لكي نفهم الجذور التاريخية لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل (1-2)

  • 2/7/2018
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

إن قرار أميركا إعلان القدس عاصمة لإسرائيل هو بالتأكيد صفقة غير دبلوماسية لـ22 دولة عربية ودول إسلامية أخرى، وإن جميع الدول العربية والإسلامية تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية ناجحة مع أميركا، ولكن أميركا تخلت عن دبلوماسيتها المعهودة وأعلنت رغبتها في نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ورفع الرئيس الأميركي وثيقة النقل ليريها للصحافيين بطريقة خلت من مراعاة الصداقة السياسية مع العرب، فالعرب لم يستفزوا أميركا بأي شكل من الأشكال، كما أعلن الرئيس الأميركي أيضا خفض مساعدات الأونروا للاجئين الفلسطينيين وهو نوع من العقاب لإجبارهم على قبول هذا الإعلان، وإجبارهم على الجلوس للتفاوض على ما تبقى من فلسطين بعد قضم القدس. لقد تابعت ما نشر عن زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس Mike Pence وخطابه في الكنيست الإسرائيلي الذي لم ينشر كاملا في الصحف المحلية، واضطررت إلى اللجوء إلى الجريدة الإسرائيلية جيروزاليم بوست والترجمة لهذا الخطاب شخصية وقد ترجمته بسبب خطورته. قراءة كلمة نائب الرئيس الأميركي إلى الشعب الإسرائيلي تكشف الجانب الديني اللاهوتي في هذا الخطاب، ولكي نفهم كيف تتعامل أميركا مع قضية فلسطين لابد أن نقتطع فقرات مختارة من هذا الخطاب. يقول نائب الرئيس الأميركي بنس للشعب الإسرائيلي: "إننا نقف مع إسرائيل لأن قضيتكم هي قضيتنا، وقيمكم هي قيمنا، وقتالكم هو قتالنا، نقف مع إسرائيل لأننا نعتقد بالصحيح ضد الخطأ وبالخير ضد الشر وبالحرية ضد الدكاتورية... ففي قضية اليهود نرى قصة أميركا، إنها قصة الخروج (من مصر) رحلة الخروج من الاضطهاد إلى الحرية، وهي قصة ترينا قوة العقيدة ووعد الأمل. إن المستوطنين الأوائل الذين اعتبروا أنفسهم حجاجا، بعثتهم العناية الإلهية لإقامة دولة موعودة جديدة، وكانت أغنيات وقصص الإسرائيليين هي نشيدهم الوطني، وعلموا هذه الأغنيات الإسرائيلية لأطفالهم، وكذلك فإن الآباء المؤسسين الأوائل (الأميركيين) رجعوا إلى حكمة التوارة العبرانية من أجل التوجيه والقيادة والإلهام، والرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن كتب لأبناء النبي إبراهيم، ورئيسنا الثاني جون آدمز قال إن اليهود قدموا إلى المدينة أكثر من أي شعب آخر ولعدة أجيال، فإن الأميركيين أصبحوا أقوى المدافعين عن الشعب اليهودي لكي يعود هذا الشعب إلى أرض الآباء الأوائل ليحتفلوا بولادة الحرية في موطنكم المحبوب حتى وأنتم مبعدون في أقاصي الأرض، من هناك جمعكم الرب وأعادكم إلى الأرض التي تملكها آباؤكم، ومنذ 2000 سنة وأنتم في المنفى وهو الأطول في العالم، ومن خلال التغلب عليكم والإبعاد والمحاكمات الدينية فإن الشعب اليهودي تمسك بهذا الوعد لأطول مدة، وخلال أحلك العصور ونحن هناك نكرم ضحايا الهولوكست الذين انبعثوا وبعثوا أنفسهم باستعادة مستقبل اليهود وبناء الدولة اليهودية. إن الرباط اليهودي لهذه المدينة غير المنقطع يعود إلى ثلاثة آلاف سنة، وهنا في أورشيلم فوق جبل موريا قدم إبراهام ابنه إسحاق ذبيحة للإله، وتم إعطاؤه قبس التقوى لإيمانه بالإله". هذه هي مقتطفات من خطاب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، بالتأكيد هناك تشابه بين غزو الإسرائيليين لفلسطين في عام 1312 قبل الميلاد وبين غزو المستوطنين الأوروبيين لقارة أميركا في القرن السابع عشر، وهذا التشابه ليس في الشكل فقط لكنه تشابه في الفكر والمضمون والفلسفة الدينية التي تبناها المستوطنون الأميركيون الأوائل الذين يطلق عليهم الآباء المؤسسون، وهم من طائفة البيوريتان Puritans وهم طائفة بروتستانتية متطرفة. يقول Terry randal Allen وهو أحد السياسيين المتدينين "لقد دعانا الإله من أجل أن نغزو هذه البلاد، ويجب أن يكون لدينا مسيحية تؤسس على قانون الإله في الوصايا العشر الإسرائيلية". أما الملك جيمس الأول ملك انكلترا فهو يقول "أميركا أرض كنعان والمحيط الأطلسي هو البحر الميت والمطهريون البيوريتان أنا فرعونهم". وفي هذا المعنى إعادة لإنتاج قصة خروج الإسرائيليين من مصر، وقد سمى المستوطنون مستعمراتهم الجديدة بأسماء توراتية بيت لحم، سينا عام 1776، وهناك من بينهم من تمنى أن تكون اللغة العبرية الأصلية للتوراة لغة للأرض الموعودة أميركا. ويقول عالم اللغويات اليهودي تشومسكي مزهوا "إنها حقيقة أن الأميركيين الأوائل كانوا عبرانيين خيرين وكانوا متشبعين في الأساس بتراث التوراة". (يتبع)

مشاركة :