تعبيرا عن اهتمام المملكة العربية السعودية بقطاع التعدين، الذي يعد أحد المحركات الاقتصادية العالمية، فصناعة التعدين مسؤولة عن تحريك تريليون دولار سنويا، وتعتمد أكثر من (70) دولة في العالم على قطاع التعدين بشكل أساسي، دعت المملكة العربية السعودية إلى انعقاد مؤتمر مستقبل التعدين، فقد صرح وزير الصناعة والثروة المعدنية معالي الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف بأن إطلاق المؤتمر يأتي استشعارًا من حكومة المملكة بأهمية قطاع التعدين في العالم، وتأثيره في الانتعاش الاقتصادي، وأثره الكبير في مستقبل العديد من الصناعات التي تمثل أولوية كبيرة، وتدخل في تفاصيل حياتنا اليومية، وذلك بالعمل على إبراز الإمكانات الكبيرة والواعدة في مجال التعدين والمعادن والصناعات التعدينية التي تنعم بها مناطق الشرق الأوسط، وغرب ووسط آسيا، وقارة إفريقيا، وتحتل المملكة موقعًا استراتيجيا بين هذه الدول مجتمعة، بالإضافة إلى الممكنات العالية التي تتميز بها المملكة العربية السعودية في هذا القطاع والتي لخصها نائب رئيس شركة أرامكو للتنقيب الأستاذ سعيد المسفر بـ«كوادر تتمتع بمعرفة فنية عالية، وتميز تشغيلي، واستثمار في التقنية»، ولأجل الإسهام في الاستجابة لاحتياجات قطاع التعدين المستقبلية من خلال جمع أصحاب المصلحة المتعددين، من حكومات، ومستثمرين، ومؤسسات مالية، ومقدمي خدمات، ومُصنعين، وتوفير منصة للتعاون الإقليمي والدولي لرسم خارطة طريق مستقبلية، تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة عبر توسيع دائرة إسهام هذا القطاع في توفير المعادن الحيوية، ليكون محركًا اقتصاديًّا رئيسًا في دول المنطقة. لذا انعقد مؤتمر مستقبل التعدين في الرياض، خلال المدة من 11 إلى 13 يناير 2022 والذي شارك فيه (15) وزيرًا من خارج المملكة وممثلو أكثر من (32) دولة في مختلف أنشطته. وحضر المؤتمر (3500) مشارك في مقر انعقاده بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، و(4000) مشارك افتراضي من (100) دولة حول العالم، وقد شهد المؤتمر نقاشات ومداخلات جادة ومؤثرة، شارك فيها ما يزيد على (100) متحدث من القيادات الحكومية وشركات التعدين العالمية من خلال (40) جلسة حوارية حول مستقبل قطاع التعدين، ومساهماته في تنمية المجتمعات، وتعزيز أنظمة الاستدامة والطاقة النظيفة، وجذب الاستثمارات المباشرة لقطاع التعدين في المنطقة. وتضمن المؤتمر مناقشة فرص إيجاد تعاون أعمق بين دول (إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى) حول قضايا وانشغالات قطاع التعدين، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الحكومات وشركائها من القطاع الخاص والمجتمع المدني، بوصفه الأساس لتحقيق تطورات تعدين مستدامة ومسؤولة وشاملة تقدم منافع مشتركة، وتمتد إلى أبعد من مواقع التعدين لتشمل فائدتها المجتمعات القريبة من هذه المواقع، وناقش المؤتمر أيضا آثار جائحة كورونا على قطاع التعدين، وإمكانات تجاوز تلكم الآثار في مرحلة التعافي، وبالتالي احتمالات زيادة الطلب على المعادن الاستراتيجية، الذي من المؤمل أن ينمو بوتيرة أسرع في العقود القادمة، وما يمثله هذا النمو من فرصة استثمارية تاريخية للمنطقة. وأوضح المشاركون في المؤتمر أهمية المنطقة (دول إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى) في الإسهام في توفير المعادن استجابةً للطلب العالمي، وأكدوا قدرتها على تلبية احتياجات العالم المعدنية في المستقبل، لامتلاكها قدرًا كبيرا من الاحتياطيات والموارد من السلع المعدنية الأساسية بفضل طبيعتها الجيولوجية الفريدة. ولأجل التنسيق بين دول المجموعة دعا المشاركون في المؤتمر إلى ضرورة إنشاء منتديات حوار لمناقشة التحديات الحالية والمستقبلية بشأن المعادن، مع اعتماد نهج تعاوني يجمع أصحاب المصلحة الذين يسعون إلى إيجاد أرضية مشتركة لتطوير سلاسل إمداد معدنية مرنة. وأجمع المشاركون في المؤتمر من ممثلي الحكومات والشركات على أن المملكة العربية السعودية تتمتع بقدرات كبيرة في قطاع التعدين، وأنها تمتلك العديد من المقومات للتميز في هذا القطاع لتصبح مركزا لشركات خدمات التعدين، ومقرا إقليميا لشركات التعدين العالمية حيث إنها تتوسط منطقة تعدينية مهمة، تمتد من إفريقيا إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مشيدين بأهمية فكرة المؤتمر التي انبثقت من استراتيجية المملكة للتعدين والصناعات التعدينية، ومما ينبغي الإشارة إليه أن عدد الرخص التعدينية في المملكة بلغ (1967) رخصة للاستطلاع، والكشف، والاستغلال لمختلف الخامات المعدنية، 25% منها صدر خلال عام 2021. فيما بلغ عدد المجمعات المحجوزة ومناطق الاحتياطي التعديني (431) موقعًا، وأن وزارة الصناعة والثروة المعدنية تعمل على العديد من المبادرات الأخرى كدعم الاستكشاف، وإنشاء مركزٍ للتميز في الصناعات التعدينية، ووضعت مستهدفات طموحة لرفع إسهام قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من (17) مليار دولار، إلى (64) مليار دولار بحلول عام 2030. وصاحب المؤتمر معرضا لنتاجات الدول والشركات المشاركة في المؤتمر. تضمن الجناح السعودي مشاركة (12) جهة حكومية، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من (30) شركة سعودية ودولية، وخلال اليوم الأول من المؤتمر عقد الاجتماع التشاوري الثامن لأصحاب المعالي الوزراء العرب المعنيين بشؤون الثروة المعدنية، الذي نظمته وزارة الصناعة والثروة المعدنية بالمملكة بالشراكة مع «المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين» الذي نتج عنه الموافقة على مقترح المنظمة بإعداد نظام استرشادي تعديني للدول العربية، لمسايرة الاتجاهات العالمية الراهنة وتبني أفضـل الممارسات المتعلقة بالصـناعات التعدينية، والإشادة بالمبادرة العربية للمعادن المستخدمة في مجال الطاقة النظيفة التي اقترحتها المنظمة، تماشيا مع الجهود الدولية نحو الوصول إلى نُظم طاقة أنظف، وأقل انبعاثات، والحد من التغير المناخي، فضلا عن تأكيد أصحاب المعالي الوزراء مواكبة التطورات التقنية وتوظيفها لتحقيق التنمية المستدامة في مجال التعدين في الدول العربية، وتعزيز مكانة المعادن، وتعظيم قيمتها، وحسن استغلالها، وتعزيز سلسلة القيمة الخاصة بها، وقد ثمن أصحاب المعالي الوزراء إطلاق أول منصة رقمية متخصصة لطلبات وعروض المنتجات الصناعية والتعدينية العربية بدعم من المملكة العربية السعودية. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :