«قلعة صلاح الدين».. معمار القاهرة الشامخ

  • 11/24/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر قلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة والمعروفة باسم قلعة الجبل، من أعظم القلاع الحربية العربية، وأحد أهم المزارات السياحية في مصر، لما تحتويه من قصور ومساجد داخل نطاق القلعة تنتمي إلى عصور مختلفة من الفن الإسلامي. قام بتأسيسها صلاح الدين الأيوبي على إحدى الهضاب العالية على امتداد الجهة الشرقية من القاهرة سنة 572ه / 1176م، و تأتي على رأس المنشآت العسكرية التي أقامها الأيوبيون لدفع الخطر الصليبي، وكذلك حماية لهم من خطر نور الدين زنكي. اختار لها صلاح الدين مكاناً مرتفعاً على إحدى الربى المنفصلة عن جبل المقطم، وأراد بها تأمين مدن مصر الممثلة في العسكر والقطائع والفسطاط والقاهرة وجمعها بسور واحد مزود بالتحصينات والأبراج والبوابات المنيعة، فأصبحت القلعة جزءا من السور، ولكن صلاح الدين توفي قبل إتمام القلعة، فأكمل بناءها أخوه الملك العادل سنة 604ه/ 1207م. وقد بنيت القلعة من أحجار مقتطعة من جبل المقطم، وبعض الأحجار التي تم حملها من بعض أهرام الجيزة الصغيرة، و قام صلاح الدين بحفر خندق حول القسم الشرقي من القلعة ليضاعف من ارتفاع الجدران، وبذلك فصل بين القلعة وجبل المقطم بهوة كبيرة تمنع أي عدو يسيطر على المقطم الاستفادة من ذلك الموقع. وللقلعة أبواب عديدة منها باب المدرج، وهو المواجه للقاهرة، وكان يجلس بداخله والي القاهرة، وهو الباب الرئيسي للقلعة، وفي أعلاه توجد كتابة باسم صلاح الدين ووزيره بهاء الدين قراقوش، وباب العزب، وباب الجبل، والباب الجديد الذي أنشأه محمد علي. تحتوي القلعة على العديد من الأبنية التراثية، والمنشآت كالمساجد والقصور والإسطبلات والإيوانات وغيرها مما يجعلها مدينة قائمة بذاتها. ومن أهمها مسجد الناصر محمد بن قلاوون، الذي تبلغ مساحته أكثر من ثلاثة آلاف متر مربع، ويتسع لخمسة آلاف مصل، وأرضيته من الرخام، وسقفه مزين بالنقوش المذهبة، وله مئذنتان ومقصورة تحيط بالأروقة، وأربعة إيوانات تحيط بالصحن المكشوف، أكبرها إيوان القبلة، وفي المسجد قبة كبيرة حملت على أعمدة ضخمة من الغرانيت الأحمر، ويحتوي المسجد على العديد من شغل النقش على الخشب الذي تميز به العصر الأيوبي، وكذلك الرخام الملون المدقوق بزخارف دقيقة. ومن أهم أقسام القلعة بئر يوسف الحلزوني التي تقع خلف جامع الناصر محمد بن قلاوون، وهذه البئر عمقها 90 متراً، أمر بحفرها الوزير بهاء الدين قراقوش، وتتكون من طابقين العلوي عمقه 50 متراً، والسفلي عمقه 40 متراً، وتبلغ مساحة مقطع البئر السفلية 2.3 متر مربع، في حين تبلغ مساحة مقطع البئر العلوية خمسة أمتار مربعة، وذلك للحاجة إلى تأمين ممر إلى البئر السفلية، يسمح بنزول الثيران اللازمة لإدارة الساقية المثبتة على البئر السفلية، وذلك لجلب الماء من عمقها إلى مستوى البئر العلوية، ويقوم زوج آخر من الثيران بإدارة ساقية ثانية مثبتة على البئر العلوية، لرفع الماء من منسوب الساقية الأولى إلى سطح الأرض. ولعل أكثر الشواهد إثارة للدهشة في تصميم وتنفيذ البئر العلوية، هو رقة الجدار الحجري الفاصل بين مهوى البئر، وممر الثيران المنحدر إلى أسفل، و وصلت سماكته في بعض الأماكن إلى عشرين سنتيمتراً. كما يعد مسجد محمد علي من أكثر مساجد القلعة شهرة لما ينفرد به من مميزات معمارية وفنية نادرة، أولاها مئذنتاه الشاهقتان، ويبلغ ارتفاعهما حوالي 84 متراً و80 متراً أخرى فوق ارتفاع القلعة المشيد عليها الجامع، كما يكتسي المسجد برخام المرمر، ولذلك أطلق عليه جامع المرمر.

مشاركة :