أكدت دراسة جديدة وجود ارتباط بين خلل في الميكروبات المعوية وبعض الأمراض المزمنة وفي مقدمتها الاكتئاب. النتائج تتيح إمكانية التفكير في زرع بكتيريا أو خفض مستوياتها لأجل علاج أمراض واضطرابات ترتبط بالدماغ. هل تساعد الدراسة الجديدة على علاج أمراض الاكتئاب؟ ربطت دراسة جديدة بين بعض حالات الاكتئاب وبين خلل في بعض الميكروبات في الأمعاء، إذ وجد الباحثون روابط قوية أكثر من أي وقت مضى بين اضطرابات تحدث في الدماغ وهذه الميكروبات، وتحديدا بسبب الخلل المصاحب لهذه البكتيريا (تسمى كذلك النبيت الجرثومي المعوي)، إما بسبب ارتفاع مستويات بعض أنواع البكتيريا أو بسبب نقص أنواع أخرى. ووفق ما نقلته مجلة "ساينس"، يتعلق الأمر بدراسة شملت الآلاف في فنلندا، نُشرت نتائجها في الدورية العلمية "Frontiers in Psychiatry" وكذلك في مجلة "Nature Genetics". وصرّح جاك جيلبرت، عالم البيئة الميكروبية في جامعة كاليفورنيا الأمريكية أن هذا الاكتشاف، يمثل "دليلاً قوياً حقًا على أن هذا الارتباط يمكن أن يكون له أهمية إكلينيكية كبيرة". ومنذ أكثر من 40 عاما يحاول الباحثون تحديد أسباب الاكتئاب وبعض الأمراض أو الاضطرابات الدماغية. لكن هذه النتائج تعود لأبحاث بدأت منذ عام 2002 ، عندما قيمت دراسة نتائج التركيب الجيني لـ2000 مشارك، وتم تحديد قوة أو ضعف ميكروبات الأمعاء لديهم وكذلك أنماط حياتهم وعاداتهم الغذائية وأنواع العقاقير التي يتناولون، وتابع الباحثون صحة المشاركين حتى عام 2018. وبينت النتائج أنه يمكن الاستفادة من الميكروبات المعوية والمواد التي تنتج عنها لأجل إنتاج علاجات محتملة لمجموعة متنوعة من اضطرابات الدماغ، ومن ذلك الاكتئاب ، وهو ما تمّ لدى مريضين اثنين في الواقع عبر تقنية نقل البراز. وخلص الباحثون إلى أن المتغيرات الجينية قد تؤثر على وفرة أو قلة بعض الميكروبات، وبالتالي ترتبط بشكل وثيق بـ46 نوعا من الأمراض والاضطرابات الدماغية الشائعة، ومنها مرض الاكتئاب. وحدّد الباحثون نوعين من البكتيريا المسببة للعدوى الخاصة بهذا المرض، ويتعلق الأمر بـ Morganella و Kiebdiella، وذلك عبر زيادة جرعة واحدة منها للمرضى، وتبين أنهم أصيبوا بالاكتئاب أو زادت أعراضه. وحسب مجلة ساينس، فإن شكوكا علمية كبيرة ربطت بين نوع البكتيريا Morganella، المعروف بالعربية باسم "مورغانيلا مورغاني"، ومرض الاكتئاب، وبينت نتائج سابقة كانت قد درست الصلة المحتملة بين الاكتئاب والالتهاب أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب لديهم استجابات مناعية أقوى للمواد الكيميائية التي تنتجها مورغانيلا وبكتيريا أخرى سالبة الغرام في الأمعاء. ويخلص أحد الباحثين إلى أن الدراسة الجديدة تعدّ دليلاً إضافيا على أن "الالتهاب الذي تسببه ميكروبات الأمعاء يمكن أن يؤثر على الحالة المزاجية". لكن الحسم لا يزال يحتاج دراسات أخرى، وذلك للوصول إلى الطريقة المثلى لإعطاء بكتيريا كمكمل غذائي للشخص المريض، وكذلك لخفض مستويات البكتيريا سالبة الغرام من القناة الهضمية لأجل تخفيف أعراض الاكتئاب. ع.ا/ص.ش
مشاركة :