قمة العشرين ومحاربة الإرهاب

  • 11/19/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سيطرت على حوارات ومناقشات قادة مجموعة دول العشرين G20 بالقمة العاشرة لتلك المجموعة، التي عقدت مؤخراً في مدينة أنطاليا بتركيا، خلال الفترة 15-16 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الجاري، الإجراءات الدولية الكفيلة بمحاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، باعتباره معوقا ومقيدا للتنمية الشاملة المستدامة العالمية، وبالذات لاقتصادات الدول التي تتعرض لعميات إرهابية بين الحين والآخر. البيان الختامي للقمة أكد على ضرورة مواجهة الإرهاب، في ظل تزايد وتيرة حدة العمليات الارهابية على مستوى العالم، والتي كان آخرها الهجمات الإرهابية المؤسفة والمؤلمة في نفس الوقت، التي وقعت في نواح متفرقة من باريس قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمر القمة، والتي أسفرت عن وقوع أكثر من 120 قتيلاً ونحو 200 مصاب. وبغية القضاء على الارهاب والارهابيين، شدد البيان الختامي للقمة على ضرورة التصدي للعمليات الارهابية، التي تحدث على مستوى العالم هنا وهناك، باعتبارها باتت تقوض الأمن والسلم الدوليين، وتعمل على إجهاض جميع الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام على مستوى العالم، لا سيما في ظل طموحات قادة دول المجموعة، بأن ينمو الاقتصاد العالمي بمقدار 2% حتى عام 2018، ما يستدعي تطبيق استراتيجية دولية كفيلة بتحقيق هذا النمو المستهدف، بما في ذلك إجراء العديد من الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد العالمي لبلوغ ذلك الهدف. ومن بين تلك الإصلاحات على سبيل المثال لا الحصر، تضييق فجوة التباين الحاصل في النمو الاقتصادي بين دول العالم، والقضاء على العديد من التشوهات الاقتصادية والممارسات والسلوكيات الخاطئة التي يمارسها بعض من دول العالم، وبالذات الدول المتقدمة، والتي بدورها تضغط على نمو اقتصادات الدول النامية واقتصادات الدول الأقل نمواً. ومن بين تلك الممارسات الخاطئة التي يمارسها بعض من دول العالم المتقدم، ما يعرف بالحمائية وحرب العملات والإغراق بما في ذلك سن القوانين والتشريعات، التي تحد من تدفق التجارة البينية بين دول العالم بشكل انسيابي ومرن. إن النمو العالمي المستهدف وتوليد أكثر من 50 مليون وظيفة على مستوى العالم، لا يمكن له أن يتحقق بأي حال من الأحوال في ظل معاناة المجتمع الدولي من الإرهاب والإرهابيين، ومن هذا المنطلق وبهدف القضاء على الإرهاب الدولي، دعت المملكة العربية السعودية في أكثر من مناسبة رسمية دول العالم إلى أن تتكاتف جهودها في القضاء على الإرهاب، باعتبار أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تعمل بمعزل عن بقية دول العالم في محاربة ومكافحة آفة خبيثة تهدد الأمن والسلام الدوليين، بما في ذلك تهديد الاستقرار السياسي للدول ونموها الاقتصادي. جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب ظلت حاضرة وبقوة في الاجتماع الأخير لقمة مجموعة دول العشرين وفي غيرها من القمم، باعتبارها صنعت لنفسها نموذجاً فريداً وريادياً على مستوى العالم كفيلا بالقضاء على الإرهاب. ومن بين تلك الجهود على سبيل المثال لا الحصر، الدعوة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، والذي تبرعت له المملكة بمبلغ 100 مليون دولار، ليتمكن من تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.  أيضاً للمملكة جهود كبيرة في تجفيف منابع الدعم المالي للإرهاب والإرهابيين، من خلال فرض قواعد وإجراءات صارمة للغاية، تَحد بشكل كبير من تغذية الإرهابيين بالأموال التي تساعدهم على تمويل عملياتهم الإرهابية والتوسع فيها. وما قامت به المملكة من إجراءات ترمي إلى تجفيف منابع تمويل الإرهاب، قد دعا إليها البيان الختامي لقمة العشرين التي عقدت في تركيا، بدعوته ومطالبته لبحث آليات جديدة لتجفيف منابع الدعم المالي لداعش بشكل صارم، خاصة فيما يتعلق بسوق النفط السوداء. أخلص للقول بأن البيان الختامي الصادر عن قمة مجموعة دول العشرين الأخيرة، التي عقدت في مدينة أنطاليا بتركيا، شدد على ضرورة مكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، باعتباره مقيدا للأمن والسلام الدوليين، وليس ذلك فحسب، بل إنه لن يمكّن العالم من تحقيق مستويات النمو الاقتصادي المستهدفة أو توليد الوظائف المرجوة في ظل وجود إرهاب، باعتبار أن الإرهاب آفة خطيرة تأتي على الأخضر واليابس وتقضي عليهما. ومن هذا المنطلق فإن القضاء على الإرهاب، يستدعي تكاتف الجهود الدولية، والامتثال لدعوات المملكة المتكررة للمجتمع الدولي بضرورة محاربته والقضاء عليه، بما في ذلك الاستفادة من خبراتها في هذا المجال، بحيث يضمن العالم تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة، وينعم في نفس الوقت باقتصاد قوي ومتين.

مشاركة :