أستغرب لماذا يلجأ بعض المنتجين والمخرجين والممثلين العرب إلى استنساخ أفلام أو مسلسلات أجنبية؟ أحياناً لا يكتفون بتقليد الفكرة وإنما ينقلون القصة بكل تفاصيلها فتصبح كأنها ترجمة للعمل الفني إلى اللغة العربية. هل نضبت أفكارنا ومبادراتنا وأصبحنا نقف في الطابور ننتظر ما تجود به عقول الآخرين؟ لم يقتصر الأمر على الأفلام والمسلسلات بل تعدى ذلك إلى البرامج المتنوعة في الإذاعة والتلفزيون. أحدث الممارسات في التقليد هو فيلم (أصحاب ولا أعز) المستنسخ من فيلم إيطالي.. هذا الفيلم أثار موجة من النقد خاصة من خارج عالم الفن بسبب تعارضه مع قيم المجتمع.. النقاش حول هذا الفيلم يطرح هذا السؤال: هل نحكم على العمل الفني بمعيار أخلاقي أم فني؟ يرى بعض النقاد أن الإبداع الفني يتطلب الخروج عن النص.. هذا تبرير يتضمن شيئاً من التناقض؛ لأن التقليد لا يعد إبداعاً، وهذا الفيلم مستنسخ! ويرى آخرون في دفاعهم عن الفيلم أن الممثل يقوم بدور شخصية موجودة على أرض الواقع ولا يمثل شخصية الممثل.. وهذا تبرير لا يمنع تأثر المشاهد بشخصية البطل وخطر السلوكيات المعروضة على المجتمع.. وجود سلوكيات غير أخلاقية في المجتمعات قد يكون مبرراً للإشارة لها، ولكن لا يبرر الترويج لها كما تفعل منصة نيتفليكس التي يلهث البعض إلى تقليدها! إن المشكلة الحقيقية ليست في كون هذا الفيلم أو غيره من الأفلام والمسلسلات المشابهة يعرض بعض الممارسات السلبية في المجتمع، ولكن المشكلة تكمن في طريقة عرضها بصورة توحي للمتلقي بأنها أمر عادي! المشكلة الأخرى هي لجوء الأعمال الفنية إلى التقليد والاستنساخ بحثاً عن الإبداع والإثارة.. المؤكد أنها ستحقق الإثارة ولكنها لن تحقق الإبداع لأن الإبداع لا يتحقق بالتقليد. صحيح أن الأعمال الفنية ليست منصة للوعظ؛ لكنها أيضاً ليست وسيلة لهدم القيم.. إبراز الممارسات السلبية وغير الأخلاقية -الموجودة في المجتمعات- في الأعمال الفنية كان الهدف منه -ولا يزال- هو رسالة غير مباشرة لإبراز مخاطرها وتجنبها مثلما تعرض السرقات والقتل وتجارة المخدرات.
مشاركة :