قبل أن أتخذ قراري بالتقاعد منذ عدة سنوات، لم أكن أعرف مدى قسوة اللحظة التالية، أو اليوم الأول الذي يلي تقديم الاستقالة، الحقيقة أنني قدمت استقالتي من عملي مرتين، المرة الأولى كانت في العام 1997 حين انتقلت من وزارة التربية إلى مؤسسة «البيان»، يومها كان كل شيء في صالح اتخاذ القرار، كنت قد استنفدت جهدي وأهدافي وحتى الشغف، لم أعد راغبة في الاستمرار، بعد أن وصلت لمنصب مديرة مدرسة، إثر قرار وزاري صدر في ذلك العام عن معالي الوزير عبدالعزيز الشرهان، فجاء عرض صحيفة «البيان» في وقته تماماً! العرض كان جيداً في ما يخص المنصب، العالم الجديد الذي لطالما حلمت بدخوله، وذلك الترحيب المغري، الذي شكل بالنسبة لي دافعاً وحافزاً في الوقت نفسه للاندفاع نحو الاستقالة، لم أشعر بأي خلخلة أو فراغ، استلمت مهام عملي، وبدأت حياة وظيفية، بدت من يومها الأول مبشرة وحافلة بالكثير، بالإنجازات والنجاحات، وبالمطبات كذلك! أما الاستقالة الثانية فجاءت بعد 13 عاماً من العمل الإعلامي، الذي لم يكن سهلاً أبداً، لكنه كان تجربة عميقة ذات أبعاد وانعكاسات، تركت آثارها عليّ حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال، لم تكن الـ 13 عاماً تلك سهلة أبداً، ولم تكن كرحلة ترفيهية، كانت سنوات عمل وكفاح شديدة التميز وشديدة القسوة، كنت خلالها أصر كل صباح على قراءة جريدة «الحياة»، لأقرأ في ترويستها مطلع كل نهار (إن الحياة عقيدة وجهاد) .. فإذا كانت لك في الحياة عقيدة أو رأي أو توجه، فثق بأن حياتك ستتحول إلى كفاح وجهاد متصل، وذلك ليس بالأمر السيئ، لكنه ليس بالأمر السهل أيضاً! بعد الاستقالة الثانية بدا مرور الوقت صعباً جداً، ومربكاً، بل وأصبحت الحياة محبطة، كان العمل ينظم لي حياتي وعلاقاتي الاجتماعية، كما يحدد أجندة الأيام والإجازات، وطريقة تصريف الوقت، وكان العمل يمنحني الكثير من العلاقات والتواجد، والشعور بالتقدير والرضا، وبأن لي دوراً (هكذا كنت أشعر!). طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :