ينشد الليبيون مع حلول الذكرى السنوية الحادية عشرة لثورة 17 فبراير التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، الأمل بانتهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات "سريعا"، بعدما ظلت البلاد لأكثر من عقد في ظل الفوضى والنزاع المسلح وغياب لملامح الدولة المستقرة. محمد المقطوف، شاب ليبي من مدينة الزاوية (40 كلم) غرب طرابلس، شارك في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالقذافي، وعقب كل هذه الأعوام من حالة التخبط والفوضى، بات يراهن على أن الانتخابات هى الطريق الوحيد لإنهاء المراحل الانتقالية . وأوضح المقطوف في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الخميس)، "لقد سرقت الثورة من الشباب الليبي، وصارت السلطة باب مفتوح على مصرعيه للنزاع بين الطبقة السياسية التي فرضت نفسها بسياسة الأمر الواقع، وتحكمنا ولا تريد الخروج من المشهد، دون أن تكون جزءا من أي سلطة مقبلة". وأضاف "عمري 31 عاما الآن، وعندما خرجت مع أخوتي في الميادين والدعوة بإسقاط النظام آنذاك، كان الهدف هو التغيير نحو الأفضل والذهاب للدولة المدنية وترسيخ التداول السلمي للسلطة (...)، الأمور كل عام تزداد سوءا، ونظل نحن الليبيون ضحية صراع الساسة المتشبثين بالسلطة". محمد المقطوف تخرج من الجامعة قبل خمسة أعوام، ونال شهادة في "طب الأسنان"، لكنه يجد نفسه دون عمل، مع الوضع الاقتصادي السيئ في البلاد الغنية بالنفط، لكن مزقتها النزاعات المتكررة. وقال محمد "اليوم مثلي وكثير من الشباب دون وظائف وفرص عمل، وطالما الصراع مستمر على السلطة، لن يكون هناك استقرار حقيقي ودائم، يجعل ليبيا الغنية تحظى بتقدم اقتصادي وتنموي، وبالتالي يزداد الشعب فقراً، ويظل الشباب وقود للحروب التي يقودها المتنفذين في الدولة العميقة". وختم قائلا "لا نريد سوى شيء واحد، نريد انتخابات عامة (برلمانية ورئاسية) تجعل البلاد موحدة وقوية، وتجعلنا نفخر يوماً بأننا كنا صناع التغيير، ولا تدفعنا نحو الندم على ما آلت إليه ليبيا الجريحة". وخرج الليبيون في مثل هذا اليوم قبل 11 عاماً في انتفاضة شعبية بدأت شراراتها في بنغازي (شرق) البلاد، لتعم سريعاً كافة المدن، للمطالبة بإسقاط نظام العقيد القذافي، والذي سقط بعدما تحولت الانتفاضة السلمية إلى "مسلحة"، دعمتها قوى غربية على رأسها فرنسا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويسقط نظام القذافي في أكتوبر 2011. وجددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، دعوتها للحفاظ على الاستقرار والهدوء في البلاد، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لثورة 17 فبراير. وكررت البعثة الأممية في بيان صحفي، "التزامها الراسخ بمواصلة جهودها لدعم جميع الليبيين، والانخراط في عملية سياسية شاملة وتوافقية، تؤدي إلى انتخابات وطنية حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن". -سلطة موحدة- وتشاطر نزهة العبدلي، وهي مهندسة معمارية من مدينة بنغازي (شرق) ليبيا، رأي محمد بخصوص تذمر الشعب الليبي من المراحل الانتقالية في البلاد، والتي لا تقدم أي فرصة حقيقة لوحدة السلطة السياسية. وأكدت نزهة والتي تعمل في شركة خاصة للديكور، "كل السياسيين لا يريدون الانتخابات، لأنها ستقصيهم وتزيحهم عن السلطة، لذلك يخرجون علينا بمقترحات غير منطقية، هدفها استمرارها أطول فترة ممكن في الحكم". وأردفت بعدما كنا نقترب من التصويت وانتخاب سلطة جديدة، قاموا بنسف الحلم وتخريب فرصة تاريخية، ربما لن تتكرر لليبيين في تقرير مصريهم بأيديهم. في إشارة لإرجاء الانتخابات العامة في 24 ديسمبر الماضي. واعتمد مجلس النواب الأسابيع الماضية، خارطة طريق جديدة في البلاد، تقوم على إجراء الانتخابات في موعد أقصاه 14 شهرا، وإجراء تعديل على مشروع الدستور وعرضه على الاستفتاء الشعبي، إلى جانب إعادة هيكلة المفوضية الوطنية للانتخابات، واختيار حكومة جديدة، والعمل على تذليل كافة العقبات الأمنية والقضائية أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبموجب خارطة الطريق، اختار البرلمان، فتحي باشاغا، رئيساً جديداً للحكومة، لقيادة المرحلة السياسية المنبثقة عن خارطة الطريق وصولاً إلى الانتخابات العامة. واعتبر رئيس البرلمان الليبي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة "منتهية الولاية"، ودعا إلى إعادة تشكيل الحكومة. لكن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي جاء وفق حوار سياسي قبل عام، رفض تعيين رئيس جديد يحل محله، وأكد بأن حكومته "مستمرة إلى حين التسليم إلى سلطة منتخبة" عن طريق الانتخابات. وعانت ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011، قبل توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في أكتوبر من العام 2020، وتولى سلطة تنفيذية موحدة إدارة أمور البلاد في فبراير الماضي. خيري المدهوني، أكد أنه مع أبنائه سوف يخرجون للاحتفال ليس من أجل إحياء ذكرى الثورة فقط، لكن من أجل المطالبة برحيل كل الأجسام السياسية عن المشهد، وعدم حرماننا من انتخاب من نراه صالحا لإصلاح ما أفسدوه طوال هذه السنوات. وأشار المدهوني، إلى أن الليبيين عندما سجل نحو ثلاثة ملايين منهم في سجل الانتخابات، أظهروا دليلا واضحا عن رغبتهم في التغيير، وأنهم لن يسمحوا بسرقة أهم أهداف الثورة، وهو "التداول السلمي للسلطة" و"الاحتكام لصندوق الانتخابات" لحل الخلافات فيما بينهم. وكان أكثر من 2.8 مليون ليبي سجلوا اسمائهم لدى مفوضية الانتخابات، وكانوا على استعداد للإدلاء بأصواتهم نهاية العام الماضي، لانتخاب أول رئيس من الشعب مباشرة في تاريخ البلاد.■
مشاركة :