بغداد - أنهت المحكمة الاتحادية في العراق الأحد الجدل المثار حول ترشيح القيادي الكردي هوشيار زيباري الذي سبق له أن تولى حقيبتي المالية والخارجية في الحكومات العراقية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين وذلك بأن أصدرت قرارا بتعليق ترشيحه "مؤقتا". وجاء القرار القضائي عشية جلسة للبرلمان مخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في عملية اقتراع كان الوزير الكردي السابق من أبرز الأسماء المطروحة فيها إلى جانب الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح. وأعلنت المحكمة وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد "إيقاف إجراءات انتخاب هوشيار زيباري مؤقتا لحين حسم دعوى" رفعت بحقّه تتصّل باتهامات بالفساد موجهة إليه. ورأى رافعو الدعوى أن زيباري، أحد أبرز الوجوه السياسية الكردية في العراق خلال حقبة ما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لا يلبّي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون "حسن السمعة والاستقامة"، بحسب نسخة عن نصّ الدعوى . وعدّد هؤلاء أسبابا مساندة منها قرار البرلمان سحب الثقة من زيباري عام 2016 حينما كان وزيرا للمالية، على خلفية "اتهامات تتعلّق بفساد مالي وإداري". كما تطرقت الدعوى إلى قضيتين أخريين على الأقل يرتبط بهما الوزير السابق البالغ من العمر 68 عاما، لا سيما خلال فترة توليه وزارة الخارجية. وتحدث المتقدّمون بالدعوى عن وجود "قضية تحقيقية أخرى" على خلفية قيام زيباري "باستغلال نفوذه وسلطته من خلال صرف مبالغ طائلة على عقار لا يعود إلى الدولة". ويتنافس نحو 25 شخصا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، إلا أن المنافسة تنحصر فعليا بين اثنين هما زيباري والرئيس الحالي صالح. وينتمي السياسيان إلى الحزبين الكرديين المتنافسين على النفوذ في إقليم كردستان، أي الاتحاد الوطني الكردستاني (صالح) والحزب الديمقراطي الكردستاني (زيباري). وشغل زيباري مناصب وزارية عدة بين العامين 2003 و2016، أبرزها الخارجية لزهاء تسعة أعوام بين 2005 و2014. وتشكّل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إحدى أوجه الأزمة السياسية الراهنة في العراق، التي تلت الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2021. وأتى تعليق ترشيح زيباري غداة إعلان الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وهي الأكبر في البرلمان مع 73 نائبا، أنها ستقاطع جلسة الاثنين. وأثارت الشبهات بتورّط زيباري في نشاطات فساد غضب جزء من الرأي العام في الأيام الأخيرة، ما يتسبب بحرج للصدر الذي يقدّم نفسه على أنه مناهض للفساد. وأعلن الزعيم الشيعي الجمعة سحب دعمه لزيباري. وكتب على تويتر "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الإصلاح لعدم التصويت له". وحين أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني ترشيح زيباري في خرق لاتفاق سابق مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تظاهر المئات من أنصار الإطار التنسيقي للقوى الشيعية العراقية رفضا لهذا الترشيح، متهمين زيباري بالفساد. ويعقد البرلمان العراقي الاثنين جلسة من المتوقع أن تكون صاخبة لانتخاب أحد المترشحين لرئاسة الجمهورية، بينما لم يتضح بعد ما إذا كان القرار القضائي سيثني كتلة التيار الصدري صاحبة الأغلبية البرلمانية عن عزمها مقاطعة الجلسة. ولم يتضح أيضا تأثير رفض الصدر لترشيح زيباري على الائتلاف الثلاثي للقوى السياسية الفائزة بأكبر عدد من المقاعد أي كتلة الصدر وكتلة تقدم السنّية برئاسة الحلبوسي والكتلة التي تمثل والحزب الديمقراطي الكردستاني. وينص الدستور العراقي على أن يستمر رئيس الجمهورية (المنتهية ولايته) في ممارسة مهامه على أن ينتخب الرئيس الجديد خلال ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد لجلسة مجلس النواب بدورته الجديدة. ويجتمع قادة الإطار التنسيقي للقوى الشيعية وأغلبها خسرت في الانتخابات التشريعية الأخيرة باستثناء ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي حاز 33 مقعدا، مساء الأحد لمناقشة جلسة البرلمان العراقي المخصصة لانتخاب رئيس جديد للدولة. وبحسب النائب أحمد الموسوي القيادي في الإطار التنسيقي، فإن الاجتماع سيخصص لمناقشة حضور الجلسة أو مقاطعتها.
مشاركة :