بكين 21 يناير 2022 (شينخوا) منذ أن قام مثيرو الشغب بمحاصرة مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021، تحطمت المِصْفاة الوردية للديمقراطية على الطريقة الأمريكية أمام العالم. حتى بعد مرور أكثر من عام، لا يزال من الممكن رؤية آثار أعمال الشغب المروعة من خلال تصاعد المعارك الحزبية في الكونغرس الأمريكي والفوضى المستمرة في المجتمع الأمريكي. فعلى طول الطريق، أخذت الديمقراطية الأمريكية تتراجع وسط تزايد الانقسام والفوضى. مع استمرار تدهور السياسات الحزبية في مبنى الكابيتول، لم يعد بإمكان النظام الديمقراطي الأمريكي تمثيل إرادة الشعب الأمريكي، لأنه موجود فقط في الشكل وليس في الجوهر. وكما قال موقع ((فوكس)) الإخباري الأمريكي، في البلدان التي تتعرض فيها الديمقراطية لخطر الانهيار الحقيقي أو حتى الهزيمة الصريحة -- أماكن مثل الولايات المتحدة من بين أماكن أخرى -- تعد "الدوافع الحقيقية وراء الانهيار الديمقراطي دوافع محلية". على مدى العام الماضي، دخل الديمقراطيون والجمهوريون في جدال حول مجموعة من القضايا التشريعية الحاسمة المتعلقة مباشرة بحياة الشعب الأمريكي، بما في ذلك حزمة الإغاثة المتعلقة بكوفيد-19 وبرامج الضمان الاجتماعي الجديدة ومبادرات المناخ وإصلاح نظم التصويت. ومرة أخرى، برز الانقسام المزعج بين الحزبين بشأن تحقيق الكونغرس في أحداث الشغب التي وقعت في الكابيتول. فقد انتقد الديمقراطيون أحداث الشغب في الكابيتول ووصفوها بأنها هجوم على الديمقراطية حيث قام أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل عنيف بتعطيل إجراءات التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ولكن الجمهوريين حاولوا التقليل من شأن الحادث وتوابعه، وكذلك التقليل مما تردد عن دور ترامب في التحريض عليه. وأثناء التعبير عن معارضة حزبه لأحداث الشغب في الكابيتول، اتهم زعيم الأقلية بمجلس النواب كيفين مكارثي الديمقراطيين باستخدام التحقيق "كسلاح سياسي حزبي لزيادة حدة الانقسام في بلادنا". مع انتشار نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة، يبدو أن الانقسام السياسي في البلاد آخذ في الاتساع قبل انتخابات 2022، حيث لا ينظر الجانبان إلى بعضهما البعض كخصوم بل كأعداء"، وفقا لتقرير توقعات صادر عن (المجلس الأطلسي)، وهو مركز أبحاث أمريكي. للأسف، يُنظر إلى الانتخابات السياسية الأمريكية الآن على نطاق واسع على أنها لعبة أموال خالصة حيث سجلت تكاليفها رقما قياسيا واحدا تلو الآخر على مر السنين. فخلال موسم الانتخابات الماضي، شهدت الحملة الرئاسية إنفاقا إجماليا بلغ 6.6 مليار دولار أمريكي. وبينما تهيمن تلك النخب السياسية المنتخبة على سلطة الدولة وصنع السياسات، فإنها تخدم بشكل شبه حصري مصالح الفئات الثرية والفئات ذات المصالح الخاصة الأخرى، التي تشكل المصادر الرئيسية لتبرعات المرشحين في الحملة الانتخابية، وليس مصالح المواطنين الأمريكيين العاديين. ولدى إشارته إلى أن الاستقطاب والتوترات الطائفية في أمريكا لن يتجها على ما يبدو سوى إلى الزيادة، حذر (المجلس الأطلسي) من أن عام 2022 "يتشكل ليصبح عاما تتآكل فيه الديمقراطية الأمريكية بشكل كبير". في الوقت الحالي، لا تزال ثقة الجمهور في الحكومة الفيدرالية في أدنى مستوياتها على الإطلاق، وأصبح المزيد من الناس محبطين من الديمقراطية الأمريكية المعيبة بشدة، حيث تحمل المواطنون الأمريكيون العبء الأكبر من سلسلة من الفوضى والاضطراب الاجتماعيين. منذ بداية عام 2022، أدى المتحور أميكرون إلى زيادة قياسية متجددة في أعداد الإصابات بكوفيد-19، حيث شهد يوم 3 يناير أكثر من مليون حالة إصابة مؤكدة حديثا في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الجائحة المستعرة، صعد الجمهوريون طعونهم في تفويضات البيت الأبيض بشأن اللقاحات في جميع أنحاء البلاد، متهمين إدارة بايدن بتجاوز سلطاتها. ووصفت صحيفة ((نيويورك تايمز)) الجائحة بأنها "اختبار إجهاد دام لعامين تقريبا وفشلت فيه الولايات المتحدة"، معربة عن أسفها كون "عامة الناس الذين يشعرون بالفعل بعدم الثقة" يواجهون "درجة من الفشل المؤسسي الذي يزيد من حدة الصراع الغاضب حول كيفية التعامل معها". في جميع أنحاء أمريكا، هناك أيضا احتجاج واسع النطاق ضد التمييز العنصري المنهجي والعنف المسلح المتفشي. ووسط تصاعد جرائم الكراهية المعادية للآسيويين، حث عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز البيت الأبيض مؤخرا على تقديم اعتذار علني للأمريكيين من أصل آسيوي عن وصف كوفيد-19 بـ"فيروس الصين" وعن تصريحات عدوانية أخرى للرئيس السابق دونالد ترامب. في كتابه الجديد "الحرب الأهلية القادمة: رسائل من المستقبل الأمريكي"، دق الروائي والصحفي الكندي ستيفن ماركي ناقوس الخطر بشأن حرب أهلية جديدة في الولايات المتحدة في المستقبل القريب. ويتعمق المؤلف في واقع الولايات المتحدة القبلية سياسيا، والمثقلة بالظلم العنصري والاقتصادي والاستياء الاجتماعي وانتشار السلاح. بالنسبة للولايات المتحدة، سيكون من الأفضل أن تعطي إدارة بايدن مزيدا من "التواضع والاهتمام" لظروف حكمها، وذلك حسبما اقترح دوغلاس بال، الزميل البارز بمؤسسة كارنيجي إندومنت للسلام الدولي، مشددا على ضرورة إحراز تقدم ملموس بدلا من إجراء مناقشات مجرَّدة. بعد مرور أكثر من عام على وقوع أعمال الشغب في مبنى الكابيتول، لا تزال الديمقراطية الأمريكية في حالة من الفوضى. ولا يسع المرء إلا أن يتساءل إلى أي مدى تقترب تيتانيك الديمقراطية الأمريكية من الجبل الجليدي؟ وبما أن انتخابات عام 2022 لم يبق عليها سوى عشرة أشهر، فمن الأفضل لمن هم في البيت الأبيض أن يكتشفوا، من أجل مصلحتهم الخاصة، كيفية منع مبنى الكابيتول من مواجهة المزيد من التعثر أو التعرض للهجوم مرة أخرى. ونأمل أن يتمكنوا من تعلم درس من الحادث الصادم الذي وقع في العام الماضي، وذلك لإنقاذ الديمقراطية المتداعية في أمريكا.
مشاركة :