بغداد/سدني/ لندن - صدر مطلع هذا العام 2022 عن نادي الأدب الحديث في الكوفة كتاب الأستاذ صباح راهي الموسوم: "من جسر الكوفة إلى أصقاعِ العالمِ، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ". ويقع الكتاب في 377 صفحة وصمم غلافه الفنان رضا طلال فيما اهتم بالتصميم الداخلي الفنان أحمد الحداد. وضم الكتاب: اهداءً، ومقدمةً، ومحطات الحياة والتجربة الشعرية للشاعر تخللتها حوارات معه، وقصائد مختارة منها "مطرٌ بلندن"، و"نرد النص"، وفصلاً عن سالم يووي في قصيدة "نشيد أوروك"، وبطاقات الشاعر: الإصدارات، الترجمات، الدراسات، توظيف الأعمال الشعرية في آداب أخرى وفنون، ثم حديث الألبوم الذي احتوى على صور ووثائق عديدة ترسم ملامح تجربته، وبعضها يُنشر لأول مرة. جاء في الغلاف الأخير من مقدمة المؤلف: بعد كتابي "الحنين لأول منزل" وجدتُ لزاماً عليَّ أن أتوقفَ عند جسر الكوفة، ومن ثمَّ أتوقفَ عند الشاعر الذي كتبَ أغنياته فوق ذلك الجسر، فعُرفَ أحدُهما بالآخر. فالقاصدون الكوفةَ لا بدَّ أنْ يتذكّروا شاعرها القديم: المتنبي، والعابرون جسر الكوفة لا بدَّ أن يتذكّروا شاعرها المعاصر: عدنان الصائغ. نصفُ قرن مرَّ من صورته أمامي طالباً خجولاً واقفاً أمامَ السبّورة، إلى صورته الآن شاعراً جريئاً واثقاً خلفَ منصّةِ قصيدته المبهرة التي أوصلته ووصلَ بها إلى عواصم العالم. عاش الحبَّ والحربَ، الوطنَ والمنفى، الحصارَ والحريةَ، الشعرَ والجمرَ، لينتج لنا كلّ هذا الفيضَ الإنساني الإبداعي الموّار الذي ظلَّ عصيّاً على مقصّات كلّ السلطات: السياسية والدينية والاجتماعية، وغيرها. والمؤلف الأستاذ صباح راهي ولد في الكوفة 1945، ويقيم الآن في سدني باستراليا، وهو مدرس مادة الفيزياء في ثانويات ومتوسطات الكوفة وبغداد (1966-1999). وعُرف الكاتب صحفي ومحرر صفحة دراسات (2012-2014) في صحيفة البانوراما (سدني)، بأفكاره الوطنية وكتاباته التنويرية. هذا وقد أقيمت في مقهى "گهوة وكتاب" في بغداد/ كرادة داخل، حفل إطلاق الكتاب في جلسة حاشدة حضرها عدد من الأدباء والشخصيات والجمهور قدمها شقيق المؤلف وهو الشاعر كريم راهي، مستعرضاً فصولاً من الكتاب وذكرياته مع الشاعر (صديقه) والمؤلف (أخيه). وقد كتبت الأستاذة سعدية العبود، تغطية لهذه الاحتفالية: في احتفالية توقيع كتاب "من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم": "يا جسرَ الكوفةِ.. لو تدري.. يا جسرَ الأشواقْ كمْ أشتاقْ قسماً لو أبصرها سأعانقُ.. كلَّ عمودٍ وأبوسُ.. نخيلَ الكوفةِ جذعاً... جذعاً وأذوبُ عناقْ من أقصى شمال الكرة الأرضية ومن القطب الشمالي حيث يقيم شاعرنا عدنان الصائغ إلى قطب الكرة الجنوبية حيث يعيش الكاتب صباح راهي جمعهم حب الوطن والكوفة بالذات، الأول كان طالباً والآخر مدرساً لمادة الفيزياء لكنه تابع نبوغ طالبه وشهد محاولات الكتابة. الأول لا يخلو ديوان له من ذكر الكوفة وشخوصها، والثاني كتب "الحنين لأول منزل" في اصداره الأول. جمعهم حبهم إلى تلك المدينة الغافية على شط الفرات ذلك الشاطئ الذي تميز بأشجار اليوكالبتوس والتي بحفيفها تعزف لحن تاريخ مدينة قيل عنها أنها جمجمة التاريخ ومسجدها الذي يعد أقدم مسجد في تاريخ الأرض ونهرها الذي وحده حب أهلها ليصبح منسابا بين بساتين نخيلها ، ذلك الشاطئ الذي ينقل لساكنيه جوا عذبا خليط من الصحراء والماء حيث سبب التسمية. يقال إن سعد بن أبي وقاص كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب بعدما انتصر في معركة القادسية عن المدينة التي يتخذها سكنا لجنده، قال له ما يصلح لابل العرب يصلح للعرب فكانت الكوفة والتي كنيت بخد العذراء وقيل دلق البر لسانه فكانت الكوفة، وبعضهم يوعز التسمية إلى كوفان الجند او خليط الرمل بالحصى، تلك هي الكوفة التي عشقها الشاعر والكاتب. وكتب الاستاذ صباح راهي في اصداره الثاني "من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ" حيث ينتقي بعض نصوصه ما يوثق تاريخ وأحداث وحب المدينة كما وصفه الشاعر ويضيف الآخر هوامش لما يذكر من مسميات اختزنتها ذاكرته الحيّة عن المدينة، هذا التزاوج بالكتابة أنجب الكتاب المذكور، فقد قال عن الشباب الذين غيبوا: "لي بظلِّ النحيلِ بلادٌ مسورةٌ بالبنادقِ كيف الوصولُ إليها وقد بعد الدروبُ مابيننا والعتابْ وكيف أرى الصحبَ مَنْ غُيّبوا في الزنازين أو كرّشوا في الموازين أو سُلّموا للترابْ إنها محنةٌ – بعد عشرين أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ السماواتِ غيرَ السماواتِ والناسَ مسكونةً بالغيابْ" وقال عن شباب الانتفاضة الذين سُحقوا: "هؤلاء الذين تساقطوا أكداساً أمامَ دباباتِ الحرسِ هؤلاء الذين حلموا كثيراً بالأرض قبل أن يحلّقوا بأجنحتهم البيضاء هؤلاء الذين نما على شواهدِ قبورهم صبّير النسيان هؤلاء الذين تآكلت أخبارُهم شيئا فشيئاً في زحمة المدينة إنهم يتطلعون بعيونٍ مشدوهةٍ إلى قدرتنا على نسيانهم بهذهِ السرعة" وقد عزز هذا الحب حب أهل المدينة لمدينتهم ولكل من كتب عنها فقد شهدت مقهى قهوة وكتاب أمسية احتفالية توقيع الكتاب وبحضور مثقفي وأدباء وشيوخ الكوفة وقد قدم عرضاً موجزاً عنهما القاسم المشترك بينهم صديق الشاعر وربيبه في المنفى وشقيق الكاتب وصديقه الشاعر كريم راهي، وكانت أمسية رائعة تحكي حب المدينة.
مشاركة :