رؤية 2030 والإنجازات المتحققة في المملكة العربية السعودية (2)

  • 2/24/2022
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬الخامس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2016‭ ‬أشهرت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬رؤيتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التنموية‭ ‬وتحقيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬اقتصادية‭ ‬شاملة،‭ ‬والتي‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ (‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‭). ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬الرؤية‭ ‬هي‭ ‬إطار‭ ‬فلسفي‭ ‬لأهداف‭ ‬المجتمع‭ ‬المستقبلية‭ ‬مدعومة‭ ‬بمؤشرات‭ ‬رقمية‭ ‬لتيسير‭ ‬صياغة‭ ‬الخطط‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬المديات‭ ‬المتوسطة‭ ‬والبعيدة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التقييم‭ ‬ومتابعة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وتعرف‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صياغة‭ ‬هدف‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬أهداف‭ ‬أو‭ ‬تخيل‭ ‬طموح‭ ‬أو‭ ‬تصور‭ ‬المستقبل‭ ‬لدولة‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬اقتصادي‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬معينة،‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬متضمنة‭ ‬تبريرات‭ ‬منطقية‭ ‬تحفز‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات‭ ‬أو‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬للفوز‭ ‬بمستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬المتوسط‭ ‬والطويل،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المستقبل‭ ‬تشكله‭ ‬القرارات‭ ‬والأعمال‭ ‬البشرية‭ ‬الراهنة‭ ‬للحكومات‭ ‬والمؤسسات‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬ومؤشرات‭ ‬رقمية‭ ‬ملزم‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بالوصول‭ ‬إليها‭ ‬وتحقيقها‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الزمنية‭ ‬المحددة‭ ‬مسبقا‭. ‬وقد‭ ‬عرفها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬أثناء‭ ‬تقديمه‭ ‬للرؤية‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬يسرني‭ ‬أن‭ ‬أقـدّم‭ ‬لكــم‭ ‬رؤيـة‭ ‬الحاضـر‭ ‬للمستقبل،‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬العمل‭ ‬بها‭ ‬اليـوم‭ ‬لِلـغد،‭ ‬بحيث‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬طموحـاتنا‭ ‬جميـعًا‭ ‬وتعكس‭ ‬قـدرات‭ ‬بلادنا‮»‬‭.‬ وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬تمثل‭ ‬مشروعَ‭ ‬إصلاح‭ ‬اقتصادي‭ ‬استراتيجي‭ ‬وطني‭ ‬شامل،‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬حاجة‭ ‬وإدراك‭ ‬وطني،‭ ‬وليس‭ ‬نتاج‭ ‬ضغوط‭ ‬خارجية،‭ ‬لذا‭ ‬جاءت‭ ‬مراعية‭ ‬لبيئة‭ ‬المملكة‭ ‬وثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬ومستوى‭ ‬وعيه‭ ‬ومعتقداته‭. ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الريعي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬متنوع‭ ‬الموارد،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬تعظيم‭ ‬إنتاجيته‭ ‬وإرساء‭ ‬قواعد‭ ‬ديناميكية‭ ‬لمتطلبات‭ ‬النهوض‭ ‬والتطور،‭ ‬مواكبة‭ ‬للمتغيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬والتقنية‭ ‬والعلمية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭. ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يؤمن‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مقابل‭ ‬مخاطر‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬ترافق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الريعي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحفيزه‭ ‬لجذب‭ ‬واستنبات‭ ‬التقنية‭ ‬والابتكار،‭ ‬وتوفيره‭ ‬المرونة‭ ‬في‭ ‬الروابط‭ ‬الصناعية‭ ‬المتداخلة،‭ ‬وفي‭ ‬عوامل‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وزيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬النفط،‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬استدامة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬ وقد‭ ‬أدركت‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬أهمية‭ ‬عنصر‭ ‬الزمن‭ ‬وأنه‭ ‬متغير‭ ‬لحظي،‭ ‬وحتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تصمم‭ ‬سياسات‭ ‬الإصلاح‭ ‬المؤثرة‭ ‬وتطبقها‭ ‬وتجني‭ ‬ثمارها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أو‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬إلى‭ ‬برنامج‭ ‬زمني‭ ‬محدد‭. ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬إجراءاتها‭ ‬متواصلة‭ ‬ومتنامية،‭ ‬فإن‭ ‬طالت‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬بين‭ ‬إجراء‭ ‬وآخر،‭ ‬فإن‭ ‬الإصلاح‭ ‬سيتشوه‭ ‬ويترهل‭ ‬ويتقادم‭ ‬ولا‭ ‬يحقق‭ ‬أهدافه‭ ‬وفلسفته،‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬ملاحقة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬استباقا‭ ‬للمستجدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتقنية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬نظرت‭ ‬بجدية‭ ‬وحزم‭ ‬لعنصر‭ ‬الزمن‭ ‬ورسمت‭ ‬سياساتها‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬احتياجات‭ ‬الحاضر‭ ‬وبما‭ ‬يقود‭ ‬ويتواصل‭ ‬ويخدم‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تغفل‭ ‬مؤثرات‭ ‬الماضي‭ ‬وقوة‭ ‬دفعه‭ ‬الإيجابية‭. ‬وهي‭ ‬تدرك‭ ‬تمام‭ ‬الإدراك‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التحدي‭ ‬الحضاري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يترك‭ ‬بصماته‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬والذي‭ ‬يتطلب‭ ‬تواصلا‭ ‬متسارعا‭ ‬لمسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتحديث‭ ‬والتنمية،‭ ‬ومواكبة‭ ‬ديناميكية،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬استباقا‭ ‬للمستجدات‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬والتنموية‭ ‬والتقنية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬حققت‭ ‬الرؤية‭ ‬نجاحات‭ ‬مشهودة‭ ‬خلال‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وارتقت‭ ‬بمعايير‭ ‬ومؤشرات‭ ‬التطور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬مراتب‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬تصنيفها‭ ‬وفقا‭ ‬للتقارير‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بالتنافسية،‭ ‬حيث‭ ‬صنفت‭ ‬المملكة‭ ‬بالدولة‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدمًا‭ ‬وإصلاحًا‭ ‬من‭ ‬بين‭ (‬190‭) ‬دولة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬ممارسة‭ ‬الأعمال‭ ‬2020‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬إذ‭ ‬حققت‭ ‬المرتبة‭ (‬62‭)‬،‭ ‬متقدمة‭ ‬بمقدار‭ (‬30‭) ‬مرتبة‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬وحصلت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬خليجيًا‭ ‬والثانية‭ ‬عربيًا‭ ‬من‭ ‬بين‭ (‬190‭) ‬دولة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬المرأة،‭ ‬أنشطة‭ ‬الأعمال‭ ‬والقانون‭ ‬2020‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬وحققت‭ ‬قفزة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬ترتيبها‭ ‬بمقدار‭ (‬15‭) ‬مرتبة‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬للقدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬العالمية‭ ‬2020‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬التنافسية‭ ‬التابع‭ ‬لمعهد‭ ‬التطوير‭ ‬الإداري،‭ ‬متقدمة‭ ‬إلى‭ ‬المرتبة‭ (‬24‭). ‬فيما‭ ‬حققت‭ ‬تقدمًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬التنافسية‭ ‬الرقمية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية،‭ ‬وحلت‭ ‬بالمرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬عالميا‭ ‬في‭ ‬المؤشر‭ ‬العالمي‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬نتيجة‭ ‬سياسيات‭ ‬الدعم‭ ‬والتمكين‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬الحكومة‭ ‬للنهوض‭ ‬بقطاع‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التطورات‭ ‬النوعية‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البنية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬الرقمية،‭ ‬والمشاريع‭ ‬الرقمية‭ ‬الضخمة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نضج‭ ‬التنظيمات‭ ‬والتشريعات‭ ‬الرقمية‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭. ‬ كما‭ ‬حققت‭ ‬المملكة‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عالميا‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مؤشرات‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬استجابة‭ ‬الحكومة‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‮»‬،‭ ‬و«استجابة‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‮»‬،‭ ‬ومؤشر‭ ‬‮«‬المعايير‭ ‬الغذائية‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وهذا‭ ‬المؤشر‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬مكونات‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي،‭ ‬وحافظت‭ ‬على‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عربيا‭ ‬في‭ ‬أبحاث‭ ‬الكيمياء‭ ‬وعلوم‭ ‬الأرض‭ ‬والبيئة‭ ‬والحياة‭ ‬والعلوم‭ ‬الفيزيائية‭.‬   { أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي  

مشاركة :