سعت قيادة المملكة إلى تمكين وتنمية القطاع الخاص ودعمه بمختلف الوسائل وصولا إلى إحداث بيئة أعمال متطورة ومستقرة ومحفِّزة على تأسيس وأداء الأعمال، والارتقاء بفعالية العمل وتوحيد الجهود في الإصلاحات، وإشراك القطاع الخاص في صنع القرار الاقتصادي. واعتماد خطة طموحة لتحفيز القطاع الخاص لضمان استمرارية نموه وتطوره وتسريع نشاطاته ليتماشى مع تطلعات رؤية المملكة 2030. وقد جاءت الاستراتيجية الوطنية للاستثمار لتؤكد ولتعزز هذا التوجه، إذ إنها تتمحور حول تمكين المُستثمرين، وتطوير وإتاحة الفرص الاستثمارية، وتوفير الحلول التمويلية، وتعزيز التنافسية بما يسهم في زيادة فاعلية الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. كما تشمل الاستراتيجية تطوير خطط استثمارية تفصيلية للقطاعات الحيوية مثل قطاعات الصناعة، والطاقة المتجددة، والنقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والبنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية، بالإضافة إلى إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بتنظيمات تنافسية وحوافز جاذبة للاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية، وبرنامج لنقل سلاسل الإمداد الاستراتيجية إلى المملكة، والاستحواذ على حصة من السوق في مكونات سلاسل الإمداد، وقد أفصح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في المملكة العربية السعودية عن حجم الاستثمارات التي ستشهدها مراحل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاستثمار بالقول «سيتم ضخ استثمارات تفوق (12) تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030. منها (5) تريليونات ريال من مبادرات ومشاريع برنامج شريك، و(3) تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للاستمارات المحلية، و(4) تريليونات ريال من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة، علاوة على ذلك، سيحظى الاقتصاد بضخ حوالي (10) تريليونات ريال أخرى من الإنفاق الحكومي من خلال الميزانية العامة للدولة خلال العشر سنوات القادمة، و(5) تريليونات ريال أخرى من الإنفاق الاستهلاكي الخاص لنفس الفترة، ليشكل إجمالي هذا الإنفاق ما يقارب الـ(27) تريليون ريال حتى عام 2030 (ما يعادل (7) تريليونات دولار). وتهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى (388) مليار ريال سنويًّا، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى حوالي (1.7) تريليون ريال سنويًا بحلول عام 2030. الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من (22 %) في عام 2019 إلى (30 %) في عام 2030. ما سيُسهم في نمو الاقتصاد السعودي ليصبح واحدا من أكبر (15) اقتصادًا على مستوى العالم، وهذا إنجاز كبير تسعى المملكة إلى تحقيقه بجهود متواصلة وخطوات واثقة، وعزم لا تحده حدود. مقترنا بحوكمة شاملة للإشراف على تنفيذ الاستراتيجية، من خلال اللجنة الوطنية العليا للاستثمار، التي يرأسها ولي العهد حفظه الله ورعاه، ووضع وإقرار الحوافز للاستثمارات النوعية، وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية. ولأجل الإسراع في إنفاذ الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، أوضح سمو ولي العهد أن المملكة تسعى إلى «توفير حزم من الحوافز للمشروعات الاستثمارية النوعية، وجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى المملكة، إضافة إلى دعم استثمارات وأعمال الشركات الوطنية، لتعزيز مكانتها الدولية، وتمكينها من إيصال وترسيخ استثماراتها ومنتجاتها وخدماتها في الأسواق الإقليمية والعالمية، بكفاءة وتنافسية عالية، ومبادرات للتمويل، تشمل تطوير حلول تمويلية جديدة للقطاع الخاص، لتعزيز تكوين رأس المال؛ كما تشمل، تطوير منصة «استثمر في السعودية» لتكون المنصة الوطنية لعرض وتسويق الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة». وما ينبغي الإشارة إليه أن المرحلة الثانية من تنفيذ رؤية المملكة 2030 لا تقتصر على الاستراتيجية الوطنية للاستثمار فحسب بل ستشهد المزيد من التطورات والإنجازات التنموية الجديدة التي تتكامل معها مثل مشاريع البحر الأحمر السياحية (في مدن: ينبع، وأملج، والوجه، وضباء) التي من خلالها تسعى المملكة إلى تقديم تجربة سياحية جديدة للعالم، وخدمات نوعية تجذب السياح للاطلاع على الثقافات المختلفة والمتنوعة في منطقة البحر الأحمر. كما أطلقت المملكة مبادرات كبرى على المستوى الإقليمي والعالمي تتعلق بالاستثمار في المناخ والحفاظ على البيئة، مثل مبادرة تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار (278) مليون طن سنويا بحلول 2030. ليمثل ذلك تخفيضا طوعيا بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات، وأطلقت أيضا مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون وبدأت بتنفيذها فعليا في مدينة نيوم، لتقدم دليلا عمليا على نجاحها في إنتاج طاقة نظيفة مع الحفاظ على القدرات الاقتصادية وبما يوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للدول والحكومات وبين متطلبات البيئة. علاوة على العديد من مشاريع الطاقة المتجددة، وإزالة نحو (130) مليون طن من الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ عديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة. بالإضافة إلى مبادرة زراعة نحو (50) مليار شجرة في منطقة الشرق الأوسط عموما، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم لأجل استصلاح نحو (200) مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وبذلك تسهم المملكة في إنفاذ نسبة (5%) من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة لأجل إحداث تخفيض بنسبة (2.5%) من معدلات الكربون العالمية. وجاء افتتاح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة لجلسات النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض يوم 22/أكتوبر/2021. مطلقا أولى حزم المبادرات البيئية بنحو (700) مليار ريال من الاستثمارات الخضراء تتويجا لهذه الجهود والمبادرات، ودفعة قوية جديدة مكملة للاستراتيجية الوطنية للاستثمار. تحية وتقدير لقيادة الحزم والعزم والتنمية بالمملكة العربية السعودية وشعبها الوفي الأمين. } أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :