'قسد' تستعيد السيطرة على سجن الحسكة بعد معارك دامية

  • 1/26/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - تمكنت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارا باسم 'قسد' اليوم الأربعاء من استعادة السيطرة الكاملة على سجن بمدينة الحسكة بعد مواجهات دموية استمرت نحو أسبوع وخلفت عشرات القتلى والجرحى في أعنف هجوم يشنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شمال شرق سوريا نجح خلاله أيضا عشرات المساجين من عناصر التنظيم المتطرف في الفرار. وأعلنت 'قسد' المدعومة من الولايات المتحدة والتي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري  إنهاء هجوم شنه تنظيم داعش هو "الأكبر والأعنف" له منذ ثلاث سنوات. وقال مسؤول المكتب الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي إنه تم "تتويج حملة مطرقة الشعوب العسكرية والأمنية بالسيطرة الكاملة على سجن الصناعة بالحسكة من قبل قواتنا واستسلام جميع عناصر" التنظيم. كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا بأن قوات سوريا الديمقراطية باتت على الأرجح تسيطر على السجن الواقع في مدينة الحسكة وتشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية. لكنّ المرصد أشار إلى أن القوات الكردية لم تنه بعد تمشيط كل أجزاء السجن، منبها إلى أن عناصر من التنظيم قد يكونون لا يزالون مختبئين فيها. وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين في هجوم على سجن غويران في 20 يناير/كانون الثاني الجاري في عملية منسّقة بدأت بتفجير شاحنتين مفخختين وتمكن فيه المهاجمون من تحرير عدد من رفاقهم المساجين وصادروا أسلحة واحتلوا بعض أقسام السجن. واعتبر هذا الهجوم العملي "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات. وأوقعت الاشتباكات داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلا، وفق آخر حصيلة للمرصد، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة إلى سبعة مدنيين، بحسب المرصد الذي قال إن الهجوم أدى إلى فرار عدد لم يتسن تحديده بوضوح بعد من عناصر التنظيم الذين كانوا معتقلين. وفي أحد مساجد مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، يختلط بكاء الأطفال الذين يرتجفون بردا وجوعا مع صراخ أمهات يحاولن تهدئتهم بما تيسّر لديهن بعد فرارهن من الأحياء المجاورة لسجن يضم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية ويشهد اشتباكات منذ أيام. وعبثا تحاول مايا (38 عاما) وهي أم لتسعة أطفال، إسكات الصغار منهم. وتقول بحرقة "الحمدلله هنا يوجد أمان لكن الشخص لا يرتاح إلا في منزله ونريد العودة"، مضيفة "لا خبز هنا ولا ماء ولا سكر". وتركت مايا وعائلتها الجمعة منزلها الواقع في حي مجاور لسجن الصناعة الذي شارك أكثر من مئة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الموجودين داخله وخارجه، مساء الخميس في هجوم منسّق عليه. ودفع الهجوم الذي تلته اشتباكات داخل السجن وفي محيطه، مع فرار سجناء من التنظيم إلى الأحياء المجاورة والاحتماء داخل منازل المدنيين، نحو 45 ألف شخص للنزوح، وفق ما أحصت الأمم المتحدة الاثنين. ولجأ غالبيتهم إلى منازل أقربائهم وأصدقائهم في أحياء آمنة وبعيدة نسبيا عن محيط السجن، بينما لم يجد آخرون أمامهم إلا قاعة مسجد في المدينة وصالة أفراح. وتروي مايا كيف غادرت على عجل مع أفراد أسرتها منزلهم الواقع في حي الزهور عشية الهجوم على سجن الصناعة. وتقول "كنا في المنزل ولم نسمع إلا دوي انفجار قوي، بدأ الأطفال البكاء من شدّة خوفهم، لكننا لم نتمكن من الخروج بسبب البرد"، مضيفة "شعرنا بالخوف، لكننا بقينا في المنزل حتى صباح اليوم التالي وخرجنا بعدها". ورغم شعورها بالأمان حاليا، لكنّها تخشى على منزلها الذي أعادت العائلة إعماره بعد تعرّضه قبل سنوات لضربة جوية. وتؤكد "كنا نعيش تحت سقفه فكيف لا نخاف عليه؟ لا مكان آخر آمن لدينا". وعلى بعد خطوات منها، تهز سيدة أكبر سنا رأسها مؤيدة رغبتها بالعودة إلى منزلها أيضا. وتقاطعها قائلة "لدينا رجال وأولاد محاصرون" في إشارة على الأرجح إلى مقاتلين في صفوف قوات سوريا الديمقراطية. وتكتظ قاعة المسجد بالمئات من النساء والأطفال وجميعهم نزحوا خلال الأيام الأخيرة على وقع الاشتباكات. يقيم هؤلاء وسط ظروف معيشية صعبة مع تدني درجات الحرارة، خصوصا أن الكثيرين منهم لم يتمكنوا من أخذ أي من حاجياتهم. وتوزع منظمات محلية الخبز وبعض الخضر والمعلبات عليهم. والى جانب صراخ الأطفال الذي لا ينقطع، يعلو سعال كثر منهم ممن يفترشون الأرض أو يجلسون على بعض السجادات وتفوح روائح قوية من المكان في غياب أدنى مقومات النظافة. وتحاول شابة عبثا التواصل مع أقربائها الذين يقطنون في مكان قريب من السجن من دون جدوى. وتقول فهيمة (25 عاما) التي نزحت مع زوجها وأولادهما الأربعة "تركنا منازلنا رغما عنا بعدما دخل علينا الدواعش وبدأ القصف، بالكاد تمكنا من الخروج". وتابعت "خرجنا بأرواحنا بلا أوراق هوية أو دفتر عائلة"، موضحة أنهم باتوا ليلتهم الأولى في العراء قبل وصولهم إلى المسجد. وتبدو معالم الإرهاق واضحة على وجه نبيلة التي نزحت كذلك مع أولاها السبعة بعد الهجوم. وتقول بانفعال "نموت من البرد هنا. نريد الأمان والعودة إلى بيوتنا".

مشاركة :