أرسل الاتحاد العام التونسي للشغل إشارات واضحة عن استعداده لحوار جدّي حول الإصلاحات التي تعتزم الحكومة إجراءها بطلب من صندوق النقد الدولي، وهي إصلاحات دأب الاتحاد على معارضتها، والتهديد بتعطيلها. وقالت أوساط سياسية تونسية إن الاتحاد بدا الآن أقرب إلى فهم حقيقة أن الضغط على حكومة تواجه مشاكل السيولة وتوفير الرواتب لن يفضي إلى نتيجة، وعلى العكس فقد تزيد من توتير علاقته بالرئيس قيس سعيد الذي لا يقبل أيّ حوار تحت الضغط مع أيّ جهة كانت. حاتم المليكي: الاتحاد يدرك أن تونس في موقف صعب وهو يدعم مسار الإنقاذ وأشارت هذه الأوساط إلى أن الاتحاد يحتاج إلى موقف عقلاني في التعاطي مع وضع البلاد وليس إلى إعلانات “عاطفية” وشعارات قديمة، لافتة إلى أن الحكومة الحالية وجدت إرثا ثقيلا من الأزمات ولا يمكنها تجاوزه بالضغط على الزر، وأن أكبر منظمة في البلاد يمكنها أن تساهم من خلال التهدئة والحوار في حل البعض من هذه الأزمات خاصة أن الاتحاد كان طرفا فيها من خلال سقف شروطه ووقوفه وراء زيادات متتالية في الرواتب أثقلت كاهل الحكومة. واعتبرت أنه كما هو من المطلوب أن تصارح الحكومة الشعب بما يحدث، فإنه من الضروري أن يكون الاتحاد بمستوى المسؤولية وأن يفهم طبيعة التحدي الذي تعيشه تونس خاصة أن مخلفات الأزمة ستطاله بشكل أو بآخر، وأن اللجوء إلى الإضرابات وأسلوب إملاء الشروط على الحكومة لم يعد ممكنا الآن، لافتة إلى أن أقصر الطرق وأنفعها هو الحوار مع الحكومة. واعتبر النائب في البرلمان المجمد حاتم المليكي أن “الاتحاد متفهم أن تونس وصلت إلى مرحلة تستحق فيها الإنقاذ، وهو يدرك أن البلاد موقفها صعب للغاية، وأن موقفه من عملية الإنقاذ إيجابي جدا رغم وجود مشكلات في مقترح الحكومة في هذا الصدد، ذلك أن الحكومة ليس لها للأسف تصور إيجابي لحل الأزمة”. وأضاف المليكي في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة تريد إغلاق ميزانيتها فقط، وهنا المشكلة، يعني حتى صندوق النقد الدولي لا يساير تماماً الحكومة في خططها التي قد تؤدي إلى انهيار القدرة المعيشية للتونسيين، والاتحاد يريد مساعدة الحكومة رغم ذلك”. والتقت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن الجمعة مع وفد من اتحاد الشغل يرأسه الأمين العام نورالدين الطبوبي. وأصدرت رئاسة الحكومة بيانا عقب اللقاء قالت فيه إن “الطبوبي أكد في تصريح عقب الاجتماع أن الاتحاد مستعد للتفاعل والعمل المشترك مع الحكومة عبر تقديم مقترحات لتطوير وثيقة الإصلاحات الهيكلية وتوحيد الرؤى في العديد من المسائل الحارقة”. محمد علي البوغديري: المؤتمر القادم للمنظمة سينعقد في ظروف صعبة وشدد الطبوبي على “ضرورة أن توازن الإصلاحات التي قدمتها الحكومة بين الجانب الاجتماعي من جهة، وضرورة خلق الثروة ورفع نسق النمو الاقتصادي من جهة أخرى”. وأكد أن الاتحاد مستعد “لفتح حوار جدي ومسؤول بمجرد استكمال أشغال المؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل وانتخاب قيادة جديدة يمكن لها أن تلتزم بجملة التعهدات مع الحكومة”. لكن مراقبين حذروا من أن يكون الهدف من تلك التصريحات هو ربح الوقت وتحييد الحكومة عن الصراع داخل اتحاد الشغل بسبب خلافات حول التمديد لقيادات انتهت مدد مشاركتها قانونيا وهو صراع بات من أنظار القضاء. وقال الأمين العام المساعد للاتحاد محمد علي البوغديري إن المؤتمر القادم للمنظمة سينعقد في ظروف صعبة وظروف اتسمت بعدم احترام القانون الأساسي للاتحاد وعدم احترام عدد الدورات في عضوية المكتب التنفيذي. وأضاف في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية بأن الفصل 20 من قانون المنظمة ينص على أن عضوية المكتب التنفيذي للمنظمة محددة بدورتين لكل عضو إلا أن جزءا من القيادة الحالية للمنظمة تجاوز هذا القانون من خلال الدعوة إلى مؤتمر استثنائي غير انتخابي انعقد في سوسة سنة 2021 ووقع خلاله الانحراف بقانون المنظمة وتغيير فصول في غير موقعها. لكن زميله سامي الطاهري أكد أن المؤتمر سينعقد في موعده وآجاله بداية من السادس عشر من فبراير الجاري وفي مكانه المحدد بمدينة صفاقس، وأن القوانين الأساسية والأنظمة الداخلية هي التي تحكم سير العمل داخل المنظمة وقواعده وذلك في تعليقه على القضايا المرفوعة لمنع انعقاد المؤتمر.
مشاركة :