لن نعود إلى الوراء كثيرًا فالعودة إلى ما قبل ثلاثة عقود تقريبًا ربما تساعدنا على فهم.. لغز الإرهاب أو على أقل تقدير فهم جزء وجانب منه مهم لا تريد صحافة الغرب ان نفهمه لحل اللغز ولابقائنا وهذا هو الأهم في دائرة الاتهام التي أغلقوها على العرب والمسلمين تحديدًا وتخصيصًا. لا ننفي ولا نتهرب من المسؤولية لكننا في ذات الوقت لا نتحمل وزرها وحدنا فأطراف كثيرة في الغرب تتحمل معنا فهذه هي الحقيقة إذا أردنا الانصاف وإذا ما أردنا الفهم الصحيح دون انحياز عاطفي أو انفعالي. لن نسهب ولن نطيل ودعونا نقرأ سطورًا من كتاب الحروب غير المقدسة وهو كتاب سبق لي شخصيًا ان عرضت منه الجزئية التي سأعيد اليوم عرضها لظروف ومعطيات وأوضاع تستدعي ذلك وبعد موجة الذعر التي اجتاحت العواصم الغربية فجاءت ردات فعلها لتنال من العرب المسلمين جميعهم حيث ألقوا بالتبعات والمسؤولية بقضها وقضيضها على العرب المسلمين وحكوماتهم وتنصلوا من المسؤولية فيما وصلنا إليه. بعد تنصيبه بثلاثة أيام فقط استقبل ريجان في مكتبه البيضاوي شخصية احيط وصولها بجو من السرية شديد. وطبقًا لجون كولي محرر مجلة التايم فإن ريجان كان مشغول البال بقضية توفير نصيب امريكا في صندوق الجهاد، وقد سألته الشخصية ماذا تفعلون بالمضبوطات التي تصادرونها من الافيون والمخدرات في افغانستان. وهذه الشخصية الكبيرة هي دي ميرانش رئيس الاستخبارات الفرنسية، وأجاب ريجان بأنها تتلف. وقد أجاب دي ميرانش انني افهم انها تصادر لكن لماذا تتلف أو تحرق سيادة الرئيس. واقترح رجل المخابرات الفرنسي الاشهر ان تعمل إدارة ريجان على توصيلها إلى مافيا السوق السوداء التي تحترف بيع وتسويق المخدرات وقبض الثمن ومن ثم تسديد إدارة ريجان حصتها في الصندوق صندوق الجهاد من ثمن الافيون والمخدرات المصادرة. وبهذه الطريقة يفلت الرئيس الامريكي من احتمال رفض الكونغرس واعتراضه على دفع حصة أمريكا لاحراج الجمهوريين واحراج الرئيس الجديد آنذاك. ما يعنينا هنا الاستشهاد به ان الغرب والولايات المتحدة تحديدا مسؤولة مع غيرها في التأسيس الأول لهذه الظاهرة التي يحصرها الغرب وأمريكا بنا نحن العرب المسلمين وبحكوماتنا وهو الذي اشترك في تمويل وتدريب وترويج الظاهرة التي اصبحت بالنسبة له تهمة خطيرة يلوح بها في وجه كل عربي مسلم. وقد احتفى الغرب بالسيد حسن آغا العابدي باكستاني ورئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد والتجارة واحتفلت بجائزته التي خصصها باسم جائزة العالم الثالث لتعطي لشخصية غربية ولي برانت مستشار ألمانيا الاسبق.. بل واحتضنت الأمم المتحدة تلك الجائزة تحت خيمتها واقيم حفلها في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ثم اتهم الغرب حسين آغا العابدي بعد سنوات بتمويل الارهاب والاتجار في غسيل أموال المخدرات.. لا ننفي ولا نؤكد ولكننا نقدم شواهد وحقائق عن كيف كان الغرب وواشنطن جزءا من المسؤولية رئيسا في تأسيس الظاهرة ورعايتها. هل نحن بحاجة لان نقول ان مكتب المخابرات المركزية الأمريكية في بيشاور بعد انسحاب وانتهاء الحرب في افغانستان وانسحاب الجيش السوفيتي جمع أوراقه في ليلة واحدة وغادر المكان. انظر كتاب من نيويورك إلى كابول وكتاب الحروب غير المقدسة ومقالات وتحقيقات صحف أمريكية في مقدمتها مجلة تايم، فلسنا المسؤولين وحدنا عن وزر الظاهرة. فللتاريخ منطق وبراهين وذاكرة لا تنسى. لا نتهم، لكننا نعرض حقائق ووقائع وتفاصيل لا تعفي من يريد إعفاء نفسه والقاء التهم على العرب وعلى المسلمين فقط.
مشاركة :