كعادة الدراما المصرية، أو العربية عموماً، في السنوات الأخيرة، ما إن ينجح مسلسل حتى تتهافت شركات الإنتاج على تقليده لضمان النجاح الذي حققه أو لمجرد تقديم دراما تسير على الدرب نفسه، فهل استنساخ الأفكار أو عرض أجزاء جديدة من الأعمال يضمن نجاحها؟ حقّق مسلسل الفنان هاني سلامة الأخير «نصيبي وقسمتك» نجاحاً معقولاً عندما عُرض على إحدى الشبكات المشفرة بداية، لينال متابعة جماهيرية واسعة على شاشات مجموعة قنوات CBC لاحقاً. كتب المسلسل الفنان عمرو محمود ياسين، وتعتمد فكرته على مجموعة قصص مختلفة، تتوزّع الواحدة منها على ثلاث حلقات في قوالب درامية عدة، تولى إخراجها علي إدريس، وشاركت فيها مجموعة من فنانات العالم العربي، وهن نيكول سابا ومي سليم ودرة وشيري عادل وريهام حجاج، إلى جانب البطل الرئيس. «مدرسة الحب» على CBC أيضاً، عرض أخيراً مسلسل جديد بالطريقة نفسها، وهو مصري لبناني بعنوان «مدرسة الحب»، تشارك فيه مجموعة من الفنانين العرب وصلوا إلى 150 نجمًا في ثلاث أو أربع حلقات للقصة التي تؤدي بطولتها مجموعة متميزة من الفنانين، إبرزهم حسن الرداد وأحمد صلاح السعدني وباسم ياخور ومصطفى فهمي وراندا البحيري وغيرهم، وتولى التأليف مازن طه، والإخراج صفوان نعمو، وشارك القيصر كاظم الساهر بصوته في غناء الشارة. ومن المقرر أن تبدأ شركات إنتاج في مصر ولبنان بالتحضير لتجارب مشابهة في الفترة المقبلة. حول هذه الظاهرة يقول الكاتب والفنان عمرو محمود ياسين، مؤلف مسلسل «نصيبي وقسمتك»، إن هذه النوعية من المسلسلات تحتاج من المؤلف إلى أن يضع يده على مجموعة كبيرة من الأفكار تصلح لتكون قصصاً درامية، وألا يبخل بأفكاره، خصوصاً أن كل واحدة منها تصلح لتشكّل عملاً منفصلاً. وأضاف أن المسلسل نجح فعلاً، وأحد الأسباب أن الأفكار تمس الجماهير، وكلها جديدة وعصرية، وليست مستهلكة، ولم تتشابه مع أي عمل آخر. وذكر ياسين أن الإيقاع كان سريعاً داخل كل قصة، مؤكداً أن على المؤلف الاهتمام بهذه النقطة، خصوصاً أن الجمهور يعاني من مسألة الإيقاع في بعض المسلسلات، فثمة حلقات فيها تصلح لأن تكون مشهدين فقط، مضيفاً أنه لا بد من التوازن بين إعطاء الموضوع حقه وبين إبراز الدراما وعدم إهمال التفاصيل المهمة على قضايا وأمور ثانوية لا مبرر لوجودها، لأنها تضعف الدراما. كذلك أشار إلى أن «نصيبي وقسمتك» تنوع بفنون الدراما كافة من خلال الأفكار الرومانسية والغموض والمشاكل الاجتماعية والخيال وغيرها، أي لم يكن رومانسياً فحسب. ليست ظاهرة رأى كاتب «نصيبي وقسمتك» أن تكرار فكرة المسلسل في أعمال فنية أخرى ليس تقليداً، وأن نجاح فكرة معينة وحب الجمهور لهذا الشكل يعززان لدى المنتجين الحماسة لإنتاج أكثر من تجربة «السباعيات»، (مسلسل من 7 حلقات فقط) أو مرحلة الأجزاء، أو المسلسل متعدد الحلقات سواء 40 أو 60 حلقة. من جانبه، أوضح الناقد محمود قاسم أن الأزمة لا تكمن في تقليد الشكل الذي سبق أن حقق نجاحاً مثل «السباعيات»، أو الأجزاء وغيرهما، فالمهم هو ما تتضمنه هذه المسلسلات والأفكار والموضوعات المختلفة التي تعرضها، والتي لا بد من أن تحمل جديداً. وفي رأي قاسم، ما نشاهده من دراما اليوم هو نسخ لأفكار تكررت، وأخذت عن أعمال أخرى عربية أو أجنبية، وليس فيها أي تجديد. الناقد إيهاب التركي أشار بدوره إلى أن فكرة «الثلاثيات» (قصص منفصلة تدور أحداث الواحدة منها في ثلاث حلقات فقط) بعد عرض «نصيبي وقسمتك»، و»مدرسة الحب» راهناً لم ترتق حتى الآن إلى مرحلة الظاهرة، ما يعني أنها ما زالت في البداية، وأنه في ظل عادة العرض اليومي للمسلسلات الطويلة التي تتعدى الـ 90 حلقة، فإن مسلسل الثلاث حلقات لن يصبح ظاهرة على الأقل في الوقت القريب، مضيفاً أن هذه التجربة لن تنتشر، من ثم لن تزدهر إلا إذا كانت مكتوبة بشكل جيد، وفي النهاية فإن الجمهور سيحسم انتشارها أو إنهاءها من خلال تذوقه جودة العمل. أما الناقد السينمائي نادر عدلي فذكر أن التجربة ما زالت في مرحلة البداية ولم تصل إلى حد التكرار الممل، وأن القنوات الفضائية تلجأ إلى عرض الأنماط كافة لتغطية ساعات البث الطويل، فتتهافت على المسلسلات الطويلة الـ 60 والـ 90 حلقة المنتشرة في الفترة الماضية، وهو ما قد يعطل التجربة الجديدة التي ما زالت في خطواتها الأولى، فضلاً عن أن «نصيبي وقسمتك» لم يحقق النجاح المتوقع والمردود المطلوب بدليل أنه مع عرض التجربة الأولى للفنان هاني سلامة لم تبدأ شركة الإنتاج في انجاز الجزء الثاني، فتعطّل العمل.
مشاركة :