داخليا أو خارجيا، وذلك بعد انهيارها في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي. وقالت في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية نُشرت الأحد “أعتقد أن إجراء الانتخابات لا يزال ممكنًا في هذا الإطار الزمني، قد يشمل ذلك سيناريوهات مختلفة، أعتقد أن من المهم (اليوم) أكثر من أي وقت مضى أن يكون للشعب الليبي أفق سياسي في هذا الصدد”. عزالدين عقيل: ويليامز لا علم لها بما يجري وليست لها أي خارطة طريق ومن جهة أخرى عكست تصريحات ويليامز الرغبة الداخلية والخارجية في الإبقاء على الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة عبدالحميد الدبيبة رغم سعي بعض النواب في البرلمان لإسقاطها، حيث شددت على أن الحل لا يكمن في تشكيل حكومة انتقالية جديدة. فشل العملية الانتخابية بدت ويليامز في تصريحاتها كأنها لا تملك أدوات أو ضمانات قد تُفضي إلى إنجاز الانتخابات، ما يعني أنها تفتقر إلى خارطة طريق بشأن ذلك، وهو ما دفعها إلى الإعراب عن تفاؤلها إزاء إجراء الانتخابات مع الإشارة دون أي تفسيرات إلى إمكانية حدوث سيناريوهات أخرى. ومنذ تعيينها مبعوثة شخصية للأمم المتحدة ساد انطباع بأن تلك الخطوة تعكس توجها أميركيا لمنع إجراء انتخابات قد تقود نتائجها إلى فوضى جديدة أو صعود سيف الإسلام القذافي المدعوم من روسيا أو قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر اللذين دخلا السباق الرئاسي. وويليامز هي دبلوماسية أميركية شغلت منصب القائم بالأعمال في السفارة الأميركية بطرابلس لمدة سنوات قبل أن تتولى منصب نائب المبعوث الأممي. ويرى المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل أن ويليامز لا علم لها بما يجري وليست لها أي خارطة طريق في الظرف الراهن، مضيفا أن “ويليامز آخر من يعرف ما يحدث في ليبيا، ربما تعرف المقترحات التي تطرحها بلادها الولايات المتحدة في سياق مفاوضاتها مع روسيا حول الأزمة الليبية، لكنها لا تعرف أي شيء عن أي تسوية محتملة، ويليامز تمثل بريمر الأميركي الآن وليس الأمم المتحدة”. وأضاف عقيل في تصريح لـ”العرب” أن “الحالة الليبية حالة دولية وويليامز تمثل الولايات المتحدة”، مستبعدا أن يتم إجراء الانتخابات في الظرف الراهن. أمال بوقعيقيص: الخارطة وافاها الأجل المحتوم، أحسن الله عزاءنا في الانتخابات ويبدو أن التوجه العام في ليبيا يسير نحو إلغاء الانتخابات العامة في المرحلة المقبلة، مقابل إحياء جدل الاستفتاء على الدستور بما يحيط به من هواجس تتمحور أساساً حول إمكانية رفض المسودة الحالية، ما يعني إعادتها إلى هيئة صياغة الدستور التي ستكون مطالبة بتعديل البنود المرفوضة من إقليم برقة (المنطقة الشرقية)، وقد تستغرق هذه العملية سنوات. وسيعني ذلك انهيار خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف السويسرية، وفقا لأوساط سياسية ليبية. وقالت أمال بوقعيقيص، عضو ملتقى الحوار، الأحد إن “خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها ماتت بفعل البعثة الأممية للدعم في ليبيا”. وشددت في تدوينة لها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على أنه “من خلال قراءتي للتصريحات الأممية يبدو لي أن