هذا الوداع الدافئ يليق بوائل الإبراشى، هؤلاء الذين حرصوا على إعلان حبهم فى سرادق العزاء الذى أقامته مؤسسة (روزاليوسف) ومن كل الاتجاهات السياسية والفكرية يؤكدون دفء المشاعر التى يحملها الجميع، فلا مجال منذ رحيله سوى أن تعلو فقط نبضات القلوب الصادقة. عرفت وائل فى منتصف الثمانينيات فى الطابق الخامس بـ(روزاليوسف) شخصية مهذبة ومتواضعة وموهوب فى التقاط الأخبار وكتابتها، التقطته عين الخبير الكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة، واكتشف أن بداخله صوت المحقق الصحفى القادر على البحث عن الحقيقة الدؤوب فى الإمساك بكل التفاصيل، وهكذا فى كل أسبوع (ضربة) صحفية عليها توقيع وائل تجد طريقها مباشرة إلى الغلاف. تفرد وائل فى التحقيقات، بينما مثلا من جيله تجد إبراهيم عيسى وعبدالله كمال لمعا أكثر فى كتابة المقالات الساخنة بمفردات عصرية، بينما محمد هانى يملك رؤية استراتيجية فى الفن تؤهله لرئاسة القسم فى (روزا)، حيث ترى على تخوم المقالات والتحقيقات والأخبار الفنية الموقف السياسى كجزء حميم فى التناول. كما وجد مثلا فى عمرو خفاجى إلماما بكل تفاصيل المطبخ الصحفى، فكان هو سكرتير التحرير وهكذا تنوعت المواهب. وائل لا يهدأ فى البحث عن الحقيقة ويستطيع أن يناقش بكل لياقة أعتى وأكثر القضايا سخونة وحساسية. الصحفى وائل الإبراشى هو العمق الاستراتيجى للإعلامى الكبير وائل الإبراشى، كل ما قدمه لنا وائل من إبداع، تستطيع أن ترى خلفه بعين مدققة الصحفى الشاطر، وهكذا انتقل للشاشة كمعد برامج فى البداية مع هالة سرحان، ثم كان له حضوره كمقدم برامج خلفا لمنى الشاذلى فى قناة (دريم) فى برنامجها (العاشرة مساء)، الأكثر جماهيرية فى تلك الأثناء، وكانت منى أشد المتحمسين لترشيح وائل ليخلفها، وحافظ وائل على الجماهيرية التى حققها البرنامج فى ظل منافسة شرسة، وتعددت إطلالته حتى وصل لبرنامج (التاسعة) على القناة الأولى، وفى وقت كانت شاشة ماسبيرو تعانى من أفول بعد ثورة 25 يناير، وتضاءلت نسب المشاهدة استطاع وائل المشاغب أن يعيد لشاشة ماسبيرو جمهورها المفقود. وفى عز النجاح والتألق ضربه الفيروس القاتل، من البدهى أن نأمل جميعا بأن وائل سينتصر، كلنا عشنا الأمل وليس فقط عائلته الصغيرة زوجته السيدة سحر وابنته ذات الخمسة عشر عاما، فى سرادق العزاء وجدت عشرات من البرامج والمواقع الصحفية تسألنى أنا وغيرى عما أثير مؤخرا حول أن وفاته بسبب خطأ طبى. الموضوع برمته معروض الآن أمام النائب العام ونقابة الأطباء، وهى تتولى التحقيق مع كل الأطراف، وعلينا أن ننتظر كلمة القضاء، فقط نتحدث الآن عن إنجازات وائل الصحفية والإعلامية، حتى لا يتكرر الأمر معه مثلما حدث مع سعاد حسنى بدلا من الحديث عن إبداعها، يتناول الإعلام على مدى عشرين عاما سؤالا بلا جواب قاطع، هل انتحرت أم قتلت؟ لكل حادث حديث، وعلى الإعلام الترقب والانتظار حتى تنجلى أمامنا الحقيقة. الآن نتذكر دائما الصحفى والإعلامى الكبير وائل الإبراشى، وأتمنى أن يتعاون فريق من تلاميذه، وهم (كُثر)، لتجميع برامجه ومقالاته وتحقيقاته المتعددة وتقديمها فى إطار فنى كفيلم تسجيلى يحمل اسمه للزمن القادم، ليصل الدرس الأغلى والأرقى الذى قدمه وائل، إنك من الممكن أن تجمع بين (الترند) و(القيمة)، وهكذا كانت الجماهيرية والمصداقية عنوان وائل الإبراشى!!. [email protected] المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).
مشاركة :