الأيادي المرتعشة والمنفلتة

  • 1/29/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كثيراً ما يدور الحديث أثناء التطوير والتغيير عن الدولة العميقة، أو الحكومة والإدارة العميقة، وكيف تلعب أدواراً محورية من خلال أدواتها وهم الموظفون والرؤساء البيروقراطيون في إعاقة ووضع التحديات أمام مبادرات وخطط للتطوير والتغيير الإيجابي في أي بلد.. بل قد يختلقون الكثير من العقد والعراقيل التي في ظاهرها المصلحة العامة، ولكنها في الحقيقة إسقاطات لمخاوف ومصالح شخصية والخوف من فقدان القوة المرتبطة بالسلطة الإدارية أو فقدان منطقة الراحة والخوف من الالتزامات فيما لو كانوا مبادرين مما قد يزيد الأعباء والمسؤوليات الوظيفية ويجعلهم مكشوفين أمام المجتمع والسلطات الرقابية. اليوم التعامل مع البيروقراطية كخصم قد يؤدي في الغالب إلى إثارة الجدل حول البيروقراطية كمنهج إداري يركز على سبيل المثال على التنظيم والتسلسل التنظيمي، ونعتقد بأن المشكلة في النظرية أو المنهج، ونعتقد بأنه هو من أضعف قدرات الأجهزة على التنفيذ والمرونة وتحمل المسؤولية الاجتماعية وإضعاف قدرته على وضع السياسة موضع التنفيذ، ولكن الحقيقة كما أشار إليها علماء علم النفس الاجتماعي وعلم النفس الإداري والصناعي هي قضية معرفية إدراكية سلوكية نشوفها في الكثير من ردود الأفعال المقاومة للتغيير بصفة عامة والتي تشتغل بشكل غير مباشر على إعاقة تنافسية المملكة وجعل بيئة الأعمال طاردة. اليوم هذه الحالة المعرفية السلوكية كما أشارت لها الدراسات النفسية قد تكون أبعد من منظور البيروقراطية كمنهج إداري إلى منظور آخر نفسي سلوكي من باب أن مثل تلك الشخصيات ليس لديها في الأصل منهج إداري واضح بقدر ما هي معلومات مختلفة ومتداخلة تم استيرادها من الدورات والشركات الاستشارية الأجنبية والتي لم تبنَ على أصالة فكرية إدارية ومعرفية وحصيلة من الخبرات العملية.. وبالتالي فإن الآراء النفسية ذهبت إلى أن مثل تلك السلوكيات والأفكار قد تكون أعراضاً لأصحاب الأيادي المرتعشة، وهي مصطلح رمزي للرؤساء والموظفين في الغالب الذين لا يرون في منحهم صلاحية اتخاذ القرار إلا خطراً قائماً وتحدياً شخصياً لهم، مبنياً على حواجز وهمية، كالتمسك بالكرسي أو المنصب، أو الخشية من تبعات اتخاذ القرار، أو الخوف من المواجهة، التي تعيقهم عن تحمل المسؤولية بكل ثقة واتخاذ القرارات بلا تردد أو تأخير ما دام في مصلحة الجميع. اليوم حسن النية يتيح الفرصة لتبرير تلك الأساليب، فالحرص على المصلحة العامة وتحاشي شبهات الفساد قد يكون مبرراً مقبولاً لأصحاب الأيادي المرتعشة على تجميد العمل، والانخراط في جزئيات العمل الروتينية.. ولكن يجب أن نعلم بالمقابل أن أصحاب الشخصية النرجسية وبعض اضطرابات الشخصية أيضاً لديهم الاعتقاد أن هذا السلوك والفكر هو الصح، وأن الآخرين هم أصحاب الأيادي المنفلتة.. والنتيجة بالتأكيد معروفة وتحتاج إلى المزيد من التأمل والبحث.

مشاركة :