يثير المرشح المحتمل عن الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، جدلاً واسعاً، بتصريحاته النارية التي غدت مادة دسمة للإعلام، بما تحمله من تناقضات وآراء مثيرة. أحدث ما خرجت به مخيلة ترامب، أن مرتديات الحجاب المسلمات يفضلن ذلك، لأنه يقلل من ضرورة استخدام مستحضرات التجميل. وقال الملياردير الأميركي، الذي اقتحم مجال السياسة مؤخراً، إنه شخصياً لا يفضل استخدام الحجاب أو النقاب. سخرية ترامب من المسلمات، ليس الهجوم الأول، فقبلها أعلن عن استعداده لإغلاق المساجد في الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش، وقبلها هاجم السعودية، وبلدان الخليج العربي، ورأى أن العالم كان يمكن أن يكون أفضل لو حافظ الرئيس العراقي صدام حسين، والعقيد معمر القذافي، على السلطة في بلديهما. تصريحات ترامب طالت أيضاً حلفاء وجيران أميركا، وحتى مواطنيها المنحدرين من أصول مكسيكية ولاتينية، في خطاب لا يخلو من نبرة عنصرية واضحة، ونكوص عن أسس السياسة الخارجية الأميركية المتبعة. فالحل الجذري لتهريب المخدرات من المكسيك، حسب ترامب، هو بناء جدار كبير ضخم بين البلدين، ولهذا، استحضر تجربة الصين منذ آلاف السنين (جدار الصين)، ودعا إلى أن تتحمل المكسيك كلفة الجدار، لأن الميزان التجاري بين البلدين مختل لصالحها، وقبلها، انتقد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لتبني سياسة الأبواب المفتوحة للمهاجرين الناجين من الحرب، ودعا إلى سحب القواعد الأميركية من أوروبا وكوريا الجنوبية، لأنها تكلف أميركا مبالغ طائلة. ورغم أن ترامب يدلو بدلوه في جميع القضايا، إلا أنه أعلن أنه ليس في وارد عرض برنامج انتخابي، ويبدو أن المرشح المهرج، كما يحلو لكثير من وسائل الإعلام الأميركية تسميته، بات واثقاً من أن خطابه الشعبوي، وآراءه الغريبة للرد على التحديات السياسية الداخلية والخارجية والاقتصادية، تروق معظم الأميركيين. كما أن نظرته وحساباته الاقتصادية تعجب فريقاً من الأميركيين، رغم آرائه الغريبة عن الضرائب، وحقوق المرأة، والأقليات العرقية والدينية في الولايات المتحدة. وليس معروفاً إن كان ترامب والمسؤولون عن حملته الانتخابية قد وجدوا ضالتهم لجذب الناخبين، في ابتكار أسلوب جديد يخرج عن المألوف في طريقة التعامل مع العالم، أم أن التخبط ولد شعوراً بأن نهج ترامب يختلف عن طريقة الليبراليين المرتكزة على القوة الناعمة للتأثير في العالم، ونشر القيم الأميركية، وأسلوب القوة الخشنة الذي يتبناه المحافظون.
مشاركة :