هواهم حوثي، وأفكارهم مفتوحة على كل تيار يعيد فيهم عقدة الثأر والانتقام التي استبدلوا بها قمصان مدنيةٍ زعموها يومًا. وعلى خلفية الثأر رفعوا ذات زمانٍ سبعينيٍ صور جيفارا وكاستروا وهوشي منّه وماوتسي تونغ بوصفهم «فرسان الثأر» لا الثورة، وتلك مفارقة الوعي المسكون بنزعة الانتقام والمختبئ خلف صور الثوار وشعارات الثورة التي ابتدأت في وعي الثأر من هانوي العاصمة الكوبية الحمراء وانتهت بطهران العاصمة الايرانية السوداء، وكما حجوا إلى كوبا حجوا إلى قم وطهران، فالبحث عن «منتقم» لهم هو الحلم وهو الوهم معًا. ومؤخرًا خفقت قلوبهم نشوةً مع صواريخ الحوثي، فأخرجوا من جيوبهم صور عبدالملك الحوثي وعلقوها على صدورهم فالمنتقم الجديد قادم لينجز الثأر لا الثورة. وفي الوقت الذي كانت فيه بعض الشوارع الغزاوية الفلسطينية ترفع صور الحوثي عبدالملك وتهتف «بالروح بالدم نفديك عبدالملك» كانت قوافل اللقاحات ضد الكورونا في طريقها من الامارات إلى فلسطين، وتلك مفارقة تختصر المسافة في قسوتها بين ذهنيتين ذهنية الانتقام والثأر وذهنية الانسانية تفيض ببهائها الرائع من دولة الامارات العربية. ولم يعترِ ذلك اليساري الأهبل الفاشل الخجل وهو يغرد «تضليل» فيسقط عن وجهه آخر أقنعة الانتقام المسكون بها منذ بداياته الثورجية في نسختها الانتقامية التي جرت المصائب على «ربعه». وما بين المخبئين، مخبأ حسن الضاحية ومخبأ الحوثي عبدالملك، جلس ثوار المقاهي والفنادق يصفقون ويردحون على الصاروخ الباليستي توريد ايران على خطاب حسن الضاحية مهددًا ومتوعدًا العرب بقرب قيام جمهورية الفقيه في عواصمهم، وفي وعيده وتهديده استجابة لفكرة الثأر الذي ينتظره ثوار المقاهي والفنادق منذ عقودٍ وعقود ومازالوا يقرعون كؤوسهم بانتظاره، وكلما انطلق صاروخ مهددًا الحضارة والتقدم والتنمية كلما دخلوا في وصلة ردحٍ حتى الصباح. وهكذا تدخل ثنائية الانتقام والثأر مرحلة جديدة من اليأس بوصفه ثورة مؤجلة تحتمل الانتظار لعقودٍ وعقود والتدثر بالكوفية الفلسطينية في المناسبات وفي ليالي الشتاء طلباً للدفء ولشيء من التصوير ونشر الصور مرفقة بالشعار الأثير «يا فلسطين لا تخافي كلنا تحت....!!». ويروي لنا أحد المقربين منهم أنهم في سهرة عرمرمية بمناسبة رأس السنة الميلادية شربوا نخب الحوثي عبدالملك وتخب حسن الضاحية ونخب سليماني، ولكنهم نسوا تماماً نخب جيفارا ومادو وكاسترو، فتلك أنخاب انتهت كما قالوا منتشين بالحفل وبإيقاعات ردح الانتقام على الطريقة الحوثية التي بدأوا يتعلمونها. ولا بأس «ثوريًا» أن يتفاهم حسن الضاحية مع الاسرائيلي على نقل الغاز الاسرائيلي إلى لبنان دون معوقات، ولا بأس أن يصمت ثوار الانتقام والثأر فيغضوا الطرف وربما خبئوا الكوفية في جيوبهم بانتظار مناسبة «ثورية» قادمة بالشعار «الثار ولا العار». وفي سرديات الثأر على طريقة ثورجية المقاهي والفنادق فقد تناقل الرواة حكايات وتفاصيل خناقات نشبت بينهم فتعارك «الثوار» بعضهم البعض، بين مؤيدٍ للحوثي عبدالملك وبين مؤيدٍ لحسن الضاحية، رغم عدم الفارق بينهما إلا أن ثوار المقاهي كانوا يبحثون عن خناقة يفشون فيها شيئًا من عقدة الثأر والانتقام فانتقموا من «ربعهم» تلك الامسية الشتائية القارسة. لكن كبيرهم ذلك اليساري الفاشل الأهبل عقد اجتماعًا طارئًا لهم في المقهى المجاور للمقهى الذي شهد الخناقة أبرم من خلاله صلحًا بين «الرفاق». ولان الرفاق يبحثون دائماً عن الوفاق، فقد تصالحوا ثم تشاركوا في وصلة ردح قادها كبيرهم الذي علمهم الفشل، فرفعوا صورة الحوثي عبدالملك وصورة حسن الضاحية بوصفهما أبطال الثأثر والانتقام في وهم «الثوار» بالكلمات والشعارات.
مشاركة :