خارطة الطريق قد وافاها الأجل المحتوم، أحسن الله عزاءنا في الانتخابات بنوعيها ولأهلنا في العزاء واحد، وسيشيع جثمان خارطة طريق برلين المغدورة إلى مدافن الأمم المتحدة في القريب العاجل”. لا تغيير حكوميًّا بعثت ويليامز رسائل تفيد بأن الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة الدبيبة في حاجة إلى البقاء من خلال رفض مساعي تشكيل حكومة جديدة، وهي مساع يقودها نواب برلمانيون، وهو في الواقع رفض يتناقض مع خطط المبعوثة الأممية التي تعمل على إلغاء الانتخابات. وقالت ويليامز إن التركيز في المرحلة المقبلة يجب أن يتمحور حول إنجاز العملية الانتخابية، مضيفة “شهدت ليبيا خمس فترات انتقالية، لا أعتقد أن الحل سيكون بتشكيل حكومة انتقالية جديدة”. وترى ويليامز أن “الحل يمر من خلال تشكيل أفق سياسي ثابت الأركان يؤدي إلى اختيار حكومة منتخبة، ورئيس منتخب، وبالطبع وضع أكثر ديمومة يرتكز على أساس قانوني ودستوري قوي”. ويواجه هذا الموقف اعتراضا من قبل نواب في البرلمان الليبي يسعون لتغيير حكومة الدبيبة الذي يتهمونه بالفساد وغير ذلك، لكن الثابت أن مصير الحكومة سيُحسم في الأيام القادمة خاصة وأن البرلمان سيعقد جلسة اليوم الاثنين. وأكد عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة أن إعادة تشكيل الحكومة هي أولوية كإحدى أهم الخطوات في طريق التمهيد للانتخابات، موضحا أن “تقرير اللجنة النيابية المكلفة بإعداد خارطة الطريق للمرحلة المقبلة قد لا يكون جاهزا خلال جلسة الاثنين”. وأضاف البرلماني الليبي في تصريحات محلية بُثت الأحد أن “هذا التقرير سيتضمن مقترحاتها بشأن شكل خارطة الطريق التي تتضمن توضيح وضع الحكومة وبقائها أو عدمه”، مشددا على أن “مطلب تغيير الحكومة هو مطلب عدد من النواب الذين بادر موقع مجلس النواب لنشر بيانهم”. لكن عقيل يؤكد على أن “ويليامز تعبر عن رأي بلادها وتركيا وإيطاليا في ما يتعلق بالحكومة. الولايات المتحدة تريد بقاء واستمرار الدبيبة، لكن قوى أخرى مثل روسيا قادرة على إشعال حرب في ليبيا إذا كانت لا ترغب في بقائه؛ يعني ما دام الهدوء يسود ليبيا، وفي ظل ذلك يستطيع الدبيبة ضمان مصالح هذه القوى، الدبيبة لم يبق له غير شرفه لم يدفعه مباشرة من أجل البقاء في المنصب”. واستنتج أن “هناك دولا أخرى لا ترغب في بقاء الدبيبة قد تشعل النار تحت قدميه وتحت أقدام الأميركيين الذين قد يتخلون عنه، وأيضا هناك معطى آخر وهو فتحي باشاغا (وزير الداخلية في حكومة الوفاق) الذي يسعى هو الآخر للإطاحة بالدبيبة، هل بإمكانه القيام بذلك؟ في اعتقادي هذا هو السؤال (الذي يطرح نفسه)”. وبالفعل حاول باشاغا مؤخرا تقديم نفسه على أنه رجل المرحلة، ولطالما وجه انتقادات لاذعة للدبيبة وحكومته، وذلك وسط تكهنات بوجود ترتيبات لتنصيبه رئيسا للحكومة بعد رحيل الدبيبة. والسبت طالب 22 نائبا من الغرب الليبي رئيس البرلمان بتنصيب باشاغا رئيسا للحكومة بعد استبداله بالدبيبة، مشيرين إلى أنهم حصلوا على تأييد 75 نائبا. ومع ذلك يبدو أن التوجه العام ينحو نحو الإبقاء على الدبيبة إلى حين الإعلان الرسمي عن إلغاء الانتخابات، وحينها سيحدد مستقبل حكومته التي سترحل على الأرجح رغم أنه قد يرفض ذلك.
مشاركة :