يُقدم كتاب «أول الرؤى سلمان» الذي صدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، جُهدًا مُخلصًا للقراءة في شخصية ومسيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي عايش المسؤولية مُنذ طفولته المُبكرة. ويأتي نشر هذه الحلقات عن فصول الكتاب «أول الرؤى سلمان»، في إطار الحرص على إثراء الذاكرة الوطنية، وإتاحة الفرصة أمام الأجيال القادمة لقراءة النهج الوطني لرجالات البحرين، واستخلاص العبر والدروس من تجاربهم، وإبراز دور القيادة في صياغة مبادئ وقيم العمل الوطني والتنموي في المملكة. يتحدث الفصل الرابع من الكتاب عن روافد شخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، باعتبار أن أول منبع في حياة سموه تلك التربية، لإعداد شخصية قيادية تحمل مسؤولية النهوض بحماية الإرث، وتلبية رغبات أبناء البحرين، والإسهام في رفع عزة الخليج العربي، وكل أرجاء الوطن العربي. ويمضي الفصل للإشارة إلى أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى طوّق (بِكْرَهُ) وقرّة عينه بأطواق المسؤولية التاريخية مُنذُ أول صباه، لذلك لم يكن مصادفةً في حياة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أن أول هديةٍ في حياته كانت من الملك الأب، (خير جليس ومنبع الحكمة)، فقد كانت رسالة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى لوليّ عهد البحرين ولآل خليفة أولًا، ولأهل البحرين ثانيًا.. ولمن يريد التعلم من جلالة الملك والتقاط إشارات حكمته دائمًا: أن أول ما سأُسلّح به قرّة عيني، هديتي له كتابي (الضوء الأول)، قصة السياج والسيوف والرماح، التي تصون الأوطان وتعمل على ازدهارها. ويبين الفصل أنه ومُنذُ تلك اللحظة، أقبل صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على شرف التكليف، مُمتثلاً برًّا وإخلاصًا، راغبًا مُلبّيًا بالقلب.. وهكذا حمل سموه، كتابه بقلبه (الضوء الأول)، وطاف الدنيا يجمع كل ضوءٍ معرفي في الكون كله. فمضى سموه مثل طلوع الصبح، لبيوت المعرفة العالمية واشنطن وكامبردج، يُنقب في معاني التاريخ ليستلهم ضوء المُستقبل، وهكذا جمع كُل ما كان يشبه قدره، ليكون عون الرّبان، والساعد الصلب لجلالة الملك القائد، وصورةً لوعي البحرين، الطيب، والصلب، والمرن، والواعي، والمُستقبلي. فلقد جمع صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله بين العلم والسلاح الواعي، الذي يبني ويصنع الأمن، ويصون الأمل والأمان، وما بين الرؤية الاقتصادية وتحويل التحديات إلى فرص.. انغمس سموه في تنفيذ.. (أمر الملك). وكانت البحرين تُعانق السماء، ونجماتها الليلية تتدلّى، تُغني لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على جهوده في نهضة مملكة البحرين، التي بدت شمسًا في وضح النهار. كانت اجتماعات سموه التوجيهية، كُل خميس، لأعضاء من مجلس الوزراء والمديرين العامين، والتُجار وأهل العلم، في اللجنة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية، تمتد لساعات، بُغية إقرار السياسات والخطط المُستقبلية، لتتحول إلى ندوة حوارٍ وطني. ويتطرق الفصل إلى معنى الأسرة الواحدة، الذي كرّسه ونادى به، وألحّ عليه حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، فقد أشاع مفهومًا سياسيًا، ربما يخصّ مملكة البحرين دون سواها، هو مفهوم (المدرسة الأسرية الخليفية)، التي كان من أول المؤمنين بها والعاملين على تحصينها هو صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، على خُطى والده حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى. فالبناء الأسري، كما جاء في الفصل، ليس جديدًا على فلسفة الحُكم الخليفي، فمُنذُ أن نشأت (الزّبارة) كقلعة حكمٍ لآل خليفة عام 1762م، رسّخ آل خليفة الكرام روح الأمان والاستقرار والتبادل التجاري الحُر، وحُرية التنقل والملاحة والإقامة، على أساسٍ أسري. والبحرين، مُنذُ أن تشرفت بالحُكم الخليفي على يدي أحمد الفاتح، وهي تُمهدُ لصعودٍ هدفه إدراك الوحدة الوطنية، فقد أنشأ آل خليفة عبر مئات السنين فكر الحُرية والتسامي، والتسامح والمواطنة واحترام المُعتقدات، وتفاوت المفاهيم الاقتصادية، فغدت مملكة البحرين على ما هي عليه من هذا التنوع الفذ، وامتلاكها لهذه الطاقة الخلاقة التي تهب الأمان والرضا، من أول لحظةٍ يُلامسُ فيها المواطن أو المُقيم أرض مملكة البحرين. وجاء في الفصل أن الرؤى الملكية السامية لترسيخ قيم التسامح، انبثقت عنها متابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لتعزيز هذه القيم، لتصير جزءًا من أرض البحرين، ومجالس البحرين ومدارس البحرين، ومؤسسات البحرين، وأن هذا التصوّر الخليفي هو ما صنع من البحرين مملكةً للحُب والمواطنةِ الصالحة. ويُحلّل الفصل أسباب تميز النموذج البحريني وتفرّدهِ في التسامح، وعلى رأسها أن الحُكم الخليفي عمل وكافح لصناعة مُجتمعٍ يشبه حُكامه آل خليفة كلهم، وعلى رأسهم حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في التسامح وبث روح الاحترام للجميع والمُساواة. لقد تفرّدت مملكة البحرين بميزة التسامح، التي رعاها وقررها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، لتضمن فيها مؤسسات الدولة وإطاراتها حُرية العبادة، ومُمارسة الشعائر الدينية لكُل الأديان، وتعاقبت أجيالٌ من أبناء البحرين تربوا على احترام التنوع. ولم يكن مُستغربًا أن صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء قد صنع منهجًا للديمقراطية المُجتمعية، وأرسى نموذجًا للمودة والتراحم.
مشاركة :