قبل أكثر من 12 عاما كان أمين محافظة جدة صالح التركي شاهد عيان على واقع الأحياء العشوائية عندما اصطحب «عكاظ» في جولة ميدانية، برفقة عضو جمعية حقوق الإنسان الكاتب عبدالله أبو السمح، إلى حيي «الكرنتينة وغليل» لعدة ساعات كتب عقبها تقريرا إلى أمير منطقة مكة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما كان صالح التركي رئيسا لإحدى اللجان في الإمارة المختصة ببحث العشوائيات.وظل صالح التركي يروي في مجالس الأصدقاء كيف عاش لحظات في أحياء جنوب جدة، متخيلا أنه كان خارج المملكة !كان مع الجولة آنذاك فريق من البحث الجنائي خلال الزيارة لحماية مرتادي الحي من «الأغراب» بعد أن تحول جزء من الحي إلى بؤر استوطنها وافدون، وتحولت أجزاء من تلك المناطق إلى أوكار إجرامية، وقتها تعاملت معها الأجهزة الأمنية باقتدار.وفي قراءة لواقع العشوائيات بداية من شارع جامايكا في غليل، والحفرة مرورا إلى حارة المليون في السبيل، وليس انتهاء بسوق الصومال في الصحيفة، وغيرها من المواقع نقف أمام شريط من الخطر، وثمة من ظل يطالب بإجراء جراحة عاجلة قبل أن تتفاقم مشاكل الأحياء العشوائية التي تشوه وجه العروس.من يتجول في شوارع وأزقة عدد من الأحياء العشوائية في جدة يرصد الفوضى وسرطان العشوائية وجملة المخالفات التي تعكس واقع بعض تلك الأحياء اجتماعيا وأمنيا واجتماعيا.ما بين شوارع وأزقة ضيقة ومساكن لا تخلو في أغلبها من المخالفات، وجنسيات متعددة الأنماط والألوان، استباحت أزقة الشوارع والأحياء لتفعل ما يحلو لها من تخريب للشوارع وإزعاج للسكان وممارسات في الخفاء، فضلا عن تحول كثير من تلك الأحياء إلى أوكار تجمع المخالفين والمتجاوزين للنظام.جرائم وعصابات وأوكار مخالفينالخبير الأمني العميد متقاعد صالح زويد الغامدي قال: «أهالي جدة ظلوا يسألون هل تفلح محاولات الترقيع في الأحياء العشوائية بعد أن تمددت من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، وتكونت بؤر عشوائية وأخرى إجرامية استوطنت بعض الأحياء القديمة».وأضاف: «الخطر الأمني ظل حاضرا في الأحياء التي تقرر إزالتها، وهذا القرار يصب في مصلحة الحفاظ على البيئة وكبح الجرائم المتعددة في هذه المنطقة وتسويتها بمشاريع هادفة تنموية، يعود نفعها للبلاد، وبذلت الأجهزة الأمنية جهودا كبيرة وموفقة في تراجع نسبة الجريمة في كثير من تلك الأحياء، ونجحت حملات التفتيش والمتابعة الأمنية في الحد من عدد المخالفات وأسقطت عصابات للمخدرات، ومخالفين لنظام الإقامة وأوكارا للخادمات الهاربات ومخالفات المنازل الشعبية، واليوم سعداء ونحن نعايش قرار إزالة وتطوير تلك الأحياء ورسم خارطة تنمية جديدة».«كورونا» يكشف المستوروروى لـ«عكاظ» عدد من أهالي جدة منهم (أحمد صالح، فهد اليماني، عماد محسن، فيصل الحسين، محمد الغامدي وصالحة الزهراني، وفرح عبدالعزيز) عن انزعاج تام للأهالي من تكاثر العمالة المخالفة، التي تقطن عددا من الأحياء مرحبين بقرارات الإزالة والتطوير، مستذكرين كيف كشفت جائحة كورونا تكدس العمالة في تلك الأحياء بتقارب كبير أضر بالصحة العامة.وأوضح الخبير والمسوق العقاري محسن حسين العطاس، أن معظم الأحياء الشعبية ذات كثافة سكانية كبيرة لاسيما فئة العمالة والعزاب ومعظم تلك المنازل قديمة. وأوضح أن المرحلة تتطلب تعاون الجميع من أجل رفع مستوى هذه الأحياء من الناحية العمرانية والاجتماعية والاقتصادية عقب قرار تطويرها وتنميتها لصالح الوطن والمواطن.تحسين المستوى المعيشيبين عمدة حي الرويس طلال آل عمرو بقوله: «العمل على إزالة البؤر العشوائية ومن ثم إعادة بنائها وتأهيلها وتنميتها من جديد ولكن بطريقة منظمة وحضارية، وهذا المخطط من أهم الأشياء والبنود التي تريد الدولة الوصول إليها لتنفيذ رؤية 2030، حيث أعلنت العديد من المشاريع المتنوعة التي يجري العمل عليها، وتهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، بما في ذلك المشاريع الحضرية التي تهدف إلى إعادة تنظيم المدن والأحياء».وأفاد بأن المتتبع لواقع كثير من تلك الأحياء يدرك أهمية تنميتها وتطويرها وتحويلها إلى ساحات خضراء ومبان حديثة فيها جميع الخدمات.قنابل موقوتة مستعدة للانفجاراعتبر أخصائي السلوك الاجتماعي الدكتور عادل علي الغامدي العشوائيات قنابل موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، وأن المراهقين والشباب يجدون أنفسهم ضحايا المخدرات والجريمة. وحذر من انعكاس مستوى الحياة واقتصاد الأسرة على ارتفاع وزيادة الجرائم في تلك الأحياء.وقال الكاتب الاجتماعي محمد حسن بيومي عضو جمعية مركز الأحياء في جدة سابقا: «من منا لا يتمنى أن يعيش في بيئة جاذبة ومحفزة، ويتمنى أن يعيش في منزل بسيط جميل تتوفر فيه مرافق الحياة وتحيط به الحدائق الخضراء من كل مكان ويراعى فيه أماكن مخصصة للنفايات بحيث لا تراها العين وتشمها الأنوف وأحياء تتوفر فيها المساجد والمدارس والأسواق والأندية الاجتماعية والترفيهية».تقدير التعويضات في 90 يوماقال عضو النيابة العامة السابق المحامي صالح مسفر الغامدي: «نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار عالج جميع ما يتعلق بنزع الملكيات وآليات التعويض والتقدير والصرف».وبين أن على لجنة التقدير البدء في تقدير التعويض خلال 60 يومًا من تاريخ قرار الموافقة بالبدء في إجراءات نزع الملكية، وأن تنتهي من التقدير في موعد لا يتجاوز 90 يومًا من تاريخ قرار الموافقة بالبدء في إجراءات نزع الملكية، ما لم توجد أسباب تقرر اللجنة في محضر خاص أنها تحول دون ذلك، ويعتمد المحضر من الجهة صاحبة المشروع.وأضاف: «الدولة في ما يتعلق بإزالة عدد من البؤر العشوائية في جدة تعمل في الصالح العام لتنمية وتطوير جدة، تمشيا مع طموحات الدولة لتحسين وتطوير الأحياء وإعادة تأهيلها بما ينعكس إيجابيا على المواطن والمقيم والخدمات التي يستفيد منها».تسليم المبالغ بعد تسليم العقارذكر المحامي أحمد الراشد أن نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار يطبق على العقارات المنزوعة لصالح التنمية، التي تكون الحاجة إليها لتنفيذ مشاريع تنموية كالكهرباء، وشبكات المياه والهاتف والغاز والصرف الصحي والخطوط الحديدية والطرق العامة ونحوها.وأضاف: «النظام أوجب على جهة النزع المختصة أن تصدر قرار نزع الملكية، وأن تدفع التعويضات المترتبة على ذلك، وتشكيل اللجان اللازمة بتقدير التعويض وصرفه، والمادة 17 من نظام نزع الملكيات للمنفعة العامة أكدت على أن تقوم الجهة صاحبة المشروع بتبليغ مالكي العقارات وشاغليها بوجوب إخلائها خلال المدة التي تحددها، ويسلم مبلغ التعويض لصاحبه بعد تسليم العقار وتوثيقه بواسطة كاتب العدل أو المحكمة، والمحاكم الإدارية بديوان المظالم تختص بالنظر في أي دعاوى تتعلق بالتعويضات في حال عدم قبول صاحب العقار بتقدير التعويض من اللجنة المختصة».< Previous PageNext Page >
مشاركة :