واشنطن – الوكالات: أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ بلاده «أزالت تهديداً إرهابياً كبيراً» بمقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو إبراهيم الهاشمي القرشي الذي فجّر نفسه خلال عملية إنزال نفّذتها وحدة كوماندوس أمريكية فجر أمس على منزل في سوريا كان يقيم فيه مع عائلته. وقال بايدن في خطاب متلفز من البيت الأبيض إنّ الولايات المتّحدة «أزالت تهديداً إرهابياً كبيراً في العالم» بهذه العملية التي نفّذتها وحدة من القوات الخاصة الأمريكية في بلدة أطمة بمنطقة إدلب في شمال غرب سوريا وشكّلت أكبر انتكاسة للتنظيم منذ مقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي في 27 أكتوبر 2019 في عملية أمريكية مماثلة في منطقة إدلب أيضاً. وأضاف الرئيس الأمريكي أنّه «بينما كان جنودنا يتقدّمون للقبض عليه، اختار الإرهابي، في عمل جبان يائس أخير، ومن دون أيّ مراعاة لأرواح أسرته أو الآخرين في المبنى، تفجير نفسه... عوضاً عن مواجهة العدالة على الجرائم التي ارتكبها». وأضاف أنّ القرشي، بتفجير نفسه، «أخذ معه العديد من أفراد عائلته مثلما فعل سلفه». واعتبر الرئيس الأمريكي أنّ مقتل القرشي يوجه رسالة قوية إلى قادة التنظيمات الإرهابية حول العالم مفادها «سوف نلاحقكم ونجدكم». وتابع «أحاول حماية الشعب الأمريكي من التهديدات الإرهابية، وسأتخذ إجراءات حاسمة لحماية هذا البلد»، متعهّداً أن تظلّ القوات الأمريكية «يقظة» ومستعدّة. وشدّد بايدن على أنّ قرار إرسال وحدة كوماندوس لتنفيذ العملية ضدّ زعيم التنظيم الجهادي عوضاً عن تصفيته بواسطة غارة جوية مردّه إلى أنّ واشنطن أرادت تجنّب سقوط ضحايا مدنيين. وقال: «لعلمنا أنّ هذا الإرهابي اختار أن يحيط نفسه بعائلات، بينها أطفال، اتّخذنا خيار تنفيذ غارة للقوات الخاصة مع كلّ ما لها من مخاطر أكبر بكثير على عناصرنا، بدلاً من استهدافه بضربة جوية». وأضاف «لقد اتّخذنا هذا الخيار لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين». من جانبه قال مسؤول كبير لوكالة فرانس برس إنّ جميع القتلى الذين سقطوا خلال الغارة قضوا «بسبب أعمال إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية» وليس بنيران القوات الأمريكية. ولم يصب أي عنصر أمريكي في الغارة، لكنّ إحدى المروحيات التي شاركت في العملية واجهت مشكلة فنّية ما استدعى تدميرها في مكانها. وكان مسؤول كبير في البيت الأبيض قال إنّه عند بدء عملية الإنزال «فجّر الهدف الإرهابي قنبلة قتلته وأفراد عائلته وبينهم نساء وأطفال». وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان من ناحيته مقتل 13 شخصاً على الأقلّ، بينهم أربعة أطفال وثلاث نساء، خلال العملية التي بدأت بإنزال جوّي بعيد منتصف ليل الأربعاء-الخميس، واستمرت أكثر من ساعتين وتخلّلها إطلاق رصاص واشتباكات. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت صباح أمس أنّ وحدة «من القوات الأمريكية الخاصة بإمرة القيادة المركزية الأمريكية نفّذت مهمّة لمكافحة الإرهاب في شمال غرب سوريا»، مؤكّدة أنّ «المهمّة كانت ناجحة ولم تسجّل خسائر» في صفوف الوحدة. ومنذ تسلّمه مهامه خلفاً للبغدادي في نهاية أكتوبر 2019، لم يظهر القرشي علناً أو في أيّ من إصدارات التنظيم المتطرف ولا يُعرف الكثير عنه أو عن تنقّلاته. ولم يَعنِ اسمه حينها شيئاً للكثير من الخبراء بشؤون الجماعات الجهادية. حتى أنّ بعضهم طرح إمكانية أن يكون شخصية وهمية، وقال عنه مسؤول أمريكي رفيع المستوى حينها إنّه «مجهول تماماً». وبعد تقارير استخبارية كشفت اسمه الحقيقي، وهو أمير محمّد عبد الرحمن المولى الصلبي، تبيّن أن الولايات المتحدة كانت قد رصدت في أغسطس 2019 مكافأة مالية تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار مقابل أي معلومة تقودها إلى المولى، الذي كان لا يزال في حينه قيادياً في التنظيم الجهادي لكنّه مع ذلك كان «خليفة محتملاً» للبغدادي. وضاعفت المكافأة في يونيو 2020 إلى عشرة ملايين دولار، بعد أسابيع من وضعه على لائحتها السوداء «للإرهابيين الدوليين». وبحسب موقع «المكافآت من أجل العدالة» التابع للحكومة الأميركية فإنّ المولى، الذي «يعرف أيضاً باسم حجي عبد الله» كان «باحثاً دينياً في المنظمة السابقة لداعش وهي منظمة القاعدة في العراق، وارتفع بثبات في الصفوف ليتولى دورا قياديا كبيرا» في التنظيم. واستهدفت العملية الأمريكية وفق مراسلي فرانس برس مبنى من طبقتين في أرض محاطة بأشجار الزيتون. وتضرّر الطابق العلوي من المبنى بشدة وغطى الدخان الأسود سقفه الذي انهار جزء منه. وتبعثرت محتويات المنزل الذي انتشرت بقع دماء في أنحائه.
مشاركة :