الأحساء تسكن قلبي وتسكن قلوب الملايين من أبناء الأحساء وغير الأحساء الذين ولدوا فيها أو الذين درسوا فيها على يد علمائها أو شيوخها في المدارس والكتاتيب قبل التعليم النظامي أو من خلال ترددهم عليها من أجل التجارة، فكانت الأحساء قبل مائة عام وأكثر هي مدينة الاقتصاد في الخليج أو خليج «الحسو» كما جاء في أقدم خريطة كما شاهدها وصورها شقيقي الأصغر الشيخ «سامي عبدالله المغلوث» عندما زار متحف ميلانو خلال جولاته البحثية وجد مجسماً لكرة أرضية فيها خريطة جغرافية قديمة ويبدو فيها الخليج العربي ولكنه يحمل اسم «الحسو» اتضح ذلك جلياً عندما قام بتكبير الرسوم والكتابات. الخريطة من عمل البحارة الإيطاليين في فينسيا سنة 1693م قبل 329 سنة وهذا يعني أن الأحساء أو الحسو كانت معروفة واسمها يطلق أيضاً على الخليج. والتاريخ قبل وبعد لا يكذب. فكيف عندما يوثّقه الخبراء والمهتمون بإعداد الخرائط والصور والرسوم. وخصوصاً أن بحارة إيطاليا كانوا من أوائل من قام بجولات مختلفة حول الجزيرة العربية وصولاً إلى الخليج.. نخلص من هذا أن الأحساء التاريخ والحضارة والأرض المعطاءة تجعلك أسيرها وبالتالي تحتار ماذا تكتب عنها وكيف تحول الكلمات إلى عبارات وتسكبها على الورق أو هذه «الشاشة» البيضاء المشرقة التي أكتب فيها زاوية اليوم، إنها كلمات تكاد تتطاير مثل «الرذاذ» الذي تنشره حولك الإضاءة والتي هي بالتالي في مجملها إسقاط ضوء في ذات المكان الذي توجد فيه. وبحكم أنني أكتب الآن في مكتبي الثاني في زاوية بغرفة نومي. فإنني أشعر بأن الأحساء ومنذ الصغر ترافقني، بل كما أشرت سابقاً تسكنني في القلب والوجدان وحتى المكان. آه يا الأحساء كم لك وكم لك من حب. مرة كتبت في حصة «التعبير» في المرحلة الابتدائية أن الأحساء عروس الخليج. والحق أنها كانت هكذا في الماضي. واليوم باتت عروساً أجمل وأحلى بعدما بدأت تضع مثل غيرها من المدن الميكب. وما يشتمل عليه من ماسكار.. وأشياء أخرى. لا شك أن (الأحساء عروس الخليج) فاسمها كان على أقدم خريطة تاريخية موثّقة كما أشرت سابقاً، وعليه يجب أن يُضاف إلى اسمها اسم «العروس»، صحيح أن العروس عادة ترتدي ثياباً بيضاء ولكنها عروس مختلفة فثيابها خضراء، من خضرة نخيلها وألوان الطبيعة فيها. إن الحديث عنك يا عروس خليجنا يطول أيتها الفاتنة والآسرة. يا أرض الخير كما قال عنك قادة الوطن منذ المؤسس -طيَّب الله ثراه - حتى خام الحرمين الشريفين الملك سلمان أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. وبفضل الله أستطعت خلال العقود الستة الماضية أن أرسم العشرات من اللوحات من ماضيك الجميل وطبيعتك الأجمل في لوحات باتت مقتناة في الداخل والخارج، بل إني رسمت الوطن وطوال العقود الماضية لم أكن مناطقياً أو إقليمياً؛ ففي معرضي الدائم بالأحساء لوحات كثيرة من مختلف المناطق. فعين الفنان يجب أن تكون رؤيتها شاملة. هكذا تعلّمنا ونحن على مقاعد الدراسة أننا جزء من الوطن والوطن جزء منا. فعلينا جميعاً أن نرسمه ونكتب عنه بحب. فرسالة الإبداع ذات طابع شمولي. فالإبداع باختصار هو قمر منير على الأرض «الوطن» يلهم الجميع. وبينه وبينهم علاقات عظيمة ودائمة..
مشاركة :