يثير ما كشفه الجهاز المركزي عن امتلاكه وثائق تثبت انتماء الآلاف من فئة البدون إلى دول مجاورة جدلا واسعا على الساحة الكويتية، وسط تشكيك من المناصرين للقضية في المعطيات التي قدمها الجهاز. ويُنظر إلى الجهاز المركزي الذي تشكّل في العام 2010 لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية على أنه جهاز يستهدف طمس قضية البدون المفتوحة منذ نحو ستة عقود دون أن تجد طريقها إلى الحل. وأعلن الجهاز المركزي الأسبوع الماضي أن لديه وثائق تؤكد هوية الآلاف من البدون ومعظمهم من العراقيين. وأوضح الجهاز أنه تم تعديل أوضاع 18217 شخصاً من هذه الفئة منذ العام 2011 حتى نهاية ديسمبر العام 2021. 9127 شخصا أنهوا إجراءات تعديل أوضاعهم، ويقوم الجهاز حاليا بمتابعة 9090 حالة وقال مدير إدارة تعديل الأوضاع في الجهاز العميد محمد الوهيب إن 9127 شخصا أنهوا إجراءات تعديل أوضاعهم في جميع أجهزة الدولة، ويقوم الجهاز حاليا بمتابعة 9090 حالة ممّن حددت إدارات الجهاز جنسياتهم الأصلية. وأوضح أن التحديد يستند إلى “وثائق مؤكدة وقرائن صحيحة، منها جواز سفر وشهادة ميلاد وحفيظة نفوس وبطاقة هوية وبرنت رقابة وسجل الجوازات وكشف الجالية ودفتر تجنيد وإحصاءات البلد الأصلي ووثائق حكومية قديمة (مذكورة فيها الجنسية وإشعار مغادرة)”، مشيراً إلى أن الجهاز قام بإبلاغ المعنيين بها وتجري متابعة إجراءات تعديل أوضاعهم. وأضاف الوهيب أنه تم تعديل أوضاع 8068 شخصا إلى الجنسية العراقية، منهم 1112 أتموا إجراءات التعديل وجارٍ تعديل أوضاع 6956 آخرين، فيما تم تعديل أوضاع 6583 شخصاً إلى الجنسية السعودية منهم 5887 أتموا إجراءات التعديل وتجري متابعة 696 آخرين. كما تم تعديل أوضاع 1133 إلى الجنسية السورية، من بينهم 854 أتموا الإجراءات وجارٍ تعديل أوضاع 279 آخرين، وتم أيضاً تعديل أوضاع 309 أشخاص إلى الجنسية الإيرانية، منهم 106 أشخاص أتموا التعديل وجارٍ تعديل أوضاع 203 آخرين، في حين تم تعديل أوضاع 115 إلى الجنسية الأردنية، منهم 50 أتموا ذلك وجارٍ بحث أوضاع 65 آخرين. ودعا الوهيب كل من يرغب في تسوية وضعه إلى مراجعة مقر الجهاز المركزي في منطقة العارضية لتسوية إقامته وتوفيق وضعه بحسب قوانين الإقامة السارية في الكويت. ويرى نشطاء أن حديث الجهاز عن تسوية أوضاع 18217 شخصا، وأنه يجري متابعة 9090 حالة، ينطوي على شكوك كثيرة، مشيرين إلى أنه حتى وإن كان ما صرح به الجهاز صحيحا فإن السؤال المطروح وبقوة ماذا بشأن باقي أفراد البدون؟ وتشير البيانات الرسمية إلى أن 85 ألفا على الأقل من البدون يعيشون في الكويت، لكن النشطاء يقولون إن العدد قد يصل إلى 200 ألف. ويزعم الجهاز أن جميع البدون تقريبا هم “مقيمون غير قانونيين” دخلوا الكويت بشكل غير قانوني، ويدّعون أن أصلهم كويتي، بينما يخفون جنسياتهم “الحقيقية”. ويحذر نشطاء من أن ما صرح به الجهاز مؤخرا مؤشر عن توجه السلطة الكويتية إلى تسريع خطوات إنهاء هذا الملف الذي شكل لها إحراجا كبيرا أمام الرأي العام الداخلي والخارجي من خلال الضغط على أفراد فئة البدون للموافقة على “ادعاءات” الجهاز المركزي. ونظم مجموعة من البدون ومناصرين لهم الجمعة وقفة احتجاجية في ساحة الإرادة تنديدا بالجهاز المركزي، وقال أحد النشطاء “من المعيب أن تكتفي الحكومة والنواب بافتراءات الجهاز المركزي دون سماع الطرف الآخر”. الجهاز المركزي الذي تشكّل في العام 2010 لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية يُنظر على أنه جهاز يستهدف طمس قضية البدون المفتوحة منذ نحو ستة عقود دون أن تجد طريقها إلى الحل وقال ناشط آخر “لو صدقنا جدلا بأن الجهاز لديه وثائق صحيحة على بعض البدون، السؤال ماذا قدم الجهاز لمن لا توجد وثائق دالة على أصولهم؟”. ودعا رئيس جمعية الحرية أنور دشتي إلى محاسبة الجهاز، مشيرا إلى أنه ليس لديه أي وثائق تثبت أن هؤلاء البدون مزوّرون. ولطالما أثار الجهاز المركزي انتقادات واسعة في السنوات الأخيرة، وقد طالب عدد من المنظمات الحقوقية بينها منظمة العفو الدولية بضرورة وضع حد له. واعتبرت هذه المنظمات أن هذا الجهاز يحول دون حل إنساني يضمن لهذه الفئة الحد الأدنى من الحقوق الأساسية. ورفض الجهاز باستمرار إصدار أي وثائق هوية ضرورية لكل معاملة تجارية وإدارية، ما يضطر البدون إلى القول بأنهم وعائلاتهم ليسوا من الكويت. وكثيراً ما يطلب من البدون الذين يدخلون مكاتب الجهاز التوقيعَ على وثائق تنص على أن الموقعين أو أفراد عائلاتهم من خارج الكويت، أو حتى يطلب منهم التوقيع على وثائق لا يسمح لهم بالاطلاع عليها. وتعود قضية البدون إلى نشأة الدولة الحديثة في الكويت في الستينات من القرن الماضي، حيث لم يتقدم الكثيرون من “أهل البادية” بطلب للحصول على الجنسية، إما لأنهم كانوا أميين وإما لا يستطيعون تقديم وثائق، وإما لم يعرفوا مدى أهمية المواطنة. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :