يشير مصطلح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)إلى مجموعة من العناصر والقدرات التي تستخدم في جمع البيانات والمعلومات وتخزينها ونشرها، باستخدام تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات بسرعة عالية وكفاءة فائقة، وبما يساعد على تطور المجتمعات وترقية قطاعاتها الحكومية والخاصة. كما عرفت أيضا أنها التكنولوجيا التي ترتكز على الكمبيوتر والالكترونيات الدقيقة ونظم الاتصالات والالياف الضوئية والبرمجيات وشبكات المعلومات، كما عرف المصطلح أيضا بأنه مجموعة من الطرق والأساليب التي يمكن استخدامها للتواصل وتجميع وتبادل المعلومات باستخدام أحدث تقنيات الحاسوب وشبكات الاتصالات، وعد الانترنت جزءا مهما منه. فيما عرفته منظمة الاسكوا بأنه مجالات المعرفة التقنيّة والعلميّة والهندسيّة والأساليب الإدارية المختلفة التي يتم استخدامها لمعالجة المعلومات المتاحة وتطبيقاتها. أما الاقتصاد الرقمي فقد عرفته الاسكوا بأنه الاقتصاد القائم على التكنولوجيا الرقمية ويستند على عدة مكونات، منها البنية التحتية التكنولوجية، والأجهزة، والبرمجيات، والشبكات، بالإضافة إلى الآليات الرقمية التي تتم من خلالها الأعمال التجارية والانشطة الاقتصادية، كالتجارة الإلكترونية، والمعاملات الإلكترونية التي تتم عبر شبكة الإنترنت. ويسمى أيضا اقتصاد الإنترنت، والاقتصاد الجديد، واقتصاد الويب. وتعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمثابة الرافعة للاقتصاد الرقمي. وقد أولت مملكة البحرين اهتماماً كبيرا لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي، فقد اعتبرته أولوية رئيسية من اولوياتها التنموية، وأحد عناصر التنويع الاقتصادي التي تسعى الى توطينها للخلاص من هيمنة الاقتصاد النفطي على إيرادات ميزانيتها العامة وناتجها المحلي الاجمالي، وأحد القطاعات التي يؤمل ان تستوعب اعدادا كبيرة من القوى العاملة المواطنة. وقد حققت البحرين نجاحا مشهودا في توظيف التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتطويق ومواجهة جائحة كورونا والحفاظ على الصحة والسلامة العامة. ومن خلال التحول السريع إلى الخدمات الإلكترونية في قطاعات الصحة والتعليم والإعلام والادارة العامة والبنوك، وفي مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حافظت على مسيرة التنمية المستدامة، وحدت من آثار متطلبات الاغلاق الجزئي والتباعد الاجتماعي التي تطلبتها بروتوكولات مواجهة كورونا. وقد كان لتوجيهات صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الدور الفعال في توجيه القطاعات المعنية باعتماد تلكم الاجراءات وتذليل العقبات التي واجهت التنفيذ. ولأهمية النتائج التي تمخضت عنها هذه التجربة فقد تواصلت توجيهات سموه لاعتمادها كآلية تنموية وتقنية لمرحلة التعافي، وتعزيز التحول الرقمي ومواكبة تطبيقات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، وتطويرها للنهوض بالاقتصاد والمجتمع البحريني، والتي انعكست في أهداف استراتيجية تطوير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي للسنوات (2022-2026)، حيث تسعى إلى ريادة هذا القطاع واستدامته، من خلال تحسين مرتبة مملكة البحرين بمؤشر المشاركة الإلكترونية ضمن تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية، وجعل المملكة مركزاً للابتكار الرقمي في المنطقة، إضافة إلى توفير بنية تحتية رقمية متطورة ذات مستوى عالمي، واستقطاب الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير معايير الأمن السيبراني وتعزيز مراقبة ورصد الحوادث والهجمات الإلكترونية والتصدي لها، علاوةً على تعزيز وزيادة كفاءة الخدمات الحكومية عبر التحوّل الإلكتروني للخدمات، ورقمنة الوثائق والمستندات الحكومية والتحوّل الإلكتروني للمدفوعات، والتوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لإيجاد طرق مُبتكرة وآمنة في تقديم الخدمات الحكومية، إلى جانب تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير أداء الخدمات الحكومية، وبما ينعكس ايجابا على اداء الاعمال وتنشيط الشركات وجذب الاستثمارات الجديدة. ومما ينبغي الاشارة اليه أن مملكة البحرين أحرزت منذ عام 2017 إلى حد الآن مراتب متقدمة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك وفقا للتقارير السنوية التي أصدرها الاتحاد الدولي للاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، تُعد البحرين الوجهة المثلى لاختبار المنتجات التقنية الجديدة وإجراء التعديلات المحلية عليها قبل طرحها في أسواق المنطقة. لذا فقد سنت حزمة من التشريعات والنظم الجديدة، وأدخلت تعديلات على بعض القوانين القائمة لدعم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وكان أحد أهم هذه التطورات والتغييرات هو فتح مزيد من الأنشطة والأعمال للملكية الأجنبية بنسبة 100%، ما يخلق فرصاً جديدة أمام الشركات الدولية للاستفادة من آفاق الاستثمار الرحبة في البحرين. وإلى جانب ذلك، فقد قدمت الحكومة نموذجاً يُحتذى به في حرصها على تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبر تبنيها سياسة السحابة أولاً، والتي توجب على المؤسسات الحكومية نقل أنظمتها وتخزين بياناتها على منصات الحوسبة السحابية. كما سبق أن شهد عام 2017 إعلان شركة أمازون لخدمات الانترنت اختيارها مملكة البحرين مقراً لأول مركز إقليمي لها في منطقة الشرق الأوسط. وقد ادى افتتاح المركز الى تحقيق العديد من الفوائد التي يتجاوز نطاقها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث إن البنية التحتية القائمة على الحوسبة السحابية تسهِّل على الشركات مزاولة أعمالها عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما تواصل مملكة البحرين تعزيز ريادتها في التحول نحو الاقتصاد الرقمي والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، ولا سيما أنها حصدت الموقع الأول عربيًا في المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية بموجب القانون رقم (1) لسنة 2020، وتميزها بتشريعات عصرية تواكب احدث المستجدات عالميا في مجال الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهي تمضي بخطى واعدة في تعزيز حضورها كمركز إقليمي رائد لتقنية المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي. وقد أوضح سعادة المهندس كمال بن أحمد وزير المواصلات والاتصالات في المؤتمر الصحفي الذي عقده بتاريخ 12 يناير 2022 لعرض استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي (2022-2026) أنّ الاستراتيجية تتضمّن اربعة محاور رئيسة وهي: تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات، ودعم الاقتصاد الرقمي، وتعزيز الحوكمة الإلكترونية، وتطوير القدرات الرقمية. وسنتناول بالتحليل تفاصيلها في مقال قادم إن شاء الله. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :