عدوى القيادة الذاتية تنتقل إلى الشاحنات العملاقة

  • 2/2/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اتخذ السباق على القيادة الذاتية بعدا جديدا مع تشديد شركة وايمو الأميركية الملاحقة على منافسيها ليس في الولايات المتحدة فقط، بل وفي العالم أيضا، من خلال البدء في تشغيل نموذج لشاحنة عملاقة يكتفي سائقها بالمراقبة فقط. وفي حين أن عمالقة تصنيع السيارات مثل فولفو السويدية وبي.أم.دبليو الألمانية وشركات ناشئة مثل أوتو إكس الصينية وأخرى تعمل في الإلكترونيات مثل هواوي التي تطور سيارات ركوب ذاتية القيادة، وجهت وايمو تركيزها الآن على الشاحنات على أساس أن هذا النوع من المركبات مهم للغاية بالنسبة إلى النشاط الاقتصادي. ورغم أن هذه الفكرة المستقبلية التي تبدو خيالية تخضع للتجربة بولاية تكساس جنوب الولايات المتحدة، التي باتت مركزا لصناعة آخذة في التوسع للمركبات ذاتية القيادة، لكنها تحتاج إلى وقت طويل حتى تكون أمرا واقعا والتأكد من أنها لا تشكل خطرا على الآخرين. بيار- فرنسوا لو فاو: نكرر التجارب مرات على الكمبيوتر ونغيّر المئات من العناصر وتخضع الشاحنات ذاتية القيادة حاليا لاختبارات عدة للتأكد من سلامتها، قبل أن تسلك الطرق حيث يجري تشغيلها باستخدام الرادارات وأجهزة المسح، التي تعمل بالليزر والكاميرات وهوائيات نظام تحديد المواقع “جي.بي.أس” المتّصلة ببرمجية القيادة. ويقول خبراء إن الشاحنات ذاتية القيادة لن تحتاج فقط إلى اتباع خطوط تحديد حارات السير والحفاظ على المسافة الفاصلة بينها وبين المركبات الموجودة أمامها، لكن الأمر قد يتجاوز ذلك بكثير. وستحتاج هذه النوعية من المركبات العملاقة إلى تجاوز السيارات الأخرى في بعض الحالات، وفي أفضل الحالات ستحتاج إلى وسيلة للتواصل مع المركبات الأخرى على الطريق، وهي تقنيات يعكف المطورون على زرعها في سيارات المستقبل حتى تكون متصلة مع بعضها البعض. وتستطيع الشاحنة قيادة نفسها على الطرق المفتوحة والسريعة، ما يتيح الفرصة للسائقين لأخذ قسط من الراحة والنوم بدلا من التهديدات والمعاناة التي يسببونها للسيارات الأصغر حجما أثناء سفرهم لمسافات طويلة على الطرق، ومع ذلك لا يمكن تفعيل القيادة الذاتية في الطرق الجانبية وداخل المدن. ويوضح بيار- فرنسوا لو فاو، مدير مشاريع التعاون لدى شركة وايمو للقيادة الذاتية لوكالة الصحافة الفرنسية، أن “كل مرة نقود فيها مسافة ميل أو كيلومتر في الحياة الواقعية، نعيد العملية ألف مرة على الكمبيوتر بتغيير المئات من العناصر”. وتعد وايمو لتكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة التابعة لشركة خدمات الإنترنت والتكنولوجيا غوغل، من أول الشركات التي حصلت على تصريح كامل لاختبار سياراتها دون سائق احتياطي خلف عجلة القيادة. ولتحقيق طموحاتها في الزج بأسطول من الشاحنات التي تقود نفسها، تبني الشركة حاليا مركزا للخدمات اللوجستية في مدينة دالاس من شأنه أن يستوعب المئات من الشاحنات ذاتية القيادة خلال السنوات المقبلة. لكن الشركة ليست الوحيدة التي تعمل على هذا المجال الواعد، إذ تدير منافستها إمبارك، وهي شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا القيادة الذاتية، عمليات نقل بشاحنات ذاتية القيادة بين هيوستن وسان أنطونيو. كما تعتزم شركة أورورا التي شارك في تأسيسها موظف سابق في وايمو، فتح ثلاث محطات ومسار يمتد على أكثر من ألف كيلومتر خلال هذا العام في تكساس. وفي دليل على التنافس الكبير الموجود في مجال صناعة شاحنات النقل ذاتية القيادة، لم تعرض إمبارك أو أورورا ولا مرة نماذجها التي يمكن أن تكون مثيرة في تصميمها، وحتى في التكنولوجيا التي تم على أساسها بناؤها. ويقول مدير مركز المركبات ذاتية القيادة وأنظمة الاستشعار في جامعة أي أند أم في تكساس سريكانث ساريبالي، إن “جميع العاملين في قطاع النقل بشاحنات ذاتية القيادة موجودون في تكساس، حتى لو لم يقرّوا بذلك”. ولم تختر الشركات تكساس بالصدفة، إذ تضم هذه الولاية أكبر عدد من سائقي الشاحنات، إضافة إلى مهندسين كفوئين، فضلا عن أن طقسها المشمس مناسب جدا لأجهزة استشعار الشاحنات، وجارتها المكسيك تصدّر 85 في المئة من بضائعها إليها برّا. وتعتبر مدينتا هيوستن ودالاس في الولاية مركزين رئيسيين للشحن، وتعدّ المسافات المتباعدة في تكساس مثالية للنقل لمسافات طويلة. هذا الاتجاه بات مثيرا مع وجود خطط للعديد من الشركات لابتكار شاحنات ذكية يمكنها أن تساهم في تغيير شكل التنقل تماما والأهم من ذلك هو أنّ القوانين المحلية متساهلة مع المركبات ذاتية القيادة. ففي العام 2018 أقرّت ولاية تكساس قانونا أعطى السيارات ذاتية القيادة الوضع القانوني نفسه للسيارات العادية. ويقول ساريبالي إن “كل ما تحتاجه في تكساس هو إجراء تأمين واتباع قوانين السير، حيث لا تفرض هذه الولاية قواعد أخرى عليك اتّباعها”. وفي ظل وجود مساحات واسعة بالولايات المتحدة وكون قطاع النقل بالشاحنات جزءا أساسيا من اقتصاد البلد، ترى الشركات في نظام القيادة الذاتية وسيلة لخفض التكاليف وتقليل المخاطر، لأن المركبات التي تعمل وفق هذه التقنية لا تتعب ولا تتطلّب فترات من الراحة، عكس ما يحصل في عمليات النقل بشاحنات يقودها سائقون. وبينما يحتاج السائق ثلاثة أيام لقيادة شاحنة من لوس أنجلس إلى دالاس على سبيل المثال، تنجز مركبة كبيرة ذاتية القيادة المهمّة نفسها في غضون 24 ساعة، وفق تقديرات شركة أورورا. وهذا الاتجاه يبدو مثيرا اليوم أكثر من أي وقت مضى، مع وجود خطط للعديد من الشركات لابتكار شاحنات ذكية يمكنها أن تساهم في تغيير شكل التنقل تماما. ففي العام 2014، أزاحت عملاقة صناعة السيارات الألمانية دايملر النقاب عن النموذج الأولي لمستقبل الشاحنات، والذي أطلقت عليه اسم مرسيدس فيوتشر تراك، والذي من المتوقع أن يبدأ طرحه في الأسواق بحلول عام 2025. ويتوقع خبراء وصول تكنولوجيا القيادة الذاتية وانتشارها في قطاع الشاحنات إلى أوروبا في غضون خمس سنوات من الآن، بحيث تصبح ثلث الشاحنات ذكية وأقل تعقيدا، وقد تستغني عن السائق تماما.

مشاركة :