أوصت الندوة العلمية الدولية التي نظمتها الجامعة الإسلامية تحت عنوان: "الفتوى بين التأثير والتأثر بالمتغيرات" في ختام أعمالها الخميس الماضي بأهمية الفتاوى الجماعية في نوازل الأمة ومصالحها والتفريق بين الأحكام الثابتة، والأحكام المتغيرة التي أناطها الشارع بمتغير لاختلاف الزمان أو المكان أو الحال أو المآل أو غير ذلك. وجاءت الجلسة الختامية عقب يومين من المناقشات والمداولات لعشرات الأبحاث المتخصصة لعلماء وأساتذة من الجنسين ومن بلدان مختلفة. وتضمنت التوصيات: إدراك أنه لا يجوز تغير الفتوى في الأحكام الثابتة، وأن تغير الفتوى في الأحكام المنوطة بمتغير أمر متفق عليه بين العلماء، وليس فيه تغيير لحكم الله بل فيه السداد والصلاح بتطبيق حكم الله تطبيقاً صحيحاً في العبادات والمعاملات والسياسة الشرعية، وبيان أن الأحكام الدائمة ذات مصالح، وغايات ثابتة، والعمل بها دليل حسن الطاعة، وكمال الاتباع وأن الفتاوى المتغيرة لتغير الزمان والمكان والحال والعرف والمصلحة، وتغير اجتهاد المجتهد، ووجود الضرورة تحقق المصلحة وتدرأ المفسدة، وفيها بيان مظهر من مظاهر المرونة والتيسير في الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى إدراك أن الفتوى قد تتأثر بالمتغيرات والمراد بذلك: انتقال المفتي في فتواه من حكم إلى آخر في المسألة الاجتهادية تبعا لمناط الحكم فيها وجودا أو عدماً أو تغيراً، أو مخالفة فتوى مفت لفتوى مفت آخر لوجود ما يقتضي ذلك، وإدراك أن تغير الفتوى ليس نابعا من هوى، أو إرادات لأشخاص مهما كانت مكانتهم، وإنما هو نابع من مسوغ مشروع اعتبره الشرع يستدعي التغيير لأصول شرعية في المسائل التي تقبل التغيير، ولا مجال له في المسائل القطعية والاجتماعية في العقائد والعبادات والحدود والكفارات والمقدرات وما ضبطه الشارع في المعاملات ونحو ذلك. كما تضمنت التوصيات تشجيع الفتاوى الجماعية من أهلها لاسيما في المصالح العامة والنوازل والحرص على حصولها في الوقت الملائم مما يدفع الحيرة والزلل عن أفراد الأمة ويسد الباب على أهل الضلال والتأكيد على ربط الفتاوى الثابتة أو المتغيرة بالنصوص، وفتاوى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، وفتاوى المجامع الفقهية المعتبرة خاصة والعلماء الموثوقين لما لذلك من أهمية بالغة في الثقة بالفتوى وضبطها وتقليل أسباب الاختلاف وكذلك العناية بالتطورات المعاصرة والتقنيات الحديثة المتميزة بالتغير السريع والتقدم الكبير في مختلف المجالات لما لها من أثر كبير في إعطاء الحكم الشرعي والفتوى الصحيحة. ودعا المشاركون في الندوة من خلال التوصيات الحكومات، وأهل العلم، والإعلاميين إلى منع الشذوذ في الفتوى، ومعالجة فوضى الفتاوى في العالم الإسلامي عبر القنوات الفضائية أو غيرها حتى يعترف لأهل الاختصاص في تولي الفتوى وتدبيرها، وأن لا يأخذ المستفتي فتواه إلا عن طريق القنوات الموثوقة والسبل المأمونة للمفتين، مثمنين جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في ضبط الفتوى ورعاية مؤسساتها. وفي ختام التوصيات عبر المشاركون في الندوة عن شكرهم وامتنانهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - على جهوده الكبيرة لخدمة الإسلام والمسلمين، وجمع كلمتهم وعلى تشجيعه لكل ما ينفع الأمة الإسلامية، وعلى عقد المؤتمرات والندوات العلمية المباركة.
مشاركة :