أعلنت البحرين عن جملة من الإجراءات تستهدف توسيع نطاق العقوبات البديلة بالتوازي مع البدء في تنفيذ برنامج السجون المفتوحة، في توجّه يهدف إلى تخفيف الاكتظاظ داخل السجون، وأيضا لاحتواء الانتقادات الحقوقية، التي لطالما شكلت صداعا للمملكة، ومثلت إحراجا لها أمام المجتمع الدولي. وجرى الإعلان عن الإجراءات الجديدة خلال اجتماع بين ولي عهد البحرين رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ووزير الداخلية راشد عبدالله الخليفة، وبحضور وزير الماليّة والاقتصاد الوطنيّ سلمان خليفة الخليفة. وطالب وليّ عهد البحرين بتنفيذ برنامج السّجون المفتوحة خلال الأشهر القادمة، وأكّد أنّ هذه البرامج تأتي في سياق مواصلة تطوير المنظومة التشريعيّة، بما يرفد المسيرة التنمويّة في البلاد. وتأتي الإجراءات بعد أشهر قليلة من إصدار العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى مرسوما يقضي بتطبيق قانون العقوبات البديلة، وإسقاط شرط قضاء نصف المدة، ويشمل هذا المرسوم معارضين ونشطاء سياسيين. ووفق المرسوم الملكي الذي صدر في سبتمبر الماضي فإنه “يجوز للجهة المعنية بوزارة الداخلية أن تطلب من قاضي تنفيذ العقاب أن يستبدل العقوبة الأصلية المحكوم بها قبل البدء في تنفيذها بعقوبة بديلة أو أكثر، بشرط ألا يكون في ذلك خطر على الأمن العام، وأن يكون المحكوم عليه قد أدى الالتزامات المالية المحكوم بها عليه من المحكمة الجنائية ما لم يكن من المستحيل عليه الوفاء بها”. حمد الكوهجي: ولي العهد حريص على تطوير عمل مؤسسات الإصلاح والتأهيل ويشمل نظام العقوبات البديلة: العمل لصالح إحدى الجهات دون مقابل ويُراعى في ذلك توافقه مع مهنة المحكوم عليه إن أمكن، وألا تزيد مدته على سنة، وبما لا يتجاوز ثماني ساعات يوميا. كما يتضمن النظام الإقامة الجبرية في مكان محدَّد، وحظر ارتياد مكان أو أماكن محدَّدة، والتعهُّد بعدم التعرُّض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معيَّنة، والخضوع للمراقبة الإلكترونية، وحضور برامج التأهيل والتدريب، وإصلاح الضَّرر الناشئ عن الجريمة. ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات خطوة مهمة في سياق تطوير المنظومة التشريعية، بما يتوافق مع التشريعات الدولية، التي تراعي حقوق الإنسان. ويشير المراقبون إلى أن السلطة البحرينية تريد إرسال رسالة إلى الداخل والخارج بأنها نجحت في تجاوز المطبات الأمنية التي عصفت بها خلال أحداث ما يسمى بالربيع العربي وما تلاها، وأنها اليوم باتت تشهد قدرا كبيرا من الاستقرار يجعلها تفتح صفحة جديدة مع أطياف المعارضة (باستثناء تلك التي تملك صلات مع قوى خارجية تسعى إلى استهدافها)، وأيضا سد الثغرات الحقوقية التي لطالما مثلت مصدر إزعاج كبير بالنسبة إليها. وأثارت خطوة توسيع نطاق العقوبات البديلة وتبني سياسة السجون المفتوحة ردود فعل واسعة داخل البحرين، حيث رحب الكثيرون بالخطوة واعتبروها نقلة نوعية في المنظومة العدلية والحقوقية داخل المملكة. وأشاد المرصد العربي لحقوق الإنسان بتفعيل تطبيق نظام السجون المفتوحة “بما يعكس ريادة الخطوات الإصلاحية والتنموية التي تتخذها مملكة البحرين والتي عززت من مكانتها الحقوقية بين مختلف دول العالم”، مشيرا إلى أن ما حققته المملكة في مجال حقوق الإنسان يعد إنجازا تنمويا جديدا يضاف إلى حصيلة الإنجازات التي حققتها المملكة في هذا المجال وتطابقه وتماشيه مع كافة المعايير الدولية. وأكد النائب حمد الكوهجي أن توجيهات الأمير سلمان، بمواصلة التوسع في تطبيق قانون العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، يمثل استمرارا لتطور المنظومة الحقوقية في البحرين بما يسهم في إدماج المحكوم في المجتمع وتفعيل دور مؤسسات الإصلاح والتأهيل. ولفت الكوهجي إلى أن التوجيهات الجديدة تعكس حرص ولي العهد على تطوير عمل مؤسسات الإصلاح والتأهيل وعودة المحكومين للمجتمع بما يحقق الفائدة للفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام، وعودة المحكوم للمساهمة في عملية التنمية والبناء التي تشهدها البحرين. وأشار النائب في مجلس النواب البحريني إلى أن البحرين مستمرة في تطوير قوانينها ومنظومة العقوبات، التي تسهم في تعزيز الاستفادة من العقوبات البديلة وتحقيق أهداف هذا التوجه، الذي يسهم في تماسك المجتمع ومصلحة الفرد والمجتمع والدولة على حدّ سواء. Thumbnail وأشاد عضو مجلس الشورى فؤاد أحمد الحاجي بمواصلة التوسع في تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، والذي يتوازى مع البدء في تنفيذ برنامج السجون المفتوحة بما يكفل تعزيز الاستفادة من برنامج العقوبات البديلة وما يهدف إليه من غايات نبيلة للفرد والمجتمع. وكانت البحرين بدأت في تنفيذ العقوبات البديلة في العام 2017، وقد استفاد منها أكثر من ثلاثة آلاف شخص، ويرى حقوقيون أن توسيع نطاق المستفيدين بما يشمل نشطاء معارضين هي خطوة بالتأكيد سيكون لها أثرها لناحية تعزيز الاستقرار داخل المملكة. وتمنح الإجراءات الجديدة وزارة الداخلية صلاحية التقدم للقاضي باستبدال العقوبة الأصلية قبل تنفيذ العقوبة البديلة، لمدة تساوي باقي العقوبة أو مجموع العقوبات المحكوم بها إذا توافرت في المحكوم اشتراطات معينة. كما تمنح الجهة المعنية بوزارة الداخلية المرونة والقدرة على تقدير ومواءمة الظروف والأوضاع الخاصة بالمحكوم عليهم وظروفهم الشخصية والمجتمعية، حيث يساهم في إعادة تأهيل وإصلاح المحكوم عليه وإدماجه في المجتمع مرة أخرى. وفي مقابل الأصوات المرحبة، تبدي فئة غير قليلة، موقفا متحفظا حيث ترى أن الإجراءات الجديدة غير كافية لتثبيت دعائم الاستقرار لاسيما مع استمرار التضييق على الحريات ومنع الجمعيات من العمل، وحرمان النشطاء والمعارضين من حقوقهم المدنية والسياسية كحق الانتخاب والترشح. وسبق وأن انتقدت بعض المنظمات الحقوقية على غرار منظمة العفو الدولية قانون العقوبات البديلة في البحرين، التي رأت أنه يحتوي على نقائص عديدة إذ يحرم المعتقل المُفرج عنه من حقّه في التعبير وتكوين الجمعيّات والتجمّع، وأشارت إلى قيام السّلطات البحرينيّة بعرض صفقات على سجناء، لا يوحي بالثّقة في امتثال برنامج العقوبات مع قانون حقوق الإنسان.
مشاركة :