متى تتبدل قواعد اللعبة السياسية في العراق؟

  • 2/13/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬العراقيين‭ ‬أصبح‭ ‬سياسة،‭ ‬ويا‭ ‬ليتها‭ ‬سياسة‭ ‬مجدية‭ ‬تنفع‭ ‬الشعب‭ ‬وتقدم‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يسعفه‭ ‬وينقذه‭ ‬من‭ ‬ظلام‭ ‬التخبط‭ ‬والفشل‭ ‬المكرر،‭ ‬وعندما‭ ‬يتصدي‭ ‬التربوي‭ ‬لمحاولة‭ ‬النهوض‭ ‬بالمعترك‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬به،‭ ‬فغالبا‭ ‬ما‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬جدار‭ ‬صلب‭ ‬اسمه‭ ‬السياسة‭ ‬الضيقة‭ ‬والتوجهات‭ ‬المتجاوزة‭ ‬على‭ ‬الدستور،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تحدث‭ ‬أصحابها‭ ‬بها،‭ ‬فيضطر‭ ‬إلى‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬طموحه‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬مواجهة‭ ‬عقبة‭ ‬السياسة،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والأمني‭ ‬والزراعي‭ ‬والصناعي‭ ‬والتجاري،‭ ‬فالسياسة‭ ‬شكلت‭ ‬عقبة‭ ‬بوجه‭ ‬الكل‭ ‬ضد‭ ‬التطور‭ ‬والنهوض‭.‬ وعندما‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬فكأنه‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬السموم‭ ‬والغبار‭ ‬والبرد‭ ‬والثلوج‭ ‬المؤذية‭ ‬لنفسية‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأما‭ ‬الأصوات‭ ‬فإنها‭ ‬كالصقيع‭ ‬والرعد‭ ‬المرعبة‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬الإنسان‭ ‬المتلقي‭ ‬فاقدا‭ ‬للطمأنينة،‭ ‬يا‭ ‬ليت‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬العراقية‭ ‬تختار‭ ‬طريقا‭ ‬بعيدا‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬الحالية‭ ‬المتبعة‭ ‬بمفهومها‭ ‬الفرعي،‭ ‬والتي‭ ‬تؤسس‭ ‬فقط‭ ‬لمصالح‭ ‬ضيقة،‭ ‬يبرز‭ ‬فيها‭ ‬التنافس‭ ‬اللاشرعي‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬وكأننا‭ ‬أمام‭ ‬منظر‭ ‬تنافس‭ ‬وتدافع‭ ‬مزعج‭ ‬لمجموعة‭ ‬بشرية‭ ‬متصارعة،‭ ‬ينافس‭ ‬أفرادها‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬رغيف‭ ‬خبز،‭ ‬جاءت‭ ‬مقسمة‭ ‬على‭ ‬عددهم‭.‬ فالعقلية‭ ‬العراقية‭ ‬ومن‭ ‬شدة‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ ‬عبر‭ ‬تصريحات‭ ‬سياسية‭ ‬وإعلامية،‭ ‬وعبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬ذهنية‭ ‬قاصرة‭ ‬وصفت‭ ‬بأنها‭ ‬ضحية،‭ ‬لكونها‭ ‬تتقبل‭ ‬الآراء‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬بمفهوم‭ ‬سياسي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أصبحوا‭ ‬مستسلمين‭ ‬سلبيا‭ ‬ضمن‭ ‬قوقعة‭ ‬السياسة‭ ‬الهدامة،‭ ‬التي‭ ‬تجعلهم‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الأمور‭ ‬والحياة‭ ‬العراقية،‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬ضيقة‭ ‬تتجسد‭ ‬ببعد‭ ‬مناطقي،‭ ‬أو‭ ‬جهوي‭ ‬أو‭ ‬مكوناتي،‭ ‬منحرفة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬البعد‭ ‬الوطني‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬يركن‭ ‬للوعي‭ ‬ويمثل‭ ‬مصلحة‭ ‬الجميع‭ ‬بعدالة‭ ‬ومساواة‭.‬ قطعا‭ ‬لا‭ ‬أمل‭ ‬للعراق‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الشلل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬وطأتها‭ ‬الشعب،‭ ‬إلا‭ ‬بالخلاص‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬المنحازة،‭ ‬فهناك‭ ‬فرق‭ ‬شاسع‭ ‬بين‭ ‬المهنية‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬النهوض‭ ‬والتطور‭ ‬والاستقرار‭ ‬لحياة‭ ‬الشعوب‭ ‬وبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬مستقر،‭ ‬وبين‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الشعوب‭ ‬شتات‭ ‬بعناوين‭ ‬وألوان‭ ‬وهويات‭ ‬شتى،‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬النفعية‭ ‬القاصرة‭ ‬وهضم‭ ‬حقوق‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬السياسية،‭ ‬جعلت‭ ‬الأجيال‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬القدوة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ذلك‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يرتدي‭ ‬بدلة‭ ‬جميلة،‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬دراسية‭ ‬لا‭ ‬بالجد‭ ‬والجهد‭ ‬والتعب،‭ ‬بل‭ ‬بالطرق‭ ‬اللاشرعية‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬جهد‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬والبحث‭ ‬والمتابعة،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬البدلة‭ ‬وربطة‭ ‬العنق‭ ‬والسيارة‭ ‬الفارهة،‭ ‬هي‭ ‬الشهادة‭ ‬العليا‭ ‬والامتياز‭ ‬لمن‭ ‬يمتلكها‭.‬ فحديث‭ ‬الباحث‭ ‬والعالم‭ ‬والمهني‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬العلمية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بنظر‭ ‬الشباب‭ ‬حديث‭ ‬قدوة،‭ ‬طالما‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬السيارة‭ ‬الفارهة،‭ ‬ولا‭ ‬طاقم‭ ‬الحماية‭ ‬والبيت‭ ‬الكبير،‭ ‬لذا‭ ‬خسرنا‭ ‬حقيقة‭ ‬القدوة‭ ‬التي‭ ‬تنهض‭ ‬بالأجيال‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وتجعلهم‭ ‬يواكبون‭ ‬الطموح‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬مليئة‭ ‬بالأمل‭ ‬والمسيرة‭ ‬الإبداعية‭.‬ إنها‭ ‬العبثية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لمنهجية‭ ‬علمية‭ ‬صحيحة،‭ ‬فعندما‭ ‬يهمل‭ ‬العراقيون‭ ‬بكل‭ ‬فئاتهم‭ ‬السياسة،‭ ‬ويبتعدون‭ ‬عن‭ ‬صناعها‭ ‬ويستبدلونها‭ ‬بالمهنية،‭ ‬فإنهم‭ ‬عندئذ‭ ‬سوف‭ ‬ينهضون‭ ‬ببلادهم‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬السواد،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتنموية،‭ ‬فالسياسة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬معول‭ ‬هدم،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬فإن‭ ‬النزعة‭ ‬المهنية‭ ‬هي‭ ‬سبيل‭ ‬تطور‭ ‬البلدان‭ ‬ورفاهية‭ ‬شعوبها‭ ‬واستقرارها‭. ‬فهل‭ ‬ستتبدل‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وتخرج‭ ‬من‭ ‬مستنقعها‭ ‬إلى‭ ‬منتج‭ ‬للوعي‭ ‬المجتمعي؟‭!.‬ { كاتب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي Faidel‭.‬albadrani@gmail‭.‬com

مشاركة :