طارق الشناوي يكتب: منير مراد طعم الفاكهة وروح الفكاهة

  • 1/24/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ثلاث ساعات لا تُنسى قضيتها فى دار الأوبرا المصرية للاحتفال بمئوية الموسيقار العبقرى منير مراد صانع البهجة، التقيت مرة واحدة الموسيقار الكبير منير مراد، بعدها بأيام رحل عن عالمنا، وتصادف أن يفصله 11 يومًا فقط عن رحيل الرئيس أنور السادات، فلم يمنحه الإعلام الاهتمام اللائق، كانت مصر تتحسس اسم الرئيس القادم بعد 6 أكتوبر 1981، ذهبت لوداعه فى جامع عمر مكرم، بين عدد قليل جدا من الذين يعرفون قدره، لا أتذكر أننى رأيت منير مراد فى لقاء تليفزيونى، ولو كان قد حدث فإن هناك من مسح هذا التسجيل، ما أتذكره أنه اصطحبنى إلى غرفة صغيرة بمنزله وأشار إلى أسطوانات (سلك) قبل اختراع الأسطوانة التقليدية، وقال لى هذه تحف أتمنى أن تحافظ عليها الدولة، مع الأسف هذا التراث النادر كان مصيره مثل عشرات غيره عند بائع (روبابيكيا) يبيعه بالكيلو. أتذكر تسجيلا إذاعيا لا يُنسى، جمعه مع عبد الحليم وشقيقته ليلى مراد، منير يُمسك بالعود وليلى تغنى (ليه خليتنى أحبك؟) و(سنتين وأنا أحايل فيك)، وأظنه كان لقاء أقرب للصلح بين عبد الحليم وليلى بعد أن أخذ منها عبد الحليم أغنية (تخونوه)، التى لحنها بليغ لـ«ليلى مراد» قبل أن تسجلها على أسطوانة، فكانت واحدة من أغنيات فيلم (الوسادة الخالية)، وهذه قصة أخرى، كما استمعت له وهو يغنى لحن كمال الطويل لعبد الحليم (بينى وبينك إيه) أضاف لمحة تحدى فى أداء اللحن كانت غائبة عن عبد الحليم. منير حالة إبداعية متكاملة يرقص ويغنى ويمثل، الجزء العميق فى تلك الموهبة أنه كان (قوس قزح) الموسيقى. لمنير مراد تسجيل نادر يدل على قدرة استثنائية على تقمص روح الآخرين، (إسكتش) غنائى اسمه (هنا القاهرة) يقلد فيه المطربون أمثال عبد الوهاب وعبد المطلب وليلى مراد وغيرهم، إنه الأكثر تداولا، إلا أن الأكثر إبداعًا، عندما أمسك بالعود وتخيل كيف يلحن (لا مش أنا اللى أبكى) لمحمد عبد الوهاب، كل فريد الأطرش وكمال الطويل والسنباطى والموجى فتقمصهم. منير صاحب أكثر النغمات مشاغبة وشبابية فى تاريخنا الغنائى (وحياة قلبى وأفراحه)، هل ننسى كيف استغل منير كل الأصوات فى مشهد داخل فيلم (يوم من عمرى) عبد السلام النابلسى وسهير البابلى والثلاثى المرح وحتى المزمار الشعبى كان بطلا، والحصان كان يرقص مثلنا على الإيقاع فى (ضحك ولعب وجد وحب)؟!. بدأ المشوار نهاية الأربعينيات مع شادية، وإذا كان الموسيقار محمد فوزى أطلقها والموسيقار محمود الشريف هو العمق الاستراتيجى لصوتها، فإن منير هو توأمها الروحى، منذ أن قدم لها (واحد اتنين)، ومضات صوت شادية تتفتح على الجمل الموسيقية لمنير مراد، إنها لا تغنى بل تضىء فى قلوبنا فيضانا من البهجة. كيف كان يرى شريفة فاضل بنت البلد الجدعة الفهلوية (حارة السقايين)، وبذكاء أعاد محمد منير ونانسى عجرم غناءها قبل خمسة عشر عاما. منير غزير النغمات، قادر على أن يصنع الثوب اللائق بالصوت والنغمة (علمنى الحب) لصباح و(أبعد عن الحب) عادل مأمون و(من يوميها) وردة، وكانت أم كلثوم تستعد لتقديم عدد من الأغانى القصيرة المرحة له، وودعتنا قبل استكمال المشروع. إنه المظلوم الأول والموهوب الأول فى حياتنا الموسيقية، شكرا لمدير الأوبرا المصرية د. مجدى صابر على هذه السهرة الممتعة!!. [email protected] المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).

مشاركة :