بعد وقت قصير من رد المحكمة الاتحادية دعوى الطعن المقدمة ضد الإجراءات التي رافقت جلسة البرلمان الأولى، أمس، نشر المكتب الخاص لزعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، خطاباً متلفزاً كان قد ألقاه، أول من أمس، وفنَّد فيه الاتهامات التي يوجهها إليه خصومه السياسيين، فيما بات يُعرف بقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وتتعلق بحسب زعمهم بقيام الصدر بـ«شق صفوف الطائفة الشيعية» التي ينتمي إليها، بعد أن فضَّل التحالف مع الكتلتين الرئيسيتين، السنية والكردية، في إطار مسعاه لتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية. ولأول مرة يكشف الصدر صراحة عن رغبته في إقصاء «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، وعضو «الإطار» نوري المالكي، من المشاركة في الحكومة المقبلة. وغالباً ما اتهم الصدر المالكي بسوء الإدارة والفساد أثناء شغله منصب رئاسة الوزراء لدورتين متتاليتين (2006- 2014). ويحمله مسؤولية سقوط نحو ثلث الأراضي العراقية بيد تنظيم «داعش» بعد يونيو (حزيران) 2014. وبدا الصدر حريصاً في الدفاع عن مواقفه، من خلال العودة إلى جميع المواقف التي اتخذها منذ نحو عام 2019 الذي انطلقت فيه التظاهرات والاحتجاجات، وما تلاها من إقالة حكومة عادل عبد المهدي وتعيين مصطفى الكاظمي بديلاً عنه، والإعلان عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة. واشتكى الصدر الذي فاز تياره بأكبر عدد من المقاعد النيابية (73 مقعداً)، ويعد الرابح الأكبر من قرار المحكمة الاتحادية، أمس، بإلغاء الأمر الولائي بإيقاف عمل هيئة رئاسة البرلمان، من تعرض تياره، وتعرضه شخصياً إلى هجمات ظالمة من خصومه، في مقابل «قلة المدافعين عن تياره». وتحدث عن أن شعار «الأغلبية الوطنية» الذي يرفعه ويدافع عنه اليوم، جاء على خلفية مطالبات سابقة من خصومه (نوري المالكي بالتحديد)، ونوَّه إلى أن «جميع القوى السياسية كانت تطالب به، وكان ضمن برامجها الدعائية في الانتخابات، ولم يقل لها أحد إن في ذلك إضعافاً للشيعة». وأضاف أن «حكومة الأغلبية الوطنية جاءت بعد تفشي الفساد في البلاد، ولا بد من إبعاد بعض القوى السياسية التي من منحاها الفساد، وإبعادها عن الحكومة الجديدة التي من شأنها الاعتناء بالشعب أكثر من نفسها». وتابع الصدر خطابه بذكر المواقف التي أطلقها منذ سنتين، في إطار مساعيه للدفاع عن «الشيعة والتشيع والوطن والمواطن». ومن بين تلك المواقف، دعمه لقرار استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، نتيجة الاحتجاجات الشعبية، ومن ثم الدعوة لانتخابات مبكرة وفق قانون عادل وجديد للانتخابات، يمنح الكتل الصغيرة فرصة للتنافس والفوز بمقاعد نيابية. ورفض الصدر بقوة الاتهامات التي توجهها الأطراف الشيعية إليه، بشأن قضية حل «الحشد الشعبي» وقال: «طالبت بتنظيم وتحسين سمعة (الحشد) وليس حله، وذلك من خلال إخراج العناصر الفاسدة منه، ذلك أن (الحشد) بطريقة أو بأخرى يمس سمعة المذهب». وتابع: «كنا ولا زلنا نقدم المصالح العامة على المصالح الخاصة، والمصالح الوطنية ما زالت بأعيننا، ولكن الإشكال الذي يُطرح هو أن مقتدى الصدر ينحو منحى ضد التشيع والشيعة ولكن هناك خطوات قد خفت عنهم». وتحدث الصدر بإسهاب عن مواقفه ولقاءاته بجماعات «الإطار التنسيقي»، واشتكى من أن بعضهم لا يرد حتى على اتصالاته الخاصة، وأنه دعاهم بعد إعلان النتائج إلى اجتماع معه في النجف لكنهم رفضوا، ثم قام هو «خدمةً للمذهب والوطن» بزيارتهم في بغداد والاجتماع مع قادتهم. وقال: «طلبت من رئيس تحالف (الفتح) هادي العامري، قدوم قوى (الإطار التنسيقي) إلى مقره في الحنانة بالنجف للتداول، ورفضوا ذلك، وطالبتُ بلملمة البيت الشيعي، ولم أتلقَّ رداً من أحدهم». وأشار إلى أنه خلال اجتماعه بالعامري، اقترح عليه مشاركة قوى الإطار في الحكومة المقبلة، باستثناء المالكي، ضمن شروط ومعايير محددة؛ لكن العامري اعتذر لاحقاً عن عدم قبول عرضه، وعدم التخلي عن المالكي. واتهم الصدر خصومه بـ«الوقوف ضد فوز الكتلة الشيعية الأكبر(الصدرية)، ومارسوا شتى الوسائل (احتجاجات، مظاهرات، دعاوى قضائية) لحرمانها من حق تشكيل الحكومة»، وجدد تمسكه بتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية.
مشاركة :