دعا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الكُتاب والمفكرين إلى الإبحار بالفكر بعيداً عن التغرب والسفاهة، وإلى احترام العقول مهما بلغت من تشوش في الفهم حتى يتمكن المفكر من إيصال فكرته ويستطيع الكاتب توصيل رسالته إليها، وقال سموه: إذا جاعت البطون أكلت الجيف، كذلك العقول إذا جاعت أكلت سقط الأفكار. جاء ذلك في كلمة لسموه ألقاها خلال حضوره صباح أمس انطلاق ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي في دورته السادسة بقاعة قصر الثقافة الكبرى، والذي يقام بتنظيم من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وتستمر فعالياته إلى الغد. وأكد سموه أن بضاعة الأدباء والمفكرين تفوق أي نوع آخر من بضائع الدنيا التي تكال بالمكاييل وتوزن بالموازين وتقدر بالأثمان، فبضاعة المفكرين مصدرها بوح الروح، تلك الروح التي تستطيع أن تبدع مادة توضع على الورق، وتحول إلى نصح وإرشاد وقصة ورواية وأصناف منها ما يتحول لشعر ومسرح، ولأنها من الروح فمنبعها قيم. وأشار سموه إلى ضرورة التمسك بالعقيدة الإسلامية الحقة، التي قامت عليها دساتير كثير من الدُّول العظمى ومبادئ كثير من المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية في مختلف بقاع الأرض الإسلامية وغير الإسلامية، حتى وجدناها تحقق من خلال تمسكها بمبادئ هذا الدين النجاح تلو النجاح. واختتم سموه كلمته مشدداً على السير ضمن نهج واحد، وأن نحلق سوياً لتحقيق أحلامنا النيرة ونحن مدعومين بأهم جناحين جناح الإسلام وجناح العروبة، حتى ننقذ أنفسنا ومن حولنا من براثن الأفكار الظلامية الهدامة، ونستشرق مستقبل أمتنا وأبناءها ونجعلهم مزودين بالفكر السليم البعيد عن كل ما يقودهم لشر المصير، وببضاعة الأدباء والمفكرين السليمة الرصينة التي يجب على كل واحد منهم نشرها سنحقق ذلك بإذن الله تعالى. تظاهرة ثقافية وجمعت التظاهرة الثقافية أهل الشعر والنثر والإعلام والفن في مكان واحد، لتزرع في أرض الحصاد بذوراً جديدة، تؤسس لإبداعات أكبر، وتحدث في الملتقى حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الذي رحب بالجمع في رحاب اليوم الوطني ويوم الشهيد، مؤكداً أن دولة الإمارات أنموذج التنمية والتسامح والانفتاح والعدل والأمن والاستقرار، ومشيداً بالشارقة المدينة والإمارة والفكرة والمشروع والمكان الثقافي الذي وصل إلى حلول مبتكرة لمعادلة الهوية والحداثة وصولاً إلى إبداع شامل ومتوازن ومستدام يتسق تماماً مع توجهات حاكم مثقف، تمثل الثقافة لديه الهاجس الشخصي والمؤسسي والانشغال الجاد والاشتغال المثابر. ضرورة وذكر الصايغ أن الإصرار على ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي في دورته السادسة هدفه تجميع أهل الميدان الثقافي في مكان واحد، فاللقاء ضروري ومهم، واللقاءات المناطقية من هذا النوع تكمل اللقاءات القومية، وتتكامل معها، خصوصاً حين يكون البعد العربي حاضراً، وهو المتجسد هذه المرة بحضور مصر العروبة التي تحل على الملتقى كضيف شرف. وأضاف الصايغ: كنا في دول التعاون أمام امتحان عسير استطعنا بتغليب روح الانتماء والتلاحم تجاوزه، ومهما حاول دعاة الفتنة والتطرف والظلام فإن الأزمة طارئة، وكان على المثقفين أداء دور أكبر، ودورهم المنتظر كبير في معالجة الشرخ الحاصل، والعمل ثقافياً على تجاوز كل أمر طارئ، والتركيز على القضايا الكبرى، وعلى رأسها قضايا الإبداع والحرية ومواجهة الإرهاب والإسهام في انتخاب مسقبل انتخبه قبلنا شهداؤنا وشبابنا الأحرار بدمائهم. لا ننسى ووجه الصايغ رسالته إلى صاحب السمو حاكم الشارقة فقال:لا ننسى أبداً وقوفكم الدائم مع حركتنا الثقافية واتحاد الكتاب، وقد أمرتم يا صاحب السمو بتواجدنا الدائم، كإصدارات ونشاط مصاحب، مع هيئة الشارقة للكتاب في كل معارض الكتب في الدنيا وكان مقر اتحاد الكتاب في الشارقة في صميم حصبائها، بين زرقة سمائها وخضرة أسمائها، وبين وفير أندائها وحرير قصبائها، فأبيتم برغبة منكم ومن دون طلب منا إلا التوجيه بإنشاء مبنى دائم للاتحاد في مدينة الشارقة للكتاب، فشكراً لسموكم، ونمتلك ما هو أبعد من الشكر: الوعد بتمثل قيم الهوية والحداثة، نحو بذل الجهد الأقصى في خدمة ثقافتنا الوطنية والقومية. ارتقاء بعدها ألقت أسماء علي الزرعوني أمين عام الملتقى كلمة قالت فيها إن السنوات الخمس السابقة عبرت كطيف حلم تجسدت فيه كل المعاني والقيم الإنسانية والثقافية والإبداعية، ومؤكدة نجاح الدورات السابقة من الملتقى لسبب بسيط يكمن في حرص الضيوف على الحضور والمشاركة بأوراقهم العلمية الرصينة، وجهودهم الكبيرة للارتقاء بهذه التظاهرة الثقافية التي تجاوزت سمعتها الخليج العربي لتصل إلى العالم أجمع، وتحديداً منذ أضاف الملتقى اليمن والعراق في دورته الثانية، ومنذ قرر إضافة دولة عربية كضيف شرف يحل عليه في كل دورة. جلسات بحثية وعرض الملتقى خلال حفل إطلاقه فيلماً سينمائياً محلياً قصيراً بعنوان البحر يطمي، للمخرج حمد صغران، لتبدأ بعده فعاليات الملتقى، وكان أولها جلسة بعنوان قصيدة النثر: العلاقة مع التراث تواصل أم قطيعة؟، أدارها الشاعر عبدالرزاق درباس، وشارك فيها كل من الناقدة والباحثة الدكتورة الريم فواز من السعودية، والشاعر والباحث محمد البغيلي من الكويت، تبعتها شهادات قدمها عدد من المشاركين وهم الدكتور خليفة بن عربي من البحرين، والشاعر والإعلامي يحيى البطاط من العراق، والكاتب والشاعر إبراهيم الخالدي من الكويت، والأديبة صالحة غابش والباحث علي العبدان من الإمارات. كما أقيمت جلستان في الفترة المسائية، تناولتا السرد والفنون الأخرى، من حيث أشكال التفاعل، الضرورة، الجماليات والآفاق، أدارتاها الأديبتان نجيبة الرفاعي وفتحية النمر، وشملتا بحوثاً للدكتور عمر عبدالعزيز من اليمن، والدكتورة نانسي إبراهيم من مصر، إضافة إلى عدد من الشهادات للضيوف والمشاركين. كلمة الضيوف ألقى الدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان كلمة الضيوف، التي جاءت ضافية ومعبرة عما يكنه المثقفون الخليجيون والعرب تجاه الإمارات عموماً وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة خصوصا، لما يضطلع به سموه من دور متعاظم تجاه ثقافة الأمة العربية والاسلامية، مشيراً إلى أن الملتقى يعد فرصة قيمة لأكثر من 40 أديباً وناقداً ومثقفاً ومبدعاً وإعلامياً من الإمارات والبحرين والسعودية وعمان والكويت وقطر واليمن والعراق ومصر، ليجتمعوا في مكان واحد لتبادل الخبرات والنقاشات، وطرح الرؤى في قضايا أدبية مهمة، تعد جزءاً من تفاصيل واقعنا وهويتنا، مصدر معرفتنا لأنفسنا وللآخرين.
مشاركة :