المشهد الأخير الذي شاهده الجمهور لدلال عبد العزيز في رمضان الماضي كان هو الرحيل، في مسلسل (ملوك الجدعنة) حيث كانت تردد (الله ما شاء الله أكبر الله الله الله) وهكذا ودعتنا أيضًا على الشاشة الصغيرة وهي تناجي الله. هل هدأت الآن بعض المواقع الصحفية عن ترديد الشائعات؟ بعد أن بات الخبر حقيقة وصعدت الروح إلى بارئها، قبل خبر الرحيل حرص الإعلامى رامي رضوان على نشر صورة لطائرة ورقية تتوسطها دلال عبد العزيز، وفي الجانبين دُنيا وإيمى، وقبلة من الابنتين للأم، الرسالة وصلت هكذا استشعرت المعني المضمر الذى أراده رامي، يريد أنه يوجه لنا رسالة، وعلينا أن نستعد لسماع الخبر، الأمر فيما يبدو كان أسرع، حيث لم تمض إلا ساعات ووصلت الطائرة لأبعد سما. قبلها كانت كل الرسائل التى نقرؤها من دائرة الأسرة على (السوشيال ميديا) تقول إننا ننتظر معجزة، لم يكن هناك ما يشير لاقتراب الشفاء سوى الدعاء بأن تحنو عليها يد الله، نعم يظل الأمل يعيش معنا ويحركنا، البقاء كل هذا الزمن في العناية المركزة أكثر من 60 يومًا حتى لو كانت تتخلص من جهاز التنفس الصناعي بين الحين والآخر، كلها تفاصيل من الناحية الطبية تشير إلى أن التعافى الكامل بعيد المنال. لم تعرف أن توأمها قد رحل، وهي معلومة صحيحة تمامًا، حيث أخفى كل المحيطين بها أى شئ من الممكن أن يوحي بذلك، هذا يعني بالنسبة لى أنها صحيًّا باتت في حالة حرجة، ولم تمتلك بعض قواها الإدراكية، نعم كل من إيمى ودنيا تحرصان على رسم ابتسامة وارتداء ملابس ملونة، إلا أنه إذا كان العقل لا يدرك فهل القلب أيضًا لم يدرك، أظنها علمت وجدانيًّا برحيل سمير. كورونا اللعينة خطفت في نحو 20 شهرًا الكثير من الأحباء والأصدقاء ووصلت لذروة القسوة والتوحش عندما أنشبت مخالبها في الزوجين الحبيبين لتفقد دنيا وإيمي في ضربة واحدة حضن الأب والأم. دلال الفنانة لم تترك أبدًا الميدان، دائمًا حاضرة بقوة سينما ومسرح وتليفزيون، فى التراجيديا والكوميديا، ولها مساحتها، التي لا ينازعها فيها أحد، التعامل مع الزمن هو مفتاح الفنان لأنه يتكئ على موهبتين إحداهما استيعاب المتغيرات في الحياة وفي فن الأداء، وهو ما تمكنت منه دلال. بدأت المشوار عام 77 مجرد فتاة جميلة جذورها ريفية من الزقازيق تهوى التمثيل التقطها جورج سيدهم من مسلسل تليفزيونى إخراج نور الدمرداش وقدمها للمخرج المسرحي حسن عبد السلام ثم إلى توأمه سمير غانم، لتبدأ الرحلة (أهلاً يا دكتور) عام 80. الغريب أن سمير كان قد رشح في البداية آثار الحكيم لأول مرة أيضًا فى نفس الدور ولكنها ارتبطت ببطولة عدد من المسلسلات الدرامية، وجاءت دلال لإنقاذ الموقف. دلال هي العقل والقلب معًا لهذه العائلة المتشابكة، سمير كان بحاجة إلى عقل يقظ، كما أنها تمتعت بمرونة في تقبل تركيبة سمير التى كثيرًا ما تكره القيود، كما أنه على المسرح يجد نفسه وقد وقع في غرام من تشاركه البطولة وبعد نهاية العرض يبدأ في قصة أخرى مع البطلة القادمة، وتفهمت دلال الحكاية، وقبل ذلك كان عليها أن تتقبل ألا تستمر معه في (دويتو) على خشبة المسرح أسوة مثلاً بثنائية فؤاد المهندس وشويكار، سمير أقنعها بأن ما يصلح لفؤاد وشويكار لا يصلح بالضرورة لسمير ودلال. سمير كان يواجه كل شئ بالسخرية حتى السخافات، فلقد سأله أحدهم: كيف توافق أن يُقبل عادل إمام زوجتك فى فيلم (النوم في العسل)، أجاب: (برافو عليه أن بقالي 20 سنة مش عارف أبوسها). سمير غانم ودلال عبد العزيز سيظلان حيين يُرزقان على الشاشة، دويتو في الحياة وفي الموت وبعد الموت! [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